الناس نيوز – شيكاغو
توفي في مدين شيكاغو في الولايات المتحدة الفنان التشكيلي السوري جورج ماهر، عن عمر 75 عاماً، تاركا وراءه أعملا فنية وتاريخا حفلا بالعطاء الفني.
ورثت الجالية السورية في الولايات المتحدة الرسام المعروف بأعماله التي تدور حول قضايا نفسية وفلسفية الموت والحب وصراع البقاء والحياة.
وقالت زميلته الفنانة السورية المعروفة عتاب حريب إن جورج كان “متعبا وحزينا ومحبطا مثل كل السوريين الأحرار، وقد أثرت عليه الغربة وشتاء شيكاغو هنا إضافة إلى مراقبته وطن بعيد ممزق” ولا يتسطيع أن يفعل من أجله شيئا.
وأضافت عتاب حريب المقيمة أيضا في الولايات المتحدة: ” من قبل ان اعرفه أعجبت بأعماله الأقرب لأعمال الكنائس والأيقونات ووجدانيات عصر النهضة بألوانها السماوية ومواضيعها الإلهية. كان مهتما بالأساطير والمرأة والخيل، يرسم بإتقان ويلون بخفة وإحساس عال، يفلت منه بعفويه توحي بالطيران والتحليق دائماً.”
ولد جورج ماهر في مدينة حمص عام 1945، وتخرج من أكاديمية الفنون الجميلة في برلين (ألمانيا الشرقية سابقاً) وعمل إلى جانب رسم اللوحات التشكيلية في فن الديكور وشارك بأكثر من /25/ معرضاً فردياً في أكثر من عاصمة ومدينة عربية وأوروبية.
ويعد “ماهر” من الجيل الثاني ما بعد الرواد حيث أثرى الحركة التشكيلية السورية والعربية بأعمال فنية مهمة. ويعد صاحب لغة فنية تشكيلية هي مزيج من التعبيرية والواقعية والرمزية وامتازت أعماله الفنية بتوظيف الأسطورة السورية القديمة التي انبثقت في بلاد ما كان يسمى- الهلال الخصيب.
الأسطورة السورية في أعمال جورج ماهر
واستلهم الفنان من الأساطير السورية معظم أعماله الموسومة بنزعتها التعبيرية القوية، فهو مصور في أدواته وأسلوبه التصويري الملحمي والمبالغ بتفاصيل الكتلة في الجسد الإنساني تحديداً ضمن سحابة لونية حركية وتصاعدية في البناء. وقد أنجز اثنتي عشرة لوحة مستوحاة من أسطورة “جلجامش”.
وتضيف الفنانة عتاب حريب عن جورج أن “شخصياته وخيوله تطير وتحلق بدرجات ألوان زرقاء وبنفسجية لامتناهية،” ثم علّقت بحزن وأسى: “ها هو الآن يحلق في ملكوته أخيرا مثقلا بجراح الوطن تعب من القهر و الاغتراب والوحدة.”
ولطالما شكّل اللون عاملاً أساسياً في تميّز تجربة الفنان الراحل جورج ماهر، كونه العنصر الوحيد الذي يعتمد عليه في الرسم والتشكيل والتصعيد الدرامي للأشكال.
درس الفنان في عام 1970 – 1975 السينوغرافيا (ديكور المسرح والسينما والتلفزيون) في برلين وحصل على شهادة الماجستير بدرجة امتياز .
وأقام بعدها أكثر من عشرين معرضاً فردياً ومشاركات هامة وعديدة في كل من ( لايبزغ، برلين ودريسدن في ألمانيا )، وثلاث مشاركات في “بينالي – أنترغرافيك” العالمي حصل من دورة 1973 على جائزة بابلو نيرودا .
وشارك منذ عام 1975 في معارض الدولة الرسمية داخل وخارج سوريا، ومنذ عام 1990 تفرغ الفنان الراحل للعمل في مجال العمارة الداخلية والفن.
جال معظم عواصم العالم ونال إثر ذلك “جائزة بابلو نيرودا” عن لوحته “الانتصار” من جمعية الصداقة الألمانية – التشيكية رسمها متأثراً بحادثة الانقلاب الذي قاده “بينوشيت” ضد “الليندي” في تشيلي، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية الرسمية داخل سوريا وخارجها، وله أعمال مقتناة في ألمانيا -فرنسا -يوغسلافية -النمسا – سورية – الولايات المتحدة وضمن مجموعات خاصة.
ونعى عدد من الفنانين التشكيليين السوريين زميلهم “ماهر”، حيث قال النحات “مجيد جمول” إن الوطن خسر “جورج ماهر” مرتين مرة عندما غادره والآن عندما يغادر الحياة.
وتابع: “أنا حزين لأجلك صديقي، سيبقى اسمك مشعّاً في ثنايا التشكيل السوري مهما ابتعد بنا وبك الزمن والمسافات”، ورأى الناقد التشكيلي “محمود مكي” أن “واقعية أعمال ماهر تميزت في مجملها بالحركة الديناميكية التي تندفع فيها أشكاله بقوة، وتتوثب فيها عناصره الواقعية نحو الأعلى بحركة اندفاعية قوية (الخيول – النساء – الرجال– عناصر الطبيعة في الحياة).
وتابع أن “كل شيء في أعماله يتحرك بقوة وعنفوان، وكأنها تمتشق الأفق الواسع لتتصل بضوء الشمس في سمائها الكبير”، فيما رأت الفنانة “قمر دروبي” أن ماهر الفنان ينجز أعماله ليس لزمنه فقط وإنما لأزمان قادمة بحيث يبقى أثرها حاضراً على مر الأجيال.