د. خالد عبد الكريم – الناس نيوز
توالت برقيات العزاء مساء أمس في وسائل الإعلام اليمنية من رئاسة الدولة وكبار المسؤولين بوفاة رئيس الوزراء اليمني الأسبق عبد القادر عبد الرحمن باجمال رحمة الله عليه.
أسهبت البرقيات في تعداد مناقب الفقيد باجمال ومدى الخسارة التي أصابت اليمن لفقدانه. وهناك من ادعى أنه كان مقربا منه ومنهم من انتقل الجمل والعبارات الرنانة كما تعودنا في مثل هذه المناسبات، مع أن أغلبهم كانوا حينها تلاميذ ومنهم من لم يلتقه في حياته.
عبد القادر باجمال رحمة الله عليه، على الرغم من اختلاف الآراء بشأنه لكن يبقى الأكيد أن الرجل كان له تأثيره في الاقتصاد والسياسة في اليمن وسيظل ذلك التأثير لعقود قادمة.
أثناء ترؤسه للحكومة اليمنية للمرة الأولى عام 2001م وضع عبد القادر باجمال أمامه مهمة الالتزام بتنفيذ توصيات البنك الدولي بشأن اقتصاد اليمن، تميز باجمال في تلك الفترة باتخاذ قرارات جريئة كالخصخصة وقرار وقف التوظيف الحكومي لمدة عشر سنوات، بمثل تلك الإجراءات نال ثقة البنك الدولي وقاد حينها عملية إصلاح اقتصادي منفتح عزز من اقتصاد السوق والتنافسية ورفع القيود وخفف من البيروقراطية، و تبنى خطة سميت إستراتيجية الأجور لرفع مستوى دخل الموظفين والعاملين في القطاع الحكومي، كانت تلك الإستراتيجية على مراحل، أتت ثمارها في تحسين المستوى المادي و المعيشي وخلق طبقة وسطى، في تلك المرحلة.
أختير عبد القادر باجمال مجددا لترؤس الحكومة اليمنية في العام 2003م، هذه المرحلة كانت فترة النقلة الاقتصادية الكبرى والمشاريع الضخمة التي لم تشهدها الجمهورية اليمنية من قبل .
تمثل ذلك بمشروع الغاز الطبيعي المسال في اليمن ومع العام 2004 بدأت الخطوات العملية في مد خط أنابيب رئيسي من حقل الغاز في مأرب إلى منطقة بلحاف في شبوة على البحر العربي لمسافة طولها حوالي 320 كم، وفي أغسطس من العام 2005م وقَّعت الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال بإشراف عبد القادر باجمال بصفته رئيسا للحكومة على عقود بيع طويلة الأجل (تمتد لعشرين سنة) مع ثلاثة من كبريات الشركات العالمية، وهي شركة سويس للغاز الطبيعي المسال ومؤسسة الغاز الكورية الجنوبية(كوغاز)، وشركة توتال للغاز والطاقة المحدودة ،وبلغت تكلفة المشروع حوالي 4 مليارات دولار أمريكي.
رغم الانتقادات الكثيرة التي وجهتها المعارضة لمشروع بلحاف الغازي إلا أن المشروع ربط بين المحافظات الشمالية والجنوبية حاملاً بعداً وحدوياً، وكذا عمل على توفير الآف من فرص العمل وأسهم في اكتفاء السوق المحلي من الغاز، وتحسنت الكهرباء بإنشاء محطة كهرباء مأرب الغازية ضمن المشروع، بالإضافة إلى تدريب وتأهيل الكوادر اليمنية على طريق يمننة المشروع مستقبلا.
لا يستطيع أحد تجاهل كفاءة باجمال الاقتصادية وشجاعته في اتخاذ القرار ، حتى خصومه لم ينكروا عليه ذلك.
عند اختياره مجددا لتشكيل الوزارة الجديدة في العام 2006م غلب عبد القادر باجمال السياسي على الاقتصادي، فشرع بإصلاحات سياسية بدأها بفسح المجال للجنوبيين في المشاركة في الأطر القيادية العليا لدولة الوحدة فكان أكثر من نصف وزراء حكومته ينتمون للجنوب، وترأس لجان الحوار مع المعارضين للرئيس السابق علي عبد الله صالح في أحزاب اللقاء المشترك ، و توسع في النشاط السياسي ليكون الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام الحاكم في تلك الفترة. بذلك شكل حاجز صد وجنّب الرئيس اليمني السابق كثيرا من المواجهات السياسية، فكان من أكثر السياسيين قربا منه.
لن أستطرد كثيرا في الحديث عن عبد القادر باجمال، القومي ثم الماركسي الذي تشرب كتاب رأس المال، وكانت المادية الديالكتيكية مرجعه في بداية عمله نائبا لسكرتير الدائرة الاقتصادية للحزب الاشتراكي اليمني في جنوب اليمن قبيل الوحدة، لكن أترك لكم الاطلاع بعجالة على سيرته العملية.
- مـن مواليد 18 فبراير 1946م في مديرية سيئون، محافظـة حضرموت.
ـ بكالوريوس تجارة جامعة القاهرة عام 1974م.
ـ دورات تخصصيـة فـي التخطيـط والإدارة الماليـة خلال عامي 78 – 1979م.
ـ نائب لسكرتير اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني 1978م.
ـ نائب أول لوزير التخطيط في جنوب اليمن 1979م.
ـ محاضر في كلية الاقتصاد جامعة عدن 78م ـ 1980م.
ـ عضو باللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني 1980م.
ـ وزير الصناعة في جنوب اليمن عام 1980م.
ـ وزير الطاقة والمعادن في جنوب اليمن عام 1985م.
ـ سجن عقب أحداث 13 يناير 1986م، مدة ثلاث سنوات وثلاثة اشهر.
ـ توجه إلى شمال اليمن عقب خروجه من السجن، ليلتحق بالمعارضين لنظام ما بعد أحداث 1986م في الجنوب.
ـ عضو بمجلس النواب لدولة الوحدة في مايو 90م.
ـ عضو باللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام، كما انتخب عضوا باللجنة العامة بعد المؤتمر في 1990م.
ـ رئيس للهيئة العامة للمناطق الحرة عام 1991م.
ـ نائب رئيس الوزراء في مايو 1994م.
ـ نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط والتنمية في أكتوبر 1994.
-وزير التخطيط والتنمية في 1997م.
ـ نائب رئيس الوزراء وزير للخارجية في مايو 1998م.
ـ رئيس للوزراء لثلاث فترات متتالية 2001 و2003 و2006، مؤكدا حضوره كحليف قوي للرئيس السابق علي عبد الله صالح.
-في أبريل 2007، عُزل باجمال من منصبه ليعين مستشاراً لرئيس الجمهورية، كما اختير أميناً عاماً لـ”حزب المؤتمر الشعبي العام”.
-في 26 من أبريل 2008، دخل باجمال في غيبوبة إثر إصابته بجلطتين متتاليتين (قلبية ودماغية) بينما كان في سنغافورة التي وصلها لتسلم “جائزة أبطال الأرض” المقدمة من برنامج الأمم المتحدة للحفاظ على البيئة، ومع إصابته بجلطتين دخل في غيبوبة في أحد المستشفيات هناك ، قبل أن يتماثل لشفاء جزئي عام 2010، بعدها انتقل للإقامة في أبو ظبي حتى رحل عنا مساء أمس رحمة الله تغشاه .