ألمانيا – حسام حميدي – الناس نيوز :
هي واحدة من أصعب الأمور، التي قد تواجهك في ألمانيا، يقول الشاب، هادي الإدلبي، للناس نيوز، ملخصاً معاناته لأكثر من عامين متواصلين مع محاولته المتكررة لإصدار رخصة قيادة في البلد الذي وصله قبل عامين، مشيراً إلى أن صعوبة الإجراءات دفعت الكثير من المتقدمين إلى محاولة الحصول عليها بطرق ملتوية توفيراً للوقت.
كاميرات مخفية، وأقصر الطرق أطولها.
يشير الشاب هادي، إلى أن امتحانات الحصول على رخصة القيادة تتم على شقين النظري والعملي، موضحاً: “في الشق النظري، هناك 1200 سؤال يجب على المتقدم حفظها، ولكن على الرغم من وجود نسخة عربية من تلك الأسئلة إلا أن سوء ترجمتها والاختلاف الكلي للقواعد المرورية، أدت إلى فشل الكثيرين في تجاوزها، وإعادة الامتحان النظري عدة مرات، ما شجع عددا من اللاجئين على تشكيل مجموعات مختصة بعمليات الغش، ومساعدة المتقدم على تجاوز الامتحان مقابل مبالغ مالية معينة يتم الاتفاق عليها مسبقاً”.
بحسب شهادة الإدلبي، فإن عملية الغش تتم من خلال تركيب كاميرا مخفية في ثياب المتقدم لتصور شاشة الحاسوب أمامه أثناء الامتحان، في حين يكون الطرف الآخر خارج القاعة يلتقط الأسئلة ويعطي أجوبتها للمتقدم في الداخل عبر سماعات مخفية، لافتاً إلى أن تلك المجموعات بدأت تنشط بشكل كبير في ألمانيا خلال الأعوام القليلة الماضية، وبدأت تنتشر تجارة “رخص القيادة” بشكل واسع.
ومن تجربته الخاصة، يلفت الإدلبي إلى أن تلك التجارب ليس بالضرورة أن تكون ناجحة، خاصة مع إمكانية وجود عطل تقني أو عدم جدية الطرف الأخر، إلى جانب إمكانية ضبط المتقدم للامتحان، مضيفاً: “كنت أحد الذين أرادوا سلوك هذا الطريق كونه الأقصر، إلا أنني فشلت لأربع مرات متتالية، في آخرها تم ضبطي ومنعي من التقديم إلى الامتحان لمدة عامين، وحتى الآن لم أتمكن من إصدار الشهادة على الرغم من إنفاقي مبالغ كبيرة تتخطى تكلفة إصدار الرخصة”.
تجارة مربحة ومبالغ مرتفعة
أمام انتشار ظاهرة استخدام الكاميرات كوسيلة للغش في امتحانات القيادة النظرية، يكشف مصدر خاص للناس نيوز، أن الأجور التي يتقاضاها أصحاب تلك الكاميرات، تتراوح بين 600 إلى 1700 يورو، وذلك يرتبط بمكان الامتحان ومسافته، موضحاً: “إذا كان المتقدم في مدينة أخرى أو ولاية أخرى، فإن المبلغ يصل إلى 1700 يورو، في حين أن التكلفة الإجمالية للدورة النظرية بما فيها الامتحان وتقديم الطلب، لا تتجاوز 400 يورو”.
إلى جانب ذلك، يؤكد المصدر أن كثيرا من المتقدمين يتعرضون لحالات احتيال، على اعتبار أنه في حال رسوبه واستخدامه للكاميرا مرة أخرى، يعني أنه سيدفع المبلغ مرة جديدة، لافتاً إلى أن الأمر تحول فعلاً إلى تجارة رابحة، لا سيما وأن أصحاب تلك الكاميرات يعتمدون على فكرة أن المتقدم حتى ولو تعرض لعملية نصب أو احتيال، فإنه لن يشي بهم، خوفاً من الملاحقة القانونية، التي قد تصل إلى الحرمان من التقدم للحصول على الرخصة وربما الغرامة المالية، بحسب قانون كل ولاية.
وكانت تقارير ألمانية قد كشفت عن وجود ما يصل إلى 15 ألف شخص حصلوا على رخص القيادة عن طريق الغش والاحتيال، في ولاية شمال الراين-فيستفاليا وحدها.
عقبة جديدة ومعضلة الامتحان العملي
على الرغم من تجاوز الكثيرين للامتحانات النظرية، إلا أن معظم المتقدمين بحسب ما يؤكد المصدر، يفشلون بتجاوز الامتحان العملي، مشيراً إلى أن فقدان المتقدم للمعلومات النظرية يفقده القدرة على فهم قوانين البلاد وقواعد السير، وهو ما يؤثر على كفاءته في القيادة أثناء الدورة العملية والامتحان العملي، الذي تكاد عمليات الغش أو الاحتيال على القانون فيه معدومة، على حد قوله.
يضيف المصدر: “نسبة عالية من اللاجئين تحديداً وخصوصاً من الذين لا يجيدون اللغة الألمانية، يضطرون لإعادة الامتحان العملي ثلاث أو أربع أو خمس مرات، كونهم لا يملكون أي فكرة عن قواعد السير، وكثير منهم بعد حصولهم على الرخص يرتكبون حوادث سير بعضها يرتقي للمستوى الخطير، والذي قد يكون فيه ضحايا بشرية”، معتبراً أن اللجوء إلى حالات الغش يكون مكلفاً أكثر من إعادة الامتحان بعدة مرات، لا سيما وأن بعض اللاجئين دفعوا مبالغ تصل إلى 5000 يورو بسبب رسوبهم المتكرر في الامتحان العملي.
وكانت الشرطة الألمانية سجلت ارتفاعا في مستوى حوادث المرور خلال عام 2019، بنسبة 1.9 بالمئة، عما كان عليه الحال عام 2018، ليصل إجمالي الحوادث المسجلة، 2.7 مليون حادث، وفقاً لما نشره موقع ADAC.
كما يوضح المصدر مدى أهمية إدراك وفهم المتقدم لما هو وارد في الشق النظري من امتحانات القيادة، لتجاوز الشق العملي، والقدرة على القيادة ضمن الشوارع الألمانية، لافتاً إلى الاختلاف الجذري في قوانين السير بين سوريا والمنطقة العربية عموماً وبين ألمانيا والدول الأوروبية، وهو ما يفسر من وجهة نظره أسباب ارتفاع معدل نجاح الأشخاص، الذين لم تسبق لهم القيادة في بلدهم الأم، مقابل من يملكون رخص قيادة سابقة مصدرها البلد الأصلي .