الناس نيوز – شمس الحسيني
أثبت السوريون في كل البلاد التي حطوا رحالهم فيها أنهم يمتلكون ميزات مضافة إلى المجتمعات التي دخلوها، وقد ازداد عدد المهاجرين بعد اندلاع الثورة السورية في 2011 مع تقديم الدول الأوروبية فرص النجاة للقادمين إليها، ومنها “النرويج”، التي تعد بين أكثر الدول المسالمة في العالم.
روج نخلة فتاة سورية مواليد 1986 من محافظة السويداء، نشأت في أرياف مدينتها الجنوبية الهادئة، وانتقلت مع عائلتها إلى دمشق بعد الحصول على الشهادة الثانوية، حيث كانت دمشق صانعة للأحلام ولا تخذل أحداً حتى العابرين على هامش ضوعها.
مع بداية الثورة السورية بدأت دمشق تتحول إلى سجن مفتوح، مطوق بالحواجز الأمنية من كل الاتجاهات، بالإضافة إلى الخراب الذي حل فجأة في المدن الأخرى.
قررت روج وزوجها الهجرة إلى الخارج، وبعد التنقل في عدد من البلدان سافرا إلى النرويج، ومرا بتجربة قاسية بداية الأمر في كامب مشترك، مع عدد كبير من المهاجرين من مختلف بقاع الأرض؛ إلى أن حصلا بعد أشهر على بيت في “رويكن” وهي إحدى بلدات محافظة “بوسكرود” جنوب غرب العاصمة أوسلو.
تعتبر اللغة إحدى أدوات التواصل الهامة، حتى في البلدان العربية وبين العرب، مع اختلاف لهجاتهم ومرجعياتها، لكن في بلاد المهجر تزداد أهمية اللغة كعامل أول للاندماج في المجتمع الجديد والقدرة على بناء حياة متكاملة تنسجم مع بنيته الفكرية الخاصة.
تقول روج: “تعلمت اللغة في أشهر قليلة لا تتجاوز الأربعة، وضمن أنشطتي وتواصلي مع محيطي تمت دعوتي من قِبل بلدية “رويكن” لأكون مقدمة حفل موسيقي كبير يشارك فيه فنانون محليون بتاريخ 9/10/2015م.
تم افتتاح الحفل من قبل عمدة رويكن (رون كيلوستاد) ووقفت الفتاة السورية على المسرح تقدم الفرق الموسيقية باللغة النرويجية، واثقة بقدرتها على تقديم المزيد، فكانت الفقرة التالية مسرحية من تأليفها بعنوان ” كاريوس & باتروس” تحدثت فيها عن مخلوقات خرافية تعيش مغامرة حياتية جميلة.
وفي نهاية الحفل قدمت خاطرة شعرية تناجي فيها دمشق، قرأتها باللغتين العربية والنرويجية ليشتعل المسرح بالتصفيق.
هذه الرسالة التي يحملها السوريون إلى كل أرجاء العالم، مفادها: ” لم نخلق لنقتل بشتى آلات الحرب المسعورة، خلقنا لنحيا ونزرع في الأرض إبداعنا وعبق أرواحنا”.
وتضيف روج حول مشاركتها في رحلة استكشافية: شاركتُ مع فريق من جنسيات متعددة برعاية الملكة “سونيا كارل أُوجاست هارلدسن” (ملكة النرويج)، في رحلة استكشافية نحو الطبيعة، تهدف إلى دمج اللاجئين بالمجتمع المحلي، ومنحه فرصة للتعرّف على الغابات في النرويج؛ حيث تتصدّر الأخيرة عالمياً في تبني سياسة الحد من إزالة الغابات، وقد تعهد البرلمان النرويجي بالمحافظة على الغابات المطرية، وجاء هذا التعهد ضمن توصيات اللجنة الدائمة للطاقة والبيئة في البرلمان.
حملت روج الروح السورية الفاعلة، وتميزت خلال الرحلة بمعرفتها، وسعة اطلاعها ووجودها الذي عزز علاقتها بالآخرين، ولفت انتباه الملكة فأثنت على مشاركتها بعد أن شاهدت الفيديو الموجود حالياً على موقع اليوتيوب.
– تعمل روج حالياً موظفة في مول تجاري وهي مرشحة لتنال جائزة أفضل موظف من بين عدد كبير جداً من الموظفين ضمن 420 فرع للمول نفسه في النرويج.
تم تأجيل حفل توزيع الجوائز للموظفين بسبب انتشار “فيروس كورونا”، وموت أول حالة مكتشفة في النرويج.
كما أعلنت وزارة الصحة النرويجية، ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس من 620 إلى 864 حالة.
وأدى انتشار الفيروس إلى تعليق الرحلات الجوية، وتأجيل فعاليات رياضية وسياسية واقتصادية حول العالم، وسط جهود كبيرة لاحتواء المرض.
لكن الأمل يبقى دائماً بحياة أفضل، ومواجهة كل الظروف لبناء مستقبل جديد، هكذا فعل السوريون: قاوموا الجلاد، وشقوا عباب البحر نحو بلاد تحتضنهم، ليزهروا في بقاع المعمورة أرواحاً بألوان مختلفة.
