د . رضوان زيادة – الناس نيوز ::
منذ بدء الحرب في أوكرانيا وروسيا تردد نفس التكتيكات التي استخدمتها في سوريا، لكن الأفظع منها على الإطلاق هو ترديد الأكاذيب من منبر مجلس الأمن في الأمم المتحدة، حيث تحتل روسيا مقعداً دائماً هناك.
في عام 2016 بدأ المندوب الروسي، ومن على منصة مجلس الأمن بترديد معلومات ليست مغلوطة عن الضربة الكيماوية الأخيرة في الغوطة الشرقية، وإنما مجرد أكاذيب وتلفيقات، لقد ردد المندوب الروسي الذي استغرق في التفاصيل مجموعة من التلفيقات التي تجعل أي مراقب يشعر بالصدمة، كيف أن دولة تعتبر نفسها عظمى وتحتل عضواً دائماً في مجلس الأمن بناء على ذلك، تردد مجموعة من الأكاذيب التي اختلقتها بالكامل ولا تخضع نفسها أو مسؤوليها لميزان الحقيقة والمصداقية.
حيث بدأ هذا المندوب بذكر أسماء القرى والمدن السورية، بل تكرار أسماء بعض الأشخاص السوريين، وواضح أنه يجد صعوبة كبيرة في نطق الأسماء حتى أنه بدا من المضحك جداً لفظ أسماء ليس لها علاقة بالواقع، أو بما يقوله مطلقاً، لكن من سيحاسبه أو يسأله، أعضاء مجلس الأمن الآخرين ربما ينتقدونه لكن من يسأل إن كانت هذه المعلومات صحيحة أم مغلوطة.
وما دامت روسيا عضواً دائماً في مجلس الأمن فمن سينازع عليها مقعدها، وهذا ما حصل عندما قام المندوب الروسي مجدداً في عام 2022 بتكرار الأحداث في أوكرانيا، على عكس كل ما يراه العالم من صور قادمة مباشرة من أوكرانيا. إنه تكرار لنفس السيناريو الذي قامت به روسيا من قبل في سوريا.
واليوم نقلت وسائل الإعلام الخطاب الذي تحدث به بوتين أمام آلاف من المواطنين الروس بمناسبة “الاحتفال بالذكرى الثمانية بضم شبه جزيرة القرم”، المستمع للخطاب يدرك حجم الحقائق التي يحجبها الإعلام الروسي عن مواطنيه بأمر من الرئيس بوتين نفسه.
لقد وصف الحرب العدوانية على أوكرانيا بأنها عملية عسكرية محدودة، رغم أن القوات الروسية قصفت كل المدن الأوكرانية كلها بدون استثناء، كما يقوم الجيش الروسي بحصار عدد من المدن الأوكرانية من مثل ماريونوبل حصاراً شبيها بحصار حلب، رغم ذلك يردد بوتين أن هذه العملية “الجراحية” هي فقط لحماية المواطنين الروس في دونباس من “الإبادة” التي يتعرضون لها على يد “النازيين الجدد” في أوكرانيا.
وكأن الحل الوحيد لحماية هؤلاء المواطنين الروس هو تدمير أوكرانيا على رأس سكانها الـ 40 مليون. وتحويل مواطنيها إلى لاجئين ومهجرين، لقد تحول بوتين إلى رئيس يعيش في فقاعته الخاصة وهذا مؤشر خطير على ديكتاتور يملك أسلحة نووية، حيث يمكنه أن يصبح أكثر خطورة وتهديداً للعالم.
تقدمت البروبوغاندا الروسية مرة أكثر تقدماً في الاستخفاف بالمجتمع الدولي، تريد منا أن نصدق أن عشرات الضحايا في أوكرانيا ليس لهم وجود، وأن آلاف الصور والفيديوهات التي نشاهدها يومياً لا حقيقة لها وإنما هي من اختراع الإعلام الغربي، وأن كل هذه الفيديوهات قد تم فبركتها بشكل كامل من قبل “إمبراطورية الكذب” كما وصف بوتين الغرب بأكمله.
تخاف روسيا من الحقيقة وتخاف أكثر أن يعرف مواطنوها هذه الحقيقة، ولذلك تقوم بكل ما تستطيع لحجب الحقيقة عن مواطنيها، إنها تهدف إلى أعادة بناء الستار الحديدي أيام الاتحاد السوفيتي، لكن مع عصر التواصل الاجتماعي من المستحيل إعادة بناء هذا الستار مرة أخرى، إذ لابد من انتشار الحقيقة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وبالرغم من أن روسيا تستخدم وسائل التواصل هذه بكثافة من أجل بث دعايتها المسمومة وأخبارها الملفقة فإن إيماننا وإخلاصنا للحقيقة يجب أن يدفعنا دوماً إلى اعتبارها كمبدأ رئيس خلال نشرنا أو كتابتنا للأخبار، لأن الحقيقة دوماً صديق الضحية وأن المجرم دوماً يخاف النور كما الحقيقة، ويحاول طمسها بكل ما يستطيع وهو ما لن تستطيع روسيا القيام به أبداً، مع ملايين المستخدمين من وسائل التواصل الاجتماعي حتى ولو استغلت أقوى منبر في العالم وهو منصة مجلس الأمن التي من المؤسف أن تصبح منبراً لترداد الأكاذيب والأخبار المزية والملفقة.