كتب الصحفي السوري-الهولندي جورج كدر منشورا على صفحته على فيسبوك، قال فيه:
“هكذا وفي ظل كارثة القرن يتكشف الوجه الحقيقي للحكومات الأوربية. فهذا نظام الرعاية الصحية في بلد متطور كهولندا يتحول إلى مسلخ. لن تصدقوا ما ستقرؤونه خاصة ان نظام الرعاية الصحية في هولندا يعد الأغلى في العالم ويظل المواطن يدفع فيه كل فترة شبابه ليحمي اخرته فيأتيه اتصال من طبيبه العام يحطم نفسيته.
يقول خبر صحيفة التلغراف الهولندية الشهيرة: إن كبار السن في هولندا مصابون بالذعر فالطبيب العام في بعض المناطق الهولندية اتصل بمرضاه من كبار السن وسألهم في زمن الكورونا بكل براءة: “هل ترغبون بالذهاب الى المشفى لدخول العناية المشددة في حال مرضكم أم الاعتناء بكم في المنزل مع اقتراب نهاية حياتكم؟ يعني لتموتوا بسلام في منازلكم.
عندما كتبت قبل أيام عن براغماتية أوروبا لامني بعض الأصدقاء؛ المقال انتشر بين جمهور الفسابكة والتويترية والواتسية مفاده ان الإنسانية في هذه البلاد مجرد شعارات واهية في بلاد لا ترى من المواطن الا بقرة حلوب وتهتم به وترعاه بقدر ما يظل قادة على خدمتها تماما كمن يدلل خروف العيد ليضحي به أو أيام العبيد حيث كان يتم الاهتمام بهم وتدليلهم بحسب قوتهم…حتى انها عندما فتحت ذراعيها للاجئين ما كان ذلك الا بقدر حاجات أسواقها لعبيد يؤدون مهاما يحتاجونها وليس المهم تاريخ الأشخاص وتحصيلهم المهني والعلمي.
سقطة أخلاقية مرعبة …مخيفة في زمن الكورونا الذي تترك له أوروبا حرية حصد كبار السن لتريح خزينتها من مصاريفهم وهم الذين بنوها ودفعوا زينة شبابهم لخدمتها وتطورها.
إذا لم يستطع كورونا ان يقود البشرية إلى ثورة أخلاقية، فالف وباء ووباء لن يكفي لنكتشف زيف الإنسانية التي ندعهيها
المقال الذي شاركته عن براغماتية أوروبا و سؤال العجائز في أوروبا فيما إذا كانوا يرغبون بالموت في منازلهم أم الذهاب للعناية المشددة فيما لو تعرضوا للإصابة بفايرس كورونا. طبعا فحوى المقال تبدو أنها معارضة تماما لفكرة الرافاة بكبار السن التي طرحتها في رأيي. و لكننا يجب ان لا ننسى أن الأوروبيين كما قال صاحب المقال براغماتيين جدا و فكرة الموت الرحيم مطروحة في أدبيات طبهم على أنها تحمل احتراما للحرية الشخصية. طبعا المؤسسات الكنسية ترفض هذه الأطروحات و لكن الموت الرحيم قانوني في سويسىرا و هناك مشروع قانون لجعله قانونيا في ألمانيا أيضا بشرط موافقة الميت/ العجوز أو المريض.
هذه مسألة فلسفية صعبة جدا” و أعمق من مجرد الإصابة بفايروس كورونا و لكنها لاتنبع برأيي من منبع القساوة و عدم الاكتراث بالعجائز و إنما تنبع من منابع فكرية براغماتيه و فلسغية بحتة يصعب علي الحقيقة هضمها أو الموافقة عليها أ استقبالها بإيجابية و إن كنت أتفهمها.
*****
ردود كثيرة
ردود كثيرة جاءت من أشخاص مختلفين، معظمهم مقيم في أوروبا وبينهم من هو مقيم في هولندا نفسه.
أدناه بعض الردود:
نصار يحيى، سياسي سوري ومعتقل يساري سابق، كتب:
“هل تصدق هذه الترهات الأيديولوجية بقايا زمن الأوهام؟كما تعرف أنا اعيش بهولندا وهذا الرأي تجده عند الكثيرين خاصة جماعة “اهل الفرنجة والكفرة “وجماعة “الرأسمال المتوحش”. إطلاق الأحكام بهذه الطريقة هي حالة مأساوية تنهل من الماضي العتيق للايديولوجيا التي تحاول إثبات وجودها بهكذا ازمات، كما الاصوليات الدينية؟! تعميم خبط عشواء اما للفت أنظار العصبويين واما لزيادة اللايكات في زمن الحجر الصحي وتكالب الفيس بوك.”
وكتب القاص والمسرحي عمرو سواح المقيم في فرنسا:
“من خلال تجربة عشتها في فرنسا هاد الخيار موجود حتى قبل الكورونا.. سواء مشفى او بيت او مركز مخصص والهدف من هاد الشي اتاحة الوقت للمريض المصاب بمرض عضال الالتقاء بأكبر عدد من أفراد العائلة.. وبالفعل بيتحول بيت المريض لمشفى مصغر فيه كل التجهيزات وممرضين بيزوروه بالاوقات اللازمة وعنده الحرية يودع أهله. هلق بوقت كورونا بظن انه هي سياسة براغماتية وسياسة دولة عم تحاول تزاجه جائحة عالمية.. ما بعرف قديش صحيحة أو خاطئة.”
وكتب خليل ترحوني المقيم في كندا:
“نظرية المؤامرة بان الهدف هو التخلص من كبار السن غير المنتجين هذا برأيي خطأ. وكما نعرف معظم الديموقراطيات الغربية لديها نظام تأمينات اجتماعية وتقاعد. ولذلك الأغلبية العظمى من كبار السن هؤلاء سواء في بيوت nursing home او retirement home لا يكلفون الدولة بنسا واحدًا لان ما ذكرت أعلاه تغطي تكاليف معيشتهم وإقامتهم حتى الوفاة. بل بالعكس ان هذه البيوت توفر ألوف الوظائف لصغار السن لخدمة كبار السن وهي بالتأكيد ليست مجانية او تطوعية. وبالعكس من ذلك ان الدولة تضخ أموالًا طائلة على العاطلين من الشباب الذين هم في سن العمل. في كندا الدولة تنفق فقط على كبار السن ممن ليس له دخل تقاعدي (وهي نسبة ضئيلة) او العاجزين عن العمل بسبب أمراض او إصابات وكذلك مساعدات للأسر ذوي الأطفال تحت سن ١٨ . العجز في ميزانية كندا مثلا سوف يرتفع بعشرات المليارات لانها بسبب هذه الأزمة سوف تقدم مساعدات وقروض بمبلغ ٨٥ مليار دولار. فأين مصلحة كندا مثلا من وباء الكورونا رغم انها من الدول الأقل تأثرًا حتى الان نسبة للدول الرأسمالية؟”