فجّر وباء كورونا حرب تصريحات واتهامات بعمليات قرصنة وسطو على معدات ومواد طبية، أبطالها ليسوا بعصابات إجرامية بل دول وحكومات، في مشهد يعيد الذاكرة لسنوات من حوادث القرصنة بمنطقة القرن الأفريقي وخليج عدن.
ونقلت وسائل الإعلام تونسية تصريحات إعلامية لوزير التجارة في تونس محمد المسيليني أعلن فيها عن عملية سرقة في عرض البحر تعرضت لها باخرة شحن محملة بمادة الكحول الطبي كانت موجهة إلى تونس من الصين وتم تحويل وجهتها إلى إيطاليا.
واعتبر الوزير المسيليني أن جميع الدول الأوروبية تعيش حالة من الهستيريا ولذلك حدثت سرقة معدات خوفا من هذا الفيروس.
وأوضح المكلف بالإعلام في الوزارة نسيم نصري للجزيرة نت أن الحادثة أقرب إلى “القرصنة التجارية” منها إلى السطو، بعد أن اختارت الشركة المنتجة للكحول في الصين بمحض إرادتها تحويل وجهة الباخرة المحملة بالكحول الطبي إلى إيطاليا بعد تلقيها عرضا ماليا أكبر للحمولة في ظل ارتفاع الطلب العالمي على هذه المادة.
إيطاليا تتهم التشيك
وتعرضت إيطاليا بدورها إلى “عملية سرقة من جارتها التشيك” بحسب وسائل إعلام إيطالية والتي أعلنت “استيلاء سلطات براغ على الآلاف من الكمامات الطبية كانت مرسلة من الصين إلى إيطاليا”، في حين أكدت التشيك أنها “صادرت الأقنعة في إطار عملية ضد مهربين”.
وبحسب ما نشرته صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية السبت، فقد قامت التشيك بمصادرة الآلاف من الأقنعة الطبية الموجهة من الصين نحو إيطاليا تحت غطاء عملية أمنية ناجحة لشرطة براغ في إحباط عملية تهريب لمئات الآلاف من الأقنعة الطبية خارج البلاد.
وأقرت سلطات التشيك على لسان وزير داخليتها يان هاماتشيك بمصادرتها 680 ألف قناع واق وأجهزة تنفس في مستودع شركة خاصة في لوفوسيتشي بشمال براغ، وبعد تحقيقات تبين أن جزءا قليلا من هذه المصادرة هي هبة صينية لإيطاليا، معربا عن أسفه للحادثة وأن بلاده تجري مشاورات مع الصين وإيطاليا.
من جانبه، قال وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي لويجي دي مايو، إن مشكلة نقص الكمّامات الوقائية قد تم حلها، وإن “الدبلوماسية تنقذ الأرواح أيضا”، بحسب ما نشرته وكالة “آكي” الإيطالية نقلا عن صحيفة “إل فاتّو كووتيديانو”.
وأوضح الوزير للصحيفة الإيطالية ذاتها، “حاجة إيطاليا إلى مئة مليون كمامة شهريا وعشرة آلاف جهاز تنفس، وفقًا للتوقعات الخاصة بتطورات انتشار فيروس كورونا”، لافتا إلى إبرام سلطات بلاده لعقد مع الصين لسد حاجيات البلد الموبوء.
وأشار الوزير في المقابلة الصحفية ذاتها إلى رفع بلاده الحظر عن حمولات أوقفتها بلدان عديدة، منها تركيا والتشيك ورومانيا ومصر، لافتا إلى أن هذه الشحنات توقفت بسبب منع هذه الدول من تصدير المواد الطبية تحسبا للوضع الوبائي في بلدانها.
وأشار الصحفي التونسي بقناة “راي 1” الإيطالية صالح المثناني في تصريح للجزيرة نت إلى أن إيطاليا بدأت فعليا في تطويق أزمة نقص الكمامات وأجهزة التنفس من خلال إرسالها طائرات خاصة نحو الصين وتركيا ودول أخرى لجلب كل المعدات التي تحتاجها، بحسب ما أعلنه مفوض شؤون فيروس “كوفيد-19” في إيطاليا دومينيكو أركوري.
وشدد على أن الإعلام والشارع الإيطالي شهدا حالة من الغضب والشعور بالخذلان من أشقائه في الاتحاد الأوروبي، حين قرر معظم دوله غلق الحدود بشكل نهائي وعزل إيطاليا وتركها تواجه مصيرها بمفردها.
وفيما يواصل وباء كورونا حصد الأرواح خاصة في أوروبا التي أعلنتها منظمة الصحة العالمية منطقة موبوءة، لم تسلم ألمانيا بدورها من عملية السرقة والسطو على معدات طبية وشبه طبية، نقلا عن وسائل إعلام ألمانية.
وأعلن موقع شبيغل أون لاين عن “اختفاء ستة ملايين كمامة طبية للحماية من عدوى كورونا في أحد مطارات كينيا، كانت في طريقها إلى ألمانيا”، فيما أكدت وزارة الدفاع فتحها تحقيقا في الأمر.
ولم يستبعد الموقع الألماني فرضية سرقة الشحنة الطبية من قبل” لصوص في المطار ومن ثم بيعها في الأسواق الكينية في ظل ارتفاع موجة الطلب العالمي على الكمامات بعد انتشار وباء كورونا”.
يشار إلى أن منظمة الصحة العالمية، حذرت الأربعاء خلال مؤتمر صحفي من تسارع وتيرة انتشار وباء كورونا حول العالم، فيما أشارت آخر حصيلة لموقع “ورلد ماتر” تجاوز عدد الإصابات المؤكدة بالفيروس حاجز الأربعمئة ألف وأكثر من 19 ألف حالة وفاة.