بروكسل- موسكو – الناس نيوز ::
منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، تواجه الموانئ الأوروبية معضلة في ما يتعلّق بالسفن المتّصلة بروسيا.
فإما ترفض استقبالها استجابة لطلب أوكرانيا، وإما تسمح برسوها وإفراغ حمولاتها.
غير أن الموقف قد يُحسم في إطار حزمة جديدة من العقوبات سيناقشها الاتحاد الأوروبي الأربعاء في بروكسيل حسبما أوردت فرانس برس من مصدر أوروبي.
حتى الساعة، لم يقم الاتحاد الأوروبي أو أي دولة عضو فيه بخيار حظر السفن الروسية، باستثناء المملكة المتحدة في مطلع آذار.
وقالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لايين الثلثاء إن بعد اكتشاف عدد كبير من الجثث في محيط العاصمة الأوكرانية كييف، “علينا بشكل واضح زيادة ضغطنا” على موسكو.
بعد أيام عدة من عدم اليقين، تدخل سفينة “بالتيك بيرفورمر” الزرقاء المحمّلة بالموز من الإكوادور مرفأ هلسينغبورغ في جنوب السويد.
ولإظهار التضامن مع أوكرانيا، اتخذت إحدى نقابتيْ عمال الموانئ الرئيسيتين في السويد، نقابة “هامناربيتارفوربوندت”، خطوة نادرة في أواخر آذار برفض المسّ بالسفن المرتبطة بروسيا.
وكانت ناقلة البضائع التي يبلغ طولها 150 مترًا والحاملة علم جزر البهاماس والتي تديرها شركة سويدية تابعة لمالك السفينة الروسي “بالتيك شيبينغ” ومقرها سانت بطرسبرغ، من بين أولى الشركات التي يستهدفها الحظر.
ويوضح مدير الفرع المحلي للنقابة رولف ليكتوفت لوكالة فرانس برس “نحظر جميع المنتجات التي لها علاقة بروسيا وبالنظام”.
– 270 سفينة شهريًا –
وبحسب المحللين، يرتبط التردد حيال حظر السفن الروسية بشكل خاص بالعواقب الكبيرة التي قد يخلفها الحصار على إمدادات النفط الروسي والتي أبقاها الاتحاد الأوروبي حتى الآن بعيدة عن عقوباته.
في هلسينغبورغ، يتمنى رولف ليكتوفت أن يُلهم تحرّك زملائه البالغ عددهم تقريبًا 1400 شخص، آخرين وأن يتّسع نطاقه.
ويقول “نأمل أن يقرر المجلس الدولي لعمال الموانئ زيادة زخم تحركّاته، وأن نختار، على مستوى دولي، عدم التعامل مع البضائع الروسية”.
ولا تزال إدارة الميناء بعيدة عن الأضواء لكنها تمكنت أخيرًا من تفريغ ناقلة “بالتيك بيرفورمر” الإثنين في فترة بعد الظهر وبعيدًا عن الأنظار.
وتعذّر استقبال الناقلة السبت بسبب عدم قبول موظفين بتفريغ حمولتها، ما أخّر وصولها إلى الميناء السويدي.
ويشمل الحظر الذي اعتمدته النقابة السويدية السفن الحاملة علم روسيا والسفن المملوكة لشركة روسية والحاملة علم دولة أخرى والسفن المتّجهة إلى روسيا أو الآتية منها.
وفي اللحظات الأخيرة تمكّنت إدارة الميناء من الاعتماد على النقابة الثانية “ترانسبورتاربيتاري” لعمال الميناء.
ويقول رئيس النقابة تومي وريث لوكالة فرانس برس “لم يكن من المفترض أن يُدخلوا السفينة إلى المرفأ، لكن إدارة الميناء فعلت ذلك”.
وأصدرت نقابته الأسبوع الماضي قرارا بمقاطعة السفن المتّصلة بروسيا، إلا أنه يدخل حيّز التنفيذ في الأول من أيار، لمنح مالكي السفن الوقت.
وبحسب قوله، رَسَت 270 ناقلة ترفع العلم الروسي أو مرتبطة بروسيا في الموانئ الأوروبية الشهر الماضي، أربعة منها في السويد.
– تعطيل على المدى القصير –
وحظرت المملكة المتحدة في مطلع آذار دخول السفن المرتبطة بروسيا إلى موانئها، رغم أن الشحنات الروسية بما فيها النفط لا يزال بإمكانها عمليًا الدخول على متن سفن أخرى.
وفي أماكن أخرى في أوروبا، تبقى المبادرات محدودة، على غرار ما يحصل في ميناء مدينة “لو آفر” الفرنسية حيث رفض عمال الأرصفة تعليق إفراغ حمولات السفن الروسية.
وبرّر ممثل نقابة عمال ثانتي أهم مرفأ فرنسي جوهان فورتييه، لدى سؤاله قبل إعلان قرار محتمل للاتحاد الأوروبي حول حظر السفن الروسية، بالقول “لا يمكن أن يكون ذلك إلّا قرارًا يُتخذ على المستوى الأوروبي”.
وأضاف “وإلّا سيكون ميناء لو آفر أو الموانئ الفرنسية يعاقب نفسه وكذلك الأمر بالنسبة للموانئ الفرنسية، بحيث ستنتقل حركة المرور إلى موانئ أخرى ستغضّ الطرْف” عن الحظر.
وفي 3 آذار، علّق ميناء هامبورغ مجموع الشحنات من وإلى روسيا كإجراء احترازي.
لكن بعد ثلاثة أسابيع، “عادت (العمليات) بشكل محدود”، بحسب الناطق باسم ميناء هامبورغ، على أساس أن “جميع البضائع لا ترد على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي”.
وسيتطلّب فرض عقوبات أوروبية جديدة إجماعًا الأربعاء في بروكسيل خلال اجتماع السفراء لدى الاتحاد الأوروبي.
ففي حال قررت دول الاتحاد الاقتداء بلندن وقررت روسيا اتّخاذ تدابير انتقامية ضد سفن الاتحاد الأوروبي، “قد يؤدي هذا الأمر إلى اضطرابات كبرى للصادرات الروسية على المدى القصير”، حسبما يرى نيلز راسموسن، كبير المحللين في منظمة مالكي السفن “بيمكو”.
ويقول لوكالة فرنس برس “لكن على المدى المتوسط، من المرجّح أن تعمل سفن غير روسية وغير أوروبية على خطّ روسيا-أوروبا” فيما تتجه الناقلات الخاضعة للعقوبات “إلى أسواق أخرى”.