fbpx

الناس نيوز

جريدة إلكترونية أسترالية مستقلة

رئيس التحرير - جوني عبو

Edit Content
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Filter by Categories
آراء
أخبار
أستراليا
إدارة وتكنولوجيا
إعلان
اقتصاد
اقتصاد أستراليا
اقتصاد عالمي
اقتصاد عربي
تقارير وتحقيقات
ثقافة وفنون
حكايا
خبر رئيس
رياضة
رياضة أستراليا
رياضة عالمية
رياضة عربية
سياحة وسفر
سياسة أسترالية
سياسة عالمية
سياسة عربية
صحة
صور
عدسة
فن الناس
في الوطن الجديد
فيديو
كاريكاتير
لايف ستايل
متفرقات
مجتمع
مجتمع الناس
موضه
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Filter by Categories
آراء
أخبار
أستراليا
إدارة وتكنولوجيا
إعلان
اقتصاد
اقتصاد أستراليا
اقتصاد عالمي
اقتصاد عربي
تقارير وتحقيقات
ثقافة وفنون
حكايا
خبر رئيس
رياضة
رياضة أستراليا
رياضة عالمية
رياضة عربية
سياحة وسفر
سياسة أسترالية
سياسة عالمية
سياسة عربية
صحة
صور
عدسة
فن الناس
في الوطن الجديد
فيديو
كاريكاتير
لايف ستايل
متفرقات
مجتمع
مجتمع الناس
موضه
Edit Content
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Filter by Categories
آراء
أخبار
أستراليا
إدارة وتكنولوجيا
إعلان
اقتصاد
اقتصاد أستراليا
اقتصاد عالمي
اقتصاد عربي
تقارير وتحقيقات
ثقافة وفنون
حكايا
خبر رئيس
رياضة
رياضة أستراليا
رياضة عالمية
رياضة عربية
سياحة وسفر
سياسة أسترالية
سياسة عالمية
سياسة عربية
صحة
صور
عدسة
فن الناس
في الوطن الجديد
فيديو
كاريكاتير
لايف ستايل
متفرقات
مجتمع
مجتمع الناس
موضه

جريدة إلكترونية أسترالية مستقلة

رئيس التحرير - جوني عبو

سنوات النشوة الرائعة

شادية الاتاسي – الناس نيوز :

كان وجود هذا الرجل، في هذا اليوم، بمطار بيروت، تجسيداً مطلقاً للصدفة، الصدف التي تنصبها لنا الحياة باستمرار، أتساءل، إلى أي حد يمكننا الاحتراس منها؟ سؤال لا مجد وأحمق يسمم القلب، الأمر أكثر تعقيداً. لم أفهم إلا متأخرة أن المشي عكس السير تملق جبان للحياة، وأن اللحظة التي نعيشها، هي ومضتنا المبهرة، فخنا الحقيقي، نقع فيه ونحن راضون.

الزحام كان شديداً، رائحة العفونة البشرية تزكم الأنف، وزفير الأنفاس يعبّق الزجاج بالغبش الناعم، يجعلني أشعر بالدوار، ورغم برودة الجو في الخارج، كان العرق يتسرب من جبيني، ويشكل غشاوة رقيقة أمام عينيّ. في الحقيقة، لم أميز إذا كانت هي دموعي أم عرقي. صوت من الفراغ يناديني، ارجعي من حيث أتيتِ، وقد أطبقت على قلبي حقيقة الفراق وكآبة الرحيل، ووجوه أوشكت على الاختفاء.

فقد ودعت دمشق للتو، وها أنا أستقبل المجهول.

حاذري أن تقعي!

أيقظتني هذه الجملة من شرودي. كدت أقع فعلا، وأنا أجر حقيبتي الثقيلة، حشدت فيها كيفما اتفق، ما تبقى من حياتي الماضية، كتبي وضحكاتي وأشيائي الصغيرة. هل كان صدفة أنه كان موجوداً بقربي في هذه اللحظة؟ أمسكني من ذراعي بقوة، وبيده الأخرى أخذ حقيبتي من يدي، حدث هذا سريعاً. فوجئت، كنت غاضبة ومستاءة ووحيدة، وتحت وطأة هذا الشعور، وجدت نفسي أتصرف بحماقة، أنزع يده، واستعيد حقيبتي بنزق، وأردد بجفاء:

دعني… دعني، أعطني حقيبتي.

ترك الحقيبة، وأدار ظهره، وغادر في هدوء.

في حين كان المضيف الأرضي يعلن فتح البوابة الأرضية.

لم أحب السفر يوما… ولم أكن لأستطيع الابتعاد عن دمشق بسهولة.

كنت أعي أنه يتوجب عليّ البقاء في بلدي، ولكني بدأت أعي أيضاً، أنه لم يعد يمكنني الاستمرار، كنت مطرودة، قال لي رجل الأمن مهدداً:

انقلعي من هذا البلد. كان هو رجل السلطة السعيد، يطرد من يشاء، وكان هذا كافيا ليجعل منه ديكتاتوراً صغيراً.

سأترك البلد لك ولأمثالك. رددت هذه الجملة باستهانة الذي لم يعد يهمه شيء، إلا أن الابتسامة البلهاء التي ارتسمت على وجهه، جعلتني أدرك فوراً أنها كانت الجملة الأكثر خطأ.

جلست في قاعة الترانزيت، هم ثقيل ربض على قلبي، فما زال الطريق أمامي طويلاً، علينا أن نطير لساعات ثلاث، نهبط في إسطنبول، ونبقى فيها لست ساعات قبل أن تستأنف الطائرة رحلتها إلى باريس لأكثر من ثلاث ساعات أخرى.

لمحته، كان يقف على مسافة قريبة مني، ينظر عبر الواجهة الزجاجية التي تطل على أرض المطار إلى الطائرات الموشكة على الإقلاع. تأملته، وجه فضولي، عيون متوترة، ذقن غير حليقة، أناقة مرتبكة، جينز أزرق وسترة سوداء.

في لحظة، التقت عيوننا لبرهة، تجاهلني متعمدا.

إذا هو ذاهب في ذات الوجهة التي أنا ذاهبة إليها…

أُعلن فتح البوابة، نهضت بتثاقل، واتجهت نحو معبر الطائرة، ما زلت أعاني من ثقل الحمولة، أحمل حقيبة على كتفي، وحقيبة اللاب توب في يدي.

لم تسمح لي عاملة الاستقبال بإدخال الحقيبتين إلى الطائرة، قالت دون أن تنظر إليّ:

-حقيبة واحدة فقط. كانت لهجتها عدائية، يبدو أنه عليّ الاعتياد.

وكما منعني من السقوط في أرض المطار، أخذ الحقيبة من يدي بسرعة، قال لها متنمراً:

– إنها لي الآن.

يبدو أنه ملاكي الحارس اليوم!

وجدت نفسي أجري وراءه، وأنا أتابع خطواته السريعة وهو يحمل حقيبتي، أسترق النظر إلى وجهه الغاضب، ومع أني قلت له شكراً هذه المرة، إلا أنه تابع سيره وكأنه لم يسمع.

كان من ركاب الدرجة الأولى، وكنت في الصف الأول من ركاب الدرجة السياحية.

أقلعت الطائرة أخيراً، أسندت رأسي على المقعد الطويل، وما أن هدأت ضجة الإقلاع، وأبحرنا في السماء، حتى هاجمني الدوار والشعور بالغثيان، حاولت أن أغفو قليلاً، لكن عبثاً…

الوقت طويل، أعصابي مازالت مشحونة، الكتاب الذي جلبته لأقرأه، موجود في خزانة الرجل الغاضب، في الدرجة الأولى، لا بد لي من الذهاب إلى هناك لإحضاره.

كان في غفوة، انتبه إلى حركتي وأنا أتطاول لأفتح الخزانة الصغيرة، نظر إليّ متسائلاً:

-لم أستطع أن أنام، أردت أن آخذ كتابي من الحقيبة… رددت في ارتباك.

اعتدل في جلسته، كان قد استيقظ تماماً.

فتح الخزانة، قدم لي الحقيبة، وهو يتمتم في برود:

-تفضلي، تفضلي. ما زال غاضباً.

-ما عنوان الكتاب؟ غلبه فضوله.

قبل أن أجيب كان يبحلق في الكتاب في يدي ويقول:

-آه، هذه رواية مترجمة لكاتب برتغالي تتحدث عن الحرب والاستعمار الإيطالي للبرتغال.

قالها وقد أفصح وجهه عن ابتسامة رضى، لم يعد غاضباً، بدا وسيما وهو يبتسم.

-أجل إنه هو. أجبت بشيء من الدهشة.

-أفهم من هذا أنك قارئة نهمة.

كان الحوار يجري بيننا وأنا ما زلت واقفة، وهو ما زال مضطجعا مسترخياً على مقعده الذي يتسع لإثنين.

-تفضلي، لا أحد يجلس هنا.

قبل أن أجيب، كان قد أفسح لي مكاناً بجانبه.

-اجلسي اجلسي…

ومع أنه استفزني بهذه الثقة التي يتصرف بها، لم أملك إلا الجلوس، وهو يكاد يشدني من يدي لأجلس، يبدو أن رؤية الكتاب أثارت شهيته، فما أن جلست حتى راح يتحدث بإسهاب عن الكتب التي قرأها، وعشرات الكتّاب والفلاسفة الذين درس حياتهم، والمكتبة الضخمة العامرة بالكتب القيمة في بيته في كندا، كان يتحدث دون أن ينتظر رأيي.

يواصل استفزازه! أنا أيضا قارئة جيدة، أردت أن أستعرض هذا أمامه، وإذ أدركت عبث الكلام، قررت أن أسكت.

لم يكن يعنيني في هذه اللحظة، وأنا بين الأرض والسماء، حديث الفلسفة، مع هذا الرجل الذي يصر على اقتحام يومي المتعب هذا. انتبه أخيراً إلى شرودي، تأملني بهدوء، قبل أن أسمعه يقول:

-اسمي ناصر، كنت في لبنان، لرؤية والدتي، لم أرها منذ سنوات بعيدة.

وقبل أن أجمع أنفاسي لأجيب قال:

-تركت سورية مبكراً جداً، خلصت من أزمة الوطن. قالها متنهداً.

-وهل الوطن أزمة؟ أردت أن أتشاطر عليه بسؤالي الذي أعرف جوابه جيداً.

-نعم هو كذلك، إذا كنت مطارداً، الوطن يكون حيث تكون إنساناً. أجاب في هدوء.

غيرّ الحديث، اسمك سُليمى، وجهتك باريس.

وإذ رأى علامات الدهشة على وجهي قال ساخراً:

-لا تندهشي، قرأت اسمك وأنت تقدمين جواز سفرك

ثم تأملني، اسمك جميل، ولكن كأنك تحملين فوق رأسك قافلة أحزان!

هل كان عليّ أن أعترف بجاذبية هذا الرجل؟

فاجأتني حشود البشر في مطار إسطنبول، كان علينا أن نبقى هنا ست ساعات، يا إلهي كيف سأمضي كل هذا الوقت في زحمة هذا المكان العابق بالضجة والبشر.

ملاكي الحارس، لم يترك لي فرصة، كان واقفا أمامي، يحمل حقيبتي، ويقول ببساطة وكأنه كان من الطبيعي أن نبقى معا في مطار غريب يموج بالزحام.

-تعالي معي، هناك مقهى قريب يقدم قهوة لذيذة…

أردت أن أقول، أنني لا أرغب في شرب القهوة الآن، ولا أرغب في صحبته، ولا أن أكون في هذا المكان، لكنني وجدت نفسي أقول شيئا مغايراً تماماً:

-أجل أنا بحاجة إلى فنجان قهوة.

ابتداء من هذه اللحظة، بدأنا نقع في فخ الصدفة، الصدفة التي أصبح وجودها ناطقاً.

كان الرجل الذي ظهر فجأة في مطار بيروت، يشير إليّ في مطار إسطنبول ويقول لي، اتبعيني، لنشرب القهوة معا.

هل تبعته لأنه يعرف مقهى يقدم قهوة لذيذة؟ أم كان عليّ أن أعترف أن اللعبة بدأت تغويني!.

أمضينا الساعات الست معاً…

وما بين هذه الساعات الست، مياه كثيرة عبرت تحت الجسر، ولم تعد إلى مكانها.

لم يعد أي شيءٍ إلى ما كان قبله. كان وجوده، في هذا المطار المكتظ بالبشر، ليس صدفة ولكنه قدر.

هذه المرة لم يتحدث عن الفلسفة والفلاسفة والكتب والنظريات، حكى عن نفسه، يا له من متحدث ماهر، وأنا كم تفتنني التفاصيل.

انزاح المشهد فجأة عن مشهد مغاير، عن رجل آخر، اختفت اللغة الحيادية الجدارية، كان يتكلم بشيء يقارب صوفية الحب، عما أسماه سنوات النشوة الرائعة!

فقدت براءتي مبكراً، لكني لم أفقد فضولي الطفولي، توفي أخي الكبير في السجن، أخفى أهلي عني الأمر، كنت صغيراً لا أفقه معنى الموت، عانيت من هذا الجرح كثيراً، قادني هذا نحو نزعة شك عميقة بكل شيء، تقلبت بين الرفض والحماسة الإنسانية، بدأت أعي أشياء كثيرة، الفقر والقهر والظلم، ماذا تعني هذه المفردات؟ لماذا أنت مبعد، لا تملك حقوق الشريك، مكانك ليس هنا، هذا الشعور قادني إلى الولع بالقراءة والأدب والشعر، ربما كان هذا بحثاً عن غطاء وتعويض عما فقدته، كنت أعاني، وكان هذا جيدا، كان هذا كنفخة الصُور تحمل معنى الإيقاظ الكوني، تملأ قلبي بالنشوة، بالحماس والفضول، وددت أن أحيا بقوة، الشغف، الحب، المغامرة، ولأجل ذلك كان علي أن أختفي، أهاجر، إلى عالم أكثر اتساعاً، أكثر قبولا للآخر، كان لابد لي من أن أقذف بنفسي في المغامرة، لم يكن هذا سهلاً، إلا أنه كان وعداً مفعماً بالسحر!.

أرى الآن وجهه أمامي، في الركن الظليل من المقهى العابق بالضجيج، عبر الطاولة التي تفصل ما بيننا، مائلاً قليلاً، وساكناً، عيناه حزينتان وهازئتان، لكن متألقتان، يتكلم دون أن ينظر إلي، دون أن ينتبه أو يهتم الى ضجة المقهى، تاركاً لذلك الاكتظاظ الجواني المشتعل داخله، حرية الحركة والعبور، ليت تلك اللحظات التي نقف أمامها عاريين لا تنتهي، تتداعى أفكاره، في صوت خفيض، حتى بالكاد أسمعه، يرتجف أحياناً، تظلل الدموع الرقيقة عينيه، كان في حالة صوفية من الحب والشوق إلى ما كانه يوماً، يشعر بالخجل، ذلك ضعف لا يليق بالإنسان، الإنسان الكبير الذي هو عليه الآن، بعدما ألقى بنفسه للمغامرة، هاجر وترك وراءه ذكريات ووطن، جاب العالم، عشق النساء، وها هو يعيش الآن وحيداً في بيته الكبير مع مكتبته وكتبه في أقصى مكان من العالم.

كنت، وهذا الإذعان الجميل لما يحدث، أتذوق الطعم العذب، لسحر الحالة التي أنا فيها، أجلس في مطار، مع رجل غريب، تتداعى أفكاره، حرة طليقة، هزتني نشوة، استُمدت من عبق النشوة التي تهز شعرية المغامر الذي هو أمامي.

لم يكن هذا ليحدث وأنا في دمشق، اكتشفت فجأة وأنا في أرض محايدة، إلى أنه يمكنني أن أتحدث كما أشاء ومع من أشاء دون خوف، اكتشفت بعمق كم أنا بحاجة لحديث مختلف، مع إنسان مختلف. ومع أنه كان سورياً مثلي، إلا أننا لم نتحدث عن هدير الطائرات وهي تجوب سماء دمشق، ولا عن معنى أن تأوي الى الفراش وحيداً مع مغيب الشمس، لأنه لا كهرباء، ولا عن ذاك الرعب الذي يجتاحك عند سماعك رنين الهاتف المريب عند الفجر، لم نتحدث عن الاستدعاءات إلى مراكز الأمن، وساعات الانتظار الطويلة للتخويف والإذلال، لمجرد أنك تكتب عن غربة الإنسان في هذا البلد، ثم يقال لك انقلع هذا البلد ليس بلدك.

وكان هذا ما أريده في تلك اللحظة، أن أبقى مع هذا الرجل في هذا المكان المليء بالصخب والناس، نشرب القهوة، ونتحدث كبشر، بتلك التفاصيل التي أحبها ويتقن هو سردها.

كان علينا أن نفترق، أستقل أنا الطائرة المتجهة إلى باريس، ويستقل هو الطائرة المتجهة إلى كندا

وضع حقيبتي في يدي هذه المرة معتذراً: لابد من ذلك …

نعم كان لابد من ذلك.

-هل أنتِ على ما يرام؟ سأل

-نعم…

-إذاً ستذهبين …

-نعم …

-سأتصل بك لأطمئنّ عليك…

لم أجب، كنت غير قادرة على القول إنني أنتظره …

المنشورات ذات الصلة