د . أحمد برقاوي – الناس نيوز ::

كييف ( 2-9 ) – خريف معتدل، شتاء بارد، ربيع عليل، وصيف مقبول، ولكن الطقس مثلج في الشتاء ومطير في باقي الفصول.
يتميز أهلها بضخامة الجثة، طولاً وعرضاً، مع قسمات صارمة، وميل إلى الاعتداد.
أما نساؤهم فمن النادر أن تجد عيوناً واسعة وشديدة الزرقة كعيون نساء كييف، كما من النادر أن تجد نسبة عالية من الجمال كما نسبة نسائهم. ومن النادر أيضاً أن ترى امرأة في سن متقدمة خالية من السمنة.

ولقد أحسست من خلال صداقاتي مع الطلاب الأوكرانيين الساكنين في المدينة الجامعية نفسها، بأن لديهم شعوراً قومياً قوياً. وقيل بإنهم عنصريون تجاه الزنوج، ويحكى بأن هناك من الزنوج من وجد مقتولاً وهو يمر من الغابة القريبة من المنطقة التي نسكن فيها. ولكننا لم نشعر أبداً بعنصرية تجاهنا نحن العرب.
سكّان كييف مولعون بشرب الخمر وأكل اللحوم. ولديهم شراب مسكر جداً يصنعونه في قراهم يسمى (سمغون). ويقال بأنه يصنع من أعشاب وفواكه وأشياء كثيرة. وتبين بأنه معروف أيضاً في عموم روسيا. وهو شراب ذو رائحة كريهة جداً، ونسبة الكحول فيه أكثر من 80 %. حين جربته، كدت أختنق، فلم أعد باستطاعتي التنفس، يترعه الأوكراييني بعد أن يغلق بيده الأخرى منخريه. وليس هذا فحسب، فالسبرتو (الكحول الطبي) المطهر للجروح هو الآخر من المواد التي يشربونها من أجل السُكر.

وداخل كل أوكراييني من الذين عرفتهم في المدينة الجامعية شعور بضرورة الانفصال عن الاتحاد السوفييتي. وهو يعبر عن ذلك بالحديث عن التاريخ العريق لبلده. ويردد الأوكراييني قولاً صار بمثابة المثل: الاتحاد السوفييتي بدون أوكرانيا ليس اتحاداً سوفييتياً. يعود هذا الشعور طبعاً إلى سهول أوكرانيا الواسعة ومصانعها الضخمة. وإلى نوع من الوعي التاريخي بالمكانة. فهم لا ينسون بأن كييف كانت عاصمة روسيا الكبرى سنة 882.
ويحدثك بعضهم بأن أوكرانيا قد وقفت ضد ثورة أكتوبر/تشرين الأول، ولهذا فإن عدداً كبيراً من سكان كييف قد وقف إلى جانب الاحتلال النازي لها، ونظروا إليه على أنه مخلص لهم من الشيوعية والستالينية.
وللأوكرانيين لغتهم الخاصة القريبة جداً من الروسية، ولشدة اعتزازهم بها فإنها لغة التدريس في بعض الكليات. ومنها كلية الفلسفة. لكنالجميع يعرف الروسية ويتحدث بها، إذ لا فروق تذكر بين اللغتين.

كييف ذلك الزمان متخمة بالنعم، فجميع السلع متوافرة وبأرخص الأثمان. وأهلها كرماء، ويبذخون في مآدبهم. والأعياد هي هي كما في عموم الاتحاد السوفيتي: عيد الثورة في 17 أكتوبر/تشرين الأول، عيد العمال العالمي في الأول من مايو/أيار، عيد النصر في 9 مايو/أيار وعيد رأس السنة، وعيد المرأة في 8 مارس/آذار.
وطقوس الأعياد التي شاركتُ فيها كلها، تعني خمر وأكل ورقص وغناء وحب.
تشعر في كييف بأن عدد الكهول يساوي أو يفوق عدد الشباب.