القاهرة – الناس نيوز :
بعد أن فقد وظيفته كعامل نظافة في القاهرة، يكافح اللاجئ السوداني عبد الناصر خميس لتغطية نفقات أسرته.
ويقول مسؤولون بالأمم المتحدة وموظفون في منظمات إغاثة إن عشرات ألوف المهاجرين يشاركون خميس هذا المصير في مصر حيث ألقت تداعيات تفشي فيروس كورونا المستجد بظلال كئيبة على الاقتصاد الذي تضرر بشدة.
فقد كلفت إجراءات العزل العام والقيود التي فُرضت للحد من تفشي الفيروس الكثير من المصريين وظائفهم. ويقول مكتب الإحصاء إن أكثر من ربع أصحاب الوظائف توقفوا عن العمل منذ أن فرضت الحكومة إجراءات لمحاربة الوباء بينما جرى تخفيض ساعات عمل أكثر من نصفهم.
وفي المقابل يقول مصريون ومهاجرون وموظفو إغاثة إن المصريين اضطروا لتسريح مهاجرين من أفريقيا وآسيا كانوا يعملون كموظفين محليين أو سائقين أو عمال.
وشهدت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة زيادة أربعة أمثال منذ مارس آذار في عدد طلبات المساعدة التي يقدمها الأجانب المقيمون بمصر.
ويتلقى خميس، الذي يقيم مع زوجته وطفله الرضيع وأقارب له في شقة سكنية صغيرة بحي عين شمس المكتظ في القاهرة، طرودا غذائية من جمعية خيرية، لكنها لا تكفي.
وقال خميس (29 عاما) وعيناه قد اغرورقتا بالدموع ”هسا (حاليا) البيت عندي ثلاث شهور ما دفعت إيجار. وصاحب البيت طبعا معاي كويس لكنه قال ما ينفع وآخر شهر الجاي… ولو ما دفعت الإيجار بآخر شهر سبعة ده أنا حأطلعك من البيت…“.
وقال لوران دي بويك ، مدير مكتب المنظمة الدولية للهجرة في مصر إن خُمس نحو 6.3 مليون أجنبي في مصر ”من المستضعفين“ وهو ما يتطلب مد يد العون لهم.
وأضاف ”أعتقد أننا تلقينا 26500 طلب (لمعونة نقدية)… لدينا خطة واستراتيجية للوصول إلى 80 ألفا“.
ولم يرد المركز الصحفي التابع للحكومة ولا وزارة الخارجية على أسئلة بخصوص وضع المهاجرين.
وتقول مصر إن معاملتها للاجئين نموذجية لأنهم يتلقون خدمات مثل الرعاية الصحية دون تمييز ويعيشون بحرية بين السكان المحليين.
وأوضح دي بويك أن المصريين ودودون للغاية لكن هناك حدودا لما يمكنهم القيام به. فحتى قبل تفشي مرض كوفيد-19 كان حوالي ثُلث السكان المحليين يعيشون دون خط الفقر، وانخفضت دخول ما يقرب من ثلاثة أرباعهم منذ ذلك الحين حسب الأرقام الرسمية.
*عالقون
مصر نقطة عبور معتادة للمهاجرين الأفارقة الذين يحاولون كسب بعض المال قبل المضي قدما.
لكن الضوابط الصارمة التي تمنع قوارب المهاجرين من التوجه إلى أوروبا والسياج الحدودي الإسرائيلي والصراع في ليبيا ترك الكثير منهم عالقين.
ونقلت رويترز عن المنظمة الدولية للهجرة قولها إن أكبر مجموعة هم السودانيون الذين يبلغ عددهم زهاء 3.8 مليون نسمة، وتعد مصر المجاورة وجهة طبيعية لهم للهروب من الفقر حيث يمكنهم السفر برا والحصول على مساعدة من أقربائهم.
وتقدم جمعية خيرية سودانية مساعدة لأكثر من 500 أُسرة تعطل معيلوها عن العمل في مصر. وقال عبد الله رابح، أحد المسؤولين في مبادرة الدعم الإنساني للسودانيين بمصر ”لأنه لاحظنا في الفترة بتاعة التفشي أغلب الأسر السودانية اللي كانوا بيعملوا في المصانع، في الشركات، ممكن أغلبهم من النساء اللي بيعملوا في البيوت وتوقفوا عن العمل. أثناء التوقف عن العمل أدى بهم إنه يكون فيه نتائج سلبية. الطرد من الشقق بسبب الإيجارات وده عدد كبير جدا، يمكن وإحنا الآن داخلين الأستوديو عشان نعمل المقابلة ولقينا عدد من الاتصالات، فيه أُسر الآن مطرودة من الشقق“.
وتشعر اللاجئة السودانية آيات محمد (40 سنة)، التي تعيش مع ستة أطفال ووالدها المريض واثنين من أقاربها في شقة بسيطة وقليلة الفرش، بالقلق بخصوص كيفية توفير الطعام مع تعطل زوجها عن العمل منذ مارس آذار.
وقالت آيات محمد وهي واقفة في مطبخها ”والله صعبة، صعبة ومش مستحملين يعني نعمل إيه… الظروف المادية صعبة علينا، الظروف واقفة“.
ولا يقتصر ذلك الأمر على السودانيين فقط في مصر. فزعماء جاليات أخرى يقولون إن نحو ألف نيجيري فقدوا وظائفهم وكذلك نحو رُبع أربعة آلاف فلبيني يعيشون بمصر.
وقال بيتر أولوفوسوي، وهو رجل أعمال ويرأس الجالية النيجيرية في مصر ”كثير من النيجيريين اعتادوا العمل مدرسين للغة الإنجليزية“.
وأوضح دي بويك أن بعض الأجانب يحاولون العودة لبلادهم من مصر.
فقد تلقت المنظمة الدولية للهجرة طلبات من 1500 شخص يرغبون في العودة لبلادهم، وتتوقع تلقي 500 طلب من آخرين خلال الشهور الثلاثة المقبلة.
وبالنسبة لخميس فإن مسألة العودة إلى دارفور غير واردة لأن دارفور موطن صراع لم يُحل بعد وتقول الأمم المتحدة إن 300 ألف شخص قتلوا فيه. ويقول خميس ”ليس هناك أمن في دارفور“.