الخرطوم – الناس نيوز ::
تجمّع مئات الأشخاص في العاصمة السودانية الخرطوم للصلاة من أجل السلام في أول أيام عيد الأضحى، إلا أن دوي إطلاق النار خرق المتنفّس القصير الأمد، وفق ما أفاد سكان.
أفاد شهود في مدينة أم درمان مساء الأربعاء بتنفيذ غارات جوية وإطلاق مضادات للطائرات، على الرغم من إعلان كل معسكر على حدة هدنة بمناسبة العيد.
وقال كاظم عبد الباقي في تصريح لوكالة فرانس برس إن “البلاد لم تعد قادرة على تحمّل المزيد من ذلك”.
وقُتل نحو 2800 شخص ونزح أكثر من 2,8 مليون هربا من الحرب الدائرة بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
الثلاثاء دعا البرهان في خطاب متلفز “جميع شباب بلادي وكل من يستطيع الدفاع ألا يتردد أو يتأخر في أن يقوم بهذا الدور الوطني في مكان سكنه أو بالانضمام للوحدات العسكرية”.
وكانت وزارة الدفاع قد أطلقت دعوة ممثالة الشهر الماضي، لم تلق تجاوبا واسع النطاق.
وقال عبد الباقي “نصلي لكي يحمي الله بلدنا”، رافضا الدعوة التي وجّهها البرهان لحمل السلاح بعدما أطلقت صلاة الفجر الاحتفالات بعيد الأضحى.
في فناء خال تجمّع رجال يرتدون اللباس الأبيض ونساء يرتدين ملابس زاهية الألون للصلاة والمعايدة في متنفّس نادرا ما يحظون به علما بأن النزاع مستمر منذ أكثر من عشرة أسابيع ويتخلّله إطلاق نار وغارات جوية وقصف مدفعي، ما سوى منازل مدنيين عدة أرضا.
في الخرطوم ومنطقة دارفور في غرب البلاد حيث تتركز غالبية أعمال العنف، بدأت الجثث تتحلل بعدما تركت في الشوارع.
ونظّمت تجمّعات مماثلة للصلاة خارج الخرطوم، بما في ذلك في منطقة الجزيرة التي لجأ إليها كثر من سكان العاصمة.
– عيد قاتم –
يعاني الملايين من سكان الخرطوم العالقين في العاصمة من تقنين في التغذية بالتيار الكهربائي وبالمياه في أجواء من الحر الشديد، ما يحرمهم أجواء العيد.
قال عمر ابراهيم الذي يعيش مع أولاده الثلاثة في حي شمبات في الخرطوم، إن طقوس العيد باتت “حلما بعيد المنال”، متسائلا حول ما إذا ستتوقف المعارك في العيد.
أبرم المعسكران المتحاربان أكثر من هدنة سرعان ما كان يتمّ خرقها، كما تم في أحيان أخرى التوصل لوقف للنار بوساطة الولايات المتحدة والسعودية.
ورحّبت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) بإعلان كل معسكر على حدة وقف إطلاق النار.
وجاء في بيان أصدرته البعثة بالعربية “ليكن عيد الأضحى تذكرة بأن العنف يجب أن يتوقف. إذ ينبغي للمدنيين أن يكونوا قادرين على العيش في سلام وليس في ظل الأهواء العنيفة للطرفيْن المتحاربين”.
وتابع البيان “يجب تذكير هذين الطرفين بأن العالم يراقب وبأنه سيتم السعي لتحقيق المساءلة عن الجرائم المرتكبة في زمن الحرب”.
ويحتاج 25 مليون شخص في السودان لمساعدة إنسانية وحماية، بحسب الامم المتحدة.
في هذا الأسبوع سجّلت اشتباكات على محاور عدة للسيطرة على العاصمة بين الجيش وقوات الدعم السريع التي أعلنت سيطرتها على مقرّ قيادة “قوات الاحتياطي المركزي” للشرطة على الأطراف الجنوبية للخرطوم.
ووصف البرهان في خطابه المتلفز قوات الدعم السريع بأنها “تهديد وجودي” للدولة.
وقال أحمد الفاتح وهو من سكان الخرطوم إنه “ضد دعوة البرهان الشبان لحمل السلاح والقتال إلى جانب الجيش”.
وتابع في تصريح لوكالة فرانس برس “الشبان لم يقاتلوا من قبل” مبديا خشيته من أن تكون مشاركتهم مضرّة أكثر منها مفيدة.
قبل شهر ونيّف دعت وزارة الدفاع السودانية احتياطيي الجيش والمتقاعدين العسكريين للالتحاق بالقواعد العسكرية، وقد حضّ بعد ذلك والي دارفور المدنيين على حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم.
على تويتر وصف الباحث حامد خلف الله خطاب البرهان بأنه “عديم المسؤولية”، نظرا إلى أن تحوّل المخاوف من صراع على السلطة بين قائدين عسكريين إلى نزاع أهلي.
– كل ثلاثين ثانية –
في دارفور (غرب) لا ينفك الوضع يزداد سوءا.
فقد باتت مدن بكاملها تحت الحصار، بحسب الأمم المتحدة، وقد أُحرقت أحياء وسويت أرضا.
بحسب سكان وتقارير للأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى، يتعرّض مدنيون على يد قوات الدعم السريع ومليشيات عربية متحالفة معها للاستهداف والقتل بسبب اتنيتهم، في تطوّر يعيد بالذاكرة إلى التاريخ الدموي لدارفور.
وانبثقت قوات الدعم السريع من رحم ميليشيات الجنجويد التي أطلقتها الخرطوم في مواجهة أقليات عرقية في 2003. وأوقع النزاع نحو 300 ألف قتيل وشرّد 2,5 مليون شخص، بحسب الأمم المتحدة.
منذ نيسان/أبريل فر أكثر من 170 ألف شخص من درافور إلى تشاد المجاورة، وفق مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
ومنذ اندلاع الحرب نزح قرابة مليوني شخص داخل السودان، ولجأ أكثر من 600 ألف شخص إلى دول مجاورة وخصوصا إلى مصر شمالا وتشاد غربا، وفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة.
بحسب ممثلة مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين لاورا لو كاسترو “تعبر كل ثلاثين ثانية خمس أسر (سودانية) الحدود إلى تشاد عبر بلدة أدري”.