أثينا – الناس نيوز :
توفي الموسيقار اليوناني ميكيس ثيودوراكيس في أثينا، بعد حياة حافلة تداخلت فيها مسيرته الفنية مع النضال ضد النازيين وديكتاتورية الكولونيلات، أمضى بعض أعوامها وراء القضبان أو في المنفى، ما جعل منه رمزا للمقاومة في بلده، وحمله إلى العمل النيابي والوزاري، فيما كانت ألحانه تعرّف العالم بموسيقى بلده ورقصاته. ومن أشهر مؤلفاته موسيقى فيلم “زوربا اليوناني”.
فقد الموسيقار اليوناني ميكيس ثيودوراكيس الخميس الحياة عن 96 عاما في أثينا، بعد حياة حافلة وصلت فيها مسيرته الفنية عبر العالم إلى أوجها، كما صار رمزا للمقاومة في بلاده ما حمله إلى العمل النيابي والوزاري.
وقد اشتهر هذا المقاوم السابق بتأليف موسيقى فيلم “زوربا اليوناني” التي صدحت في أنحاء العالم أجمع. وعانى الراحل في السنوات الأخيرة من مشاكل في القلب.
تداخلت مسيرته الفنية مع النضال ضد النازيين وديكتاتورية الكولونيلات، أمضى بعض أعوامها وراء القضبان أو في المنفى، فيما كانت ألحانه تعرف العالم بموسيقى بلده ورقصاته.
ولميكيس ثيودوراكيس المولود في 29 تموز/يوليو 1925 في خيوس الواقعة في بحر إيجه لعائلة من جزيرة كريت، مجموعة ضخمة من الأعمال، وهو أشهر الملحنين اليونانيين، وأصبح رمزا للمقاومة في اليونان على مر الأجيال.
بعد توقيفه وتعذيبه لمشاركته في مقاومة النازيين عامي 1942 و1943، تعرض للتعذيب في سجن جزيرة ماكرونيسوس الذي أودع فيه لانخراطه مع الشيوعيين بين العامين 1947 و1949 في الحرب الأهلية التي نشبت في البلد عقب الحرب العالمية الثانية.
إلا أن النشاط السياسي لثيودوراكيس الذي نال شهادة كونسرفاتوار أثينا للموسيقى عام 1950، لم يثنه عن العمل الفني، فلحن في العام 1960 قصائد لشعراء يونانيين الكبار.
وفيما كان يشغل مقعدا نيابيا عن حزب “إيدا” اليساري، وضع في العام 1964 موسيقى فيلم “زوربا اليوناني”.
وأصبح اللحن الرئيسي لهذا الفيلم بمثابة نشيد يرمز إلى اليونان وأجوائها وثقافتها. وساهم ثيودوراكيس في نشر الموسيقى اليونانية واكتسابها شعبية في كل أنحاء العالم، وكذلك آلة البزوقي الموسيقية ورقصة “سيرتاكي” المرافقة لها التي يؤديها السياح في المرابع الليلية اليونانية، وهي مزيج مبسط من رقصتي “هاسابيكو” و”زيبيكيكو”.
أوقف ثيودوراكيس منذ بداية دكتاتورية الكولونيلات في 21 نيسان/أبريل 1967، وفُرض حظر على أعماله الموسيقية. بعد إطلاقه عام 1970 بضغط دولي، انتقل للعيش في باريس، لكنه رجع من منفاه بعد عودة الديمقراطية إلى بلده عام 1974.
بين العامين 1981 و1986، كان ثيودوراكيس نائبا عن الحزب الشيوعي اليوناني. وفي السنتين الأوليين من التسعينات، تولى منصبا وزاريا من دون حقيبة في حكومة كونستانتين ميتسوتاكين المحافظة.
وخلال الأزمة المالية التي عصفت باليونان، ندد بتدابير التقشف التي فرضتها الجهات المانحة، كالمصرف المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، على بلاده، وشارك في مظاهرات معارضة لهذه الإجراءات.
وأعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام على الفنان الراحل، اعتبارا من الخميس، معتبرا أن “ميكيس ثيودوراكيس ينتقل الآن إلى الأبدية، ويغيب صوته ومعه صوت الهيلينية برمتها”.
وأضاف “لقد كان ميكيس بمثابة تاريخنا”.
وكتب زعيم المعارضة اليسارية (سيريزا) ورئيس الوزراء السابق أليكسيس تسيبراس على حساباته على شبكات التواصل الاجتماعي “أدخل ميكيس الضوء إلى نفوسنا. لقد طبع بأعماله حياة أولئك الذين اختاروا طريق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية”.
ونعت وزيرة الثقافة اليونانية لينا ميندوني الراحل في بيان أصدرته الخميس جاء فيه “فقدنا اليوم جزءا من روح اليونان. لقد رحل ميكيس ثيودوراكيس، ميكيس الذي يخصنا جميعا، المعلم، المثقف، المقاوم. الشخص الذي جعل اليونانيين جميعا يغنون الشعراء”.
وأشادت رئيسة الجمهورية إيكاتريني ساكيلاروبولو بـ”مبدع يوناني، عالمي في الوقت نفسه”. وأضافت “إنه رصيد لا يقدر بثمن في ثقافتنا الموسيقية (…)، كرس حياته للموسيقى والفنون وبلدنا وسكانه، ولأفكار الحرية والعدالة والمساواة والتضامن الاجتماعي”.
وعلق الحزب الشيوعي اليوناني على وفاة الموسيقار بالآتي: “بعاطفة عميقة وتصفيق لا نهاية له، نقول وداعا لميكيس ثيودوراكيس، الناشط والمبدع الذي كان رائد فن قتالي جديد في الموسيقى”.