غزة – القدس – الناس نيوز :
مقتل 35 في غزة و5 في إسرائيل مع تصاعد العنف
نضال المغربي وجيفري هيلر وستيفان فاريل – رويترز – تصاعد القتال بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تدير قطاع غزة يوم الأربعاء، ليرتفع عدد القتلى إلى 35 فلسطينيا وخمسة إسرائيليين في أعنف قصف متبادل بين الجانبين منذ سنوات.
ونفذت إسرائيل مئات الضربات الجوية على غزة في الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء، بينما أطلقت حركة حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية وابلا من الصواريخ على تل أبيب وبئر السبع.
وانهار برج سكني مكون من 13 طابقا في غزة وتعرض آخر لأضرار شديدة بعد تعرضهما لغارات جوية إسرائيلية.
وقالت إسرائيل إن طائراتها المقاتلة استهدفت وقتلت عددا من قادة المخابرات في حماس في وقت مبكر من صباح يوم الأربعاء. واستهدفت ضربات أخرى ما قال الجيش إنها مواقع لإطلاق الصواريخ ومقار لحماس ومنازل لقيادييها.
وهذا أعنف قصف متبادل بين إسرائيل وحماس منذ حرب عام 2014 في غزة، مما أثار قلقا دوليا من أن يخرج الوضع عن السيطرة.
وقال مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند على تويتر “أوقفوا إطلاق النار على الفور. نحن نصعد (الأمور) نحو حرب شاملة. يتعين على القادة من جميع الأطراف تحمل مسؤولية وقف التصعيد”.
وأضاف “كلفة الحرب في غزة مدمرة ويتحملها الناس العاديون. تعمل الأمم المتحدة مع جميع الأطراف لإعادة الهدوء. أوقفوا العنف الآن”.
وفي الساعات الأولى من صباح الأربعاء، قال سكان غزة إن منازلهم تهتز وإن السماء تضيء بغارات إسرائيلية شبه مستمرة وبالصواريخ التي تطلقها حماس والجهاد الإسلامي والتي تعترضها الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية. وسُمع دوي ما لا يقل عن 30 انفجارا في عضون دقائق بعد فجر يوم الأربعاء.
وركض إسرائيليون بحثا عن ملاجئ في مدن وتجمعات سكانية على بعد أكثر من 70 كيلومترا على الساحل وسط أصوات انفجارات حيث انطلقت صواريخ اعتراضية إسرائيلية في السماء.
وفي بلدة اللد التي يسكنها عرب ويهود وتقع قرب تل أبيب، قُتل شخصان بعد أن أصاب صاروخ سيارة في المنطقة. وتسيطر المظاهرات الغاضبة على اللد وغيرها من البلدات التي يسكنها عرب ويهود بسبب العنف في غزة والتوتر في القدس.
وقال جناح حماس المسلح إنه أطلق 210 صواريخ باتجاه بئر السبع وتل أبيب ردا على قصف البرج السكني في مدينة غزة. ويقول الجيش الإسرائيلي إن نحو ثلث الصواريخ أخطأت أهدافها وسقطت داخل غزة.
وفي تل أبيب، دوت صفارات الإنذار من الغارات في أنحاء المدينة.
وهرع المشاة إلى الملاجئ وسارع الزبائن بالخروج من المطاعم بينما انبطح آخرون على الأرصفة عندما انطلقت صفارات الإنذار.
وقالت سلطة مطارات إسرائيل إنها أوقفت عمليات الإقلاع من مطار تل أبيب “للسماح بالدفاع عن سماء البلاد”، لكن العمليات استؤنفت فيما بعد.
وأظهرت لقطات مصورة بثتها القناة 12 بالتلفزيون الإسرائيلي صواريخ اعتراضية منصوبة على المدارج.
وبالنسبة لإسرائيل، يشكل استهداف المسلحين لتل أبيب، عاصمتها التجارية، تحديا جديدا في المواجهة مع حركة حماس الإسلامية، التي تعتبرها إسرائيل والولايات المتحدة منظمة إرهابية.
وجاءت أعمال العنف بعد توتر مستمر في القدس خلال شهر رمضان، في ظل اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين الفلسطينيين في المسجد الأقصى ومحيطه.
وتصاعدت هذه الاشتباكات في الأيام القليلة الماضية قبل جلسة محكمة، تم تأجيلها الآن، في قضية يمكن أن تنتهي بطرد عائلات فلسطينية من منازل بالقدس الشرقية يطالب بها مستوطنون يهود.
وتفجر العنف أيضا في الضفة الغربية المحتلة، حيث قتل فلسطيني عمره 26 عاما برصاص إسرائيلي خلال اشتباكات في مخيم الفوار قرب مدينة الخليل. وأفاد سكان محليون بأن القتيل هو حسين الطيطي من سكان المخيم.
وهذا ثاني قتيل يسقط خلال ساعات في الضفة الغربية. فقد أعلن مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون أن القوات الإسرائيلية قتلت فلسطينيا بالرصاص وأصابت آخر يوم الثلاثاء بعدما أطلقا النار صوبها قرب مدينة نابلس الفلسطينية.
* “ثمن باهظ جدا”
وليست هناك نهاية وشيكة للعنف على ما يبدو. وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن المسلحين سيدفعون ثمنا “باهظا جدا” للصواريخ التي وصلت إلى ضواحي القدس يوم الاثنين خلال عطلة في إسرائيل لإحياء ذكرى احتلالها القدس الشرقية في حرب عام 1967.
وقال نتنياهو وبجواره وزير الدفاع وقائد الجيش في تصريحات بثها التلفزيون “نحن في ذروة حملة كبيرة… حماس والجهاد الإسلامي دفعتا… وستدفعان ثمنا باهظا لعدوانهما”.
ودفع اندلاع القتال خصوم نتنياهو السياسيين إلى تعليق المفاوضات بشأن تشكيل ائتلاف من أحزاب اليمين واليسار ويسار الوسط للإطاحة به بعد انتخابات غير حاسمة في 23 مارس آذار.
وأمام زعيم المعارضة يائير لابيد ثلاثة أسابيع لتشكيل حكومة، مع إجراء انتخابات جديدة- وفرصة أخرى لنتنياهو للاحتفاظ بالسلطة- على الأرجح إذا فشل.
واتهمت جامعة الدول العربية إسرائيل بشن هجمات “عشوائية وغير مسؤولة” في غزة وقالت إنها مسؤولة عن “تصعيد خطير” في القدس. وكان بعض أعضائها عمدوا إلى تحسين العلاقات مع إسرائيل خلال العام الماضي.
وأطلقت حماس على هجومها الصاروخي اسم “سيف القدس” لتهميش الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتصوير نفسها على أنها حامية الفلسطينيين في القدس.
وقال زعيم الحركة إسماعيل هنية في خطاب بثه التلفزيون “الذي أشعل النار في القدس والأقصى وامتد لهيبها إلى غزة هو الاحتلال، وهو المسؤول عن تداعيات ذلك”.
وأضاف هنية إن قطر ومصر والأمم المتحدة على اتصال لحثهم على التهدئة لكن رسالة حماس لإسرائيل كانت “إذا أرادوا التصعيد فالمقاومة جاهزة وإذا أرادوا التهدئة فالمقاومة جاهزة”.
وقال البيت الأبيض يوم الثلاثاء إن لإسرائيل الحق المشروع في الدفاع عن نفسها من الهجمات الصاروخية، لكنه مارس ضغوطا على إسرائيل بشأن معاملة الفلسطينيين ، قائلا إن القدس “يجب أن تكون مكانا للتعايش”.
وقال دبلوماسيون ومصدر مطلع إن الولايات المتحدة تؤخر مساعي مجلس الأمن لإصدار بيان بشأن التوتر المتصاعد بين إسرائيل والفلسطينيين خشية أن يضر بالجهود المستمرة خلف الكواليس لإنهاء العنف.
وأضاف المصدر المطلع على الاستراتيجية الأمريكية، والذي طلب عدم نشر اسمه، إن واشنطن “تقوم بجهود دبلوماسية مكثفة خلف الكواليس مع كافة الأطراف للوصول إلى وقف لإطلاق النار” وتخشى أن يؤدي صدور بيان من المجلس إلى نتائج عكسية في الوقت الراهن.
وحث المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس الجانبين على الهدوء و “ضبط النفس”، قائلا “نأسف بشدة لوقوع خسائر في الأرواح.. خسائر في أرواح الإسرائيليين وخسائر في أرواح الفلسطينيين”
وأضاف “نضغط بقوة لإيصال رسالة خفض التصعيد هذه كيما نرى نهاية للخسائر في الأرواح”.
* أعمدة من الدخان الأسود
وقالت إسرائيل إنها أرسلت 80 طائرة لقصف غزة، ونشرت مشاة ومدرعات دعما للدبابات المنتشرة بالفعل على الحدود، فيما يعيد إلى الأذهان التوغل البري الإسرائيلي في القطاع لوقف الهجمات الصاروخية في 2014.
وقتل أكثر من 2100 فلسطيني في قطاع غزة في الحرب التي استمرت سبعة أسابيع بعد ذلك، وفقا لما ذكرته وزارة الصحة في القطاع، فضلا عن 73 إسرائيليا، كما دُمرت آلاف المنازل في غزة.
وأظهرت لقطات مصورة يوم الثلاثاء ثلاثة أعمدة من الدخان الأسود الكثيف تتصاعد من البرج السكني المنهار في غزة. وانقطعت الكهرباء في المنطقة المحيطة به.
وقال الجيش الإسرائيلي إن المبنى الكائن في حي الرمال بمدينة غزة يضم مكاتب “عديدة” لحماس، منها مكاتب للأبحاث والتطوير والمخابرات العسكرية.
ومن المعروف على نطاق وساع بالمنطقة وجود مكتب لحماس في المبنى يستخدمه القادة السياسيون والمسؤولون الذين يتعاملون مع وسائل الإعلام.
وذكر شهود والجيش الإسرائيلي أن سكان البرج والمنطقة المحيطة تلقوا تحذيرا لإخلاء المنطقة قبل حوالي ساعة من الضربة الجوية التي دمرت المبنى تماما.
وتعرض مبنى سكني ومكتبي ثان في الحي نفسه لأضرار شديدة في الهجمات الإسرائيلية قبل قليل من الساعة الثانية من صباح يوم الأربعاء. وكان السكان والصحفيون العاملون في المبنى قد غادروا بالفعل.
وقال مسؤولو وزارة الصحة في غزة يوم الثلاثاء إن عدد القتلى بلغ 32، لكن محطة إذاعية تابعة لحماس قالت في وقت لاحق إن ثلاثة آخرين، بينهم امرأة وطفل، قتلوا قبل قليل من الثانية من صباح الأربعاء في غارة جوية إسرائيلية على شقة أعلى مطعم.
وقال زعماء سياسيون إسرائيليون والجيش إنهم قتلوا “عشرات” النشطاء وأصابوا مباني تستخدمها حماس.
وقال وزير الدفاع بيني جانتس إن إسرائيل نفذت “المئات” من الضربات وإن “المباني ستستمر في الانهيار”.
وذكرت وزارة الصحة في غزة أن من بين القتلى الثلاثين الذين تم الإبلاغ عنهم عشرة أطفال وامرأة واحدة.
وقالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية نجمة داوود الحمراء إن امرأة تبلغ من العمر 50 عاما قتلت عندما أصاب صاروخ مبنى في ضاحية ريشون لتسيون في تل أبيب، وأن امرأتين قتلتا في ضربات صاروخية على عسقلان.
ودعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر جميع أطراف الصراع إلى العمل على تهدئة العنف، وأعادت تذكير الجميع بأن القانون الدولي يطالب بالعمل على تجنب سقوط ضحايا بين المدنيين.
وقال فابريزيو كاربوني المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر بالشرق الأوسط في بيان “يمثل القصف الصاروخي على إسرائيل مؤخرا والضربات الجوية على غزة تصعيدا خطيرا للتوتر والعنف الذي شهدته القدس في الأيام القليلة الماضية، بما في ذلك البلدة القديمة”.