القدس – الناس نيوز :
يجلس اليهودي المتشدد سيخما بارلو بعد تلقيه الجرعة الأولى من لقاح فيروس كورونا، على كرسي في عيادة في مدينة بني براك، بحذر شديد ويقول إن اتخاذه قرار الحصول على التطعيم لم يكن صعبا.
ويضيف الباحث في الكتاب المقدس (التوراة) (75 عاما)، وهو في إحدى عيادات المدينة ذات الغالبية من اليهود المتشددين “طالما الحاخامات (رجال الدين اليهودي) وافقوا، فلن أطرح أي أسئلة على الإطلاق”.
وتسير حملات التطعيم الأولية في إسرائيل بنجاح، إذ حصل نحو مليوني شخص على الجرعة الأولى من أصل الاثنتين المطلوبتين من لقاح شركة فايزر/بايونتيك، ويعتبر هذا الرقم الأعلى في العالم على مستوى الأفراد.
ويعزى الأمر في ذلك، إلى التدخل الشخصي من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، الذي يواجه منافسة صعبة لإعادة انتخابه في الانتخابات الرابعة خلال أقل من عامين، خاصة وأنه أيضا على أعتاب محاكمة تتعلق بتهم فساد، وستعقد في الأسابيع القليلة المقبلة.
وقال نتانياهو إن المحادثات مع المدراء التنفيذيين لشركتي فايزر/بايونتيك وموديرنا، ضمنت حصول إسرائيل على كميات كافية لتطعيم سكانها ممن تزيد أعمارهم عن 16 عاما، مع حلول أواخر آذار/مارس.
وتفيد وسائل إعلام بأن إسرائيل دفعت لشركة فايزر/بايونتيك، مبالغ أعلى من سعر السوق، لقاء ضمان الإمداد السريع للقاح. لكن وزارة الصحة الإسرائيلية رفضت التعليق على تلك التقارير.
ويقول الخبراء إن الفضل في نجاح عملية التطعيم، يعود بشكل رئيسي إلى المؤسسات الصحية العاملة في إسرائيل.
وتعمل في إسرائيل أربع صناديق صحية للمرضى، وبحسب الخبراء فإن هذه الصناديق تحتفظ ببيانات دقيقة عن المرضى الذين ترعاهم، ويمكنها حتى تقديم معلومات صحية ومهمة لهم عن طريق الرسائل النصية عند الحاجة.
وتم تصميم آليات الترويج للتطعيم في إسرائيل بما يناسب المجتمعات، فالمهم بالنسبة للمتدينين مثل بارلو، إشراك كبار رجال الدين منذ البداية وبالتالي ضمان تشجيعهم لأتباعهم الحصول على التطعيم ضد الفيروس.
وينسب الفضل في إنشاء قوائم المرشحين أصحاب الأولوية في الحصول على التطعيم بشكل سريع، إلى صناديق المرضى التي حرص العاملون فيها على الاتصال مع المرضى من أجل الحضور للحصول على التطعيم.
ويشدد الخبراء على أن نجاح عملية التطعيم يرتكز على قيادتها من قبل صناديق المرضى وليس الحكومة.
يقول رئيس برنامج السياسة الصحية في مركز “تاوب” لدراسة السياسات الاجتماعية في إسرائيل، دوف تشيرنيكوفسكي “أعتقد أن الحكومة تعلمت الدرس وتركت صناديق المرضى تفعل ما تعرف”.
ويتهم تشيرنيكوفسكي الحكومة بتقويض استجابتها للوباء من خلال عدم الاعتماد بشكل كاف على صناديق المرضى، خاصة فيما يتعلق بفحوص كورونا.
ويصف رئيس برنامج السياسة الصحية في مركز “تاوب”، تهميش صناديق المرضى بأنه كان أمرا “سخيفا”.
ويضيف “قررت الدولة في البداية عدم استخدام صناديق المرضى وكان ذلك خطا فادحا (…) شخص ما أعادهم إلى رشدهم”.
– عشر دقائق –
تعتبر العضوية في صناديق المرضى في إسرائيل إلزامية لجميع المواطنين، ويمكن للأشخاص غير الراضين عن خدمات الصندوق المنتسبين له، تغييره مرتين في العام.
وبعكس شركات التأمين الصحي التقليدية فإن تلك الصناديق غير هادفة للربح، إذ أنها تلعب دورا مباشرا في تقديم الخدمات الطبية من خلال الأطباء الذين توظفهم وإدارة العيادات وتغطية تكاليف الرعاية الصحية.
وبحسب تشيرنيكوفسكي، فإن نموذج تشغيل صناديق المرضى هذا، وضعه اليهود الذين كانوا يعيشون في “فلسطين” خلال عهد الإمبراطورية العثمانية.
ويقول الرئيس التنفيذي لصندوق المرضى “ميؤحيدت”، سيغال ريغيف روزنبرغ، إن المعلومات التفصيلية الموجودة عن المرضى سمحت للصندوق الصحي الذي يديره بإنشاء قوائم التطعيم بسرعة.
ويشرح روزنبرغ “أنشأنا فورا نظاما للبيانات يحدد الأولوية لمن في الحصول على اللقاح، ومن يمكنه الانتظار، الأمر استغرق عشر دقائق”.
وعملت صناديق المرضى مع رجال الدين البارزين في المجتمعات المتدينة “منذ بداية العملية” على حد قول روزنبرغ.
ويشير الرئيس التنفيذي لصندوق “ميؤحيدت” إلى الحاجة لمزيد من العمل لضمان وصول التطعيم للعرب والإسرائيليين.
وفي القدس الشرقية المحتلة، يقول عضو وحدة مكافحة فيروس كورونا الطبيب علي الجبريني لوكالة فرانس برس “إن إقبال الفلسطينيين كان ضعيفا في البداية”. ويضيف “لكن أصبح هناك صحوة، بدأت الأعداد بالازدياد”.
ويلقي الجبريني باللوم على “المعلومات المضللة” التي يحصل عليها الفلسطينون عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
– الفلسطينيون –
وعلى صعيد متصل، تصاعدت الانتقادات الموجهة لإسرائيل فيما يتعلق بموقفها من تطعيم الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وغزة.
واستشهدت جماعات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية، بالقانون الدولي للدفاع عن حق الفلسطينيين بالحصول على اللقاح عن طريق إسرائيل بصفتها قوة عسكرية محتلة.
ولم تطلب أيا من السلطة الفلسطينية في رام الله أو حكومة حماس الإسلامية في قطاع غزة المحاصر، علنا من إسرائيل المساعدة في تأمين اللقاحات.
وضمن جهودها للحصول على لقاح أعلنت السلطة الفلسطينية الإثنين توقيع أربعة عقود مع شركات إنتاج للقاحات بينها اللقاح الروسي سبوتنيك-في.
ويرى مدير كلية الصحة العامة في جامعة بن غوريون-فرع بئر السبع، نداف دافيدوفيتش، أن تزويد اللقاحات للفلسطينيين هو “الشيء الصحيح الذي يجب القيام به من الناحية الأخلاقية”، كما أن فيه مصلحة لإسرائيل.
ويقول دافيدوفيتش وهو عضو في إحدى اللجان الاستشارية الحكومية للاستجابة للحالة الوبائية “نحن نعيش جنبا إلى جنب، إذا أردنا خلق مناعة للقطيع، فمن المهم أن يتم تطعيمهم أيضا”.