ملبورن – الناس نيوز ::
من المنتظر أن تندمج مجموعة من صناديق التقاعد العملاقة في أستراليا مع بعضها، لتشكل كيانات “عملاقة” للتمويل العالمي حيث تشجع الجهة الحكومية التنظيمية لهذا القطاع عمليات الاندماج لسوق مالي ضخم حيث يشكل سوق المعاشات التقاعدية نحو 3.3 تريليون دولار أسترالي (2.4 تريليون دولار أمريكي).
وأكد محللون لصحيفة “فاينانشال تايمز”: “أن الإصلاحات الأخيرة دفعت القطاع نحو إعادة هيكلة من ثلاثة إلى خمسة صناديق ضخمة ، بعد 15 عملية اندماج قياسية في 12 شهراً حتى أكتوبر 2021.
وقد تم تعزيز هذا التحول من خلال مجموعات ضخمة من الأصول التي أنشأها النظام الأسترالي للادخار الإجباري للمعاشات التقاعدية”.
كما تتأهب أسواق الأسهم العالمية لاستقبال استثمارات جديدة من هذه الصناديق بكتلة مالية تقدر أصولها بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار في وقت تعمل فيه الصناديق على تغيير استراتيجيتها الاستثمارية من خلال التحول إلى الرهان على أسهم الشركات الكبرى المدرجة.
وشهدت صناديق التقاعد في أستراليا فورة خلال السنوات الأخيرة مع تبني تلك الصناديق لخطط استثمارية قوية أهلت عدداً منها في نهاية المطاف نحو التحول إلى صناديق عملاقة تبحث عن مزيد من الفرص الاستثمارية بما يحقق لها نمواً مطرداً.
ولطالما كانت صناديق التقاعد الأسترالية تميل نحو قنص الفرص الاستثمارية في الداخل إلا أن تلك الصناديق بصدد تغيير استراتيجيتها في الوقت الحالي مع العمل على توظيف مديري صناديق استثمارية جدد من أجل التوسع في الأسواق الخارجية وضخ استثمارات طويلة الأجل في أسهم النمو على غرار السياسة التي تنتهجها صناديق التقاعد الكندية والمعروف عنها بناء مراكز طويلة الأجل في الشركات الكبرى حول العالم.
وقال رئيس شركة رايت لاين الاستشارية ومقرها ملبورن أبهيشيك تشيكارا: “إن هيئة التنظيم المالي الاحترازية في أستراليا، وهي الجهة المنظمة للخدمات المالية، دفعت باتجاه عميات الدمج بين الكيانات لا سيما المتعثرة لتنضوي ضمن كيانات أقوى، ولعل التغييرات التي أدخلتها الهيئة والإصلاحات خاصة في الصناديق الصغيرة والمتوسطة الحجم، تقودنا إلى طريق نظام أكثر تماسكاً، وبينما تكافح الشركات الصغيرة للمنافسة، فمن المرجح أن تندمج في صناديق أكبر بكثير”.
كما وجد التحليل الذي أجرته شركة Right Lane أن ما بين ثلاثة وخمسة صناديق عملاقة عامة، كل منها يضم مليوناً إلى 3 ملايين عضو، وسبعة إلى 10 صناديق متخصصة تضم ما لا يقل عن نصف مليون عضو، ستحافظ على المنافسة والتخصص في السوق.
إن “الصناديق الفائقة” الأربعة مع أكثر من 100 مليار دولار من الأصول الخاضعة للإدارة هي AustralianSuper و Aware Super و UniSuper و QSuper.
ولدى AustralianSuper 2.5 مليون عضو، و 244 مليار دولار أسترالي أموال تحت الإدارة، وهو مبلغ تتوقع أن يتضاعف في غضون خمس سنوات. وقد نفذت 14 عملية اندماج، كان آخرها مع Club Plus الشهر الماضي.
أما صندوق QSuper، فيدير أموالاً بقيمة 133 مليار دولار أسترالي ويضم حوالي 600 ألف عضو، ومن المقرر أن يخدم مليوني عضو ويدير أكثر من 200 مليار دولار أسترالي بعد اندماجه مع SunSuper، والذي سيكتمل بحلول نهاية شباط القادم. وسيعمل الصندوق المشترك تحت الاسم الجديد Australian Retirement Trust.
وفي هذا الصدد يتوقع ديفيد باردسلي، الشريك الاستشاري لشركات التقاعد: “أن تحفز عمليات الاندماج الأخيرة المزيد من الخطوات” لكنه حذر من تراجع مرونة الشركات مع ازدياد حجمها المالي “رأينا ذلك يتجلى في أسواق أخرى حيث توجد شركات كبيرة جداً تتراوح قيمتها بين 600 و 800 مليار دولار، تصبح القدرة على استخدام هذا المقدار من رأس المال بطريقة نشطة أمراً صعباً بشكل متزايد”.
ويقول كبير موظفي الاستثمار لدى صندوق Statewide Super، وهو صندوق للتقاعد يدير أصولاً بنحو 8 مليارات دولار، للصحيفة “خلال السنوات العشر المقبلة لن أصاب بالاندهاش إذا ما وجدت صناديق التقاعد الأسترالية لاعباً فاعلاً في مشهد الأسواق العالمية”.
وتركزت استراتيجية الصناديق الأسترالية خلال عقود مضت على اختيار مديري استثمار من الشركات الكبرى من أجل قنص الفرص الخارجية وهو أمر باهظ التكلفة لتلك الشركات التي عدلت من استراتيجيتها وقررت زيادة موظفيها في الداخل والبحث عن ذوي الخبرة في مجال الاستثمار وهو أقل كلفة مما كانت تتكبده تلك الشركات في الماضي.
وعلى مدار عقد من الزمن، كانت صناديق التقاعد الكندية هي المهندس لتلك السياسة الاستثمارية، إذ تشير بيانات Dealogic إلى أن تلك الصناديق أنفقت نحو 180 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية لبناء حصص استثمارية في كبريات الشركات العالمية المدرجة وغير المدرجة من مطار هيثرو في لندن إلى كبريات الشركات في أميركا الجنوبية.