طهران – الناس نيوز ::
أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية الخميس إغلاق المعهد الفرنسي للبحوث في إيران (إفري) بعد نشر مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية الساخرة رسوما كاريكاتورية اعتبرتها طهران مهينة للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، وذلك بحسب وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب.
لكن وزارة الخارجية الفرنسية أكّدت الخميس أنها لم تُبلّغ رسميًا بإغلاق السلطات الإيرانية المعهد.
وقالت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية آن-كلير لوجاندر “لم نتلقّ أي معلومة رسمية حتى الآن في ما يخصّ إعلانات عبر الاعلام للسلطات الإيرانية في ما يخصّ إغلاق المعهد الفرنسي للبحوث في إيران (إفري)”، مضيفة “سيكون ذلك مؤسفًا بالطبع في حال تأكّد”.
وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية أن “الجمهورية الإسلامية تندّد بعدم تحرّك السلطات الفرنسية المعنية المتواصل في مواجهة معاداة الإسلام والترويج للكراهية العنصرية في الإعلام الفرنسي”.
وقالت إن “الشعب الإيراني يطالب الحكومة الفرنسية بمحاسبة المسؤولين عن نشر الأعمال العدائية الأخيرة والترويج لها ومنع تكرارها”، وسيتابع “بجدية” الإجراءات التي ستتخذها فرنسا.
ودعت باريس إلى “مكافحة الإسلاموفوبيا بجدية”.
كما أعلنت الوزارة “وضع حد لنشاطات المعهد الفرنسي للبحوث في إيران كمرحلة أولى” من الردّ الإيراني.
وبحسب موقعه الإلكتروني، فإن المعهد الفرنسي للبحوث في إيران ملحق بوزارة الخارجية الفرنسية. أبصر النور في العام 1983 بعد اندماج “البعثة الأثرية الفرنسية في إيران” (دافي) التي أنشئت في العام 1897، والمعهد الفرنسي لعلوم إيران في طهران (إفيت) الذي أسسه هنري كوربان عام 1947.
وحذّرت إيران باريس الأربعاء من أن ردّها سيكون “حاسما” بعد نشر رسوم كاريكاتورية “مهينة” لآية الله علي خامنئي، أعلى شخصية سياسية ودينية في إيران، في مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية.
ونشرت المجلة في عدد خاص الأربعاء الرسوم الكاريكاتورية في سياق مسابقة أعلنت عنها دعما للاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ 16 أيلول/سبتمبر عقب وفاة الشابة مهسا أميني على إثر توقيفها من جانب شرطة الأخلاق لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
وقُتل المئات، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، خلال الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات. كذلك أوقف الآلاف على هامش التحركات التي يعتبر مسؤولون إيرانيون جزءا كبيرا منها بمثابة “أعمال شغب” يقف خلفها “أعداء” الجمهورية الإسلامية.
كما جاءت الرسوم في ذكرى تعرّض شارلي إيبدو لاعتداء في باريس في كانون الثاني/يناير 2015 قتل خلاله عدد من الأشخاص بينهم رسامون وصحافيون بارزون في المجلة. وأعلن متطرفون نفذوا الاعتداء أنه ردّ على نشر المجلة رسوما كاريكاتورية عن النبي محمد. وكانت هذه الرسوم تسبّبت بموجة تظاهرات واحتجاجات عارمة في عدد كبير من الدول الإسلامية، تخللتها أعمال عنف.
– “عمل مهين” و”حرية” –
وكتب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان عبر تويتر الأربعاء “إن العمل المهين وغير اللائق الذي بادرت إليه مجلة فرنسية ضد المرجعية السياسية والدينية لن يمر دون رد حاسم وفعال”.
وفي وقت لاحق، أعلنت الخارجية الإيرانية استدعاء السفير الفرنسي في طهران نيكولا روش على خلفية “السلوك المسيء لإحدى الصحف الفرنسية إزاء المرجعية والمقدسات والقيم الدينية والوطنية”، وفق وكالة أنباء “إرنا”.
وأضافت “إرنا” أن الناطق باسم الوزارة ناصر كنعاني أبلغ السفير في لقاء عقد الأربعاء “احتجاج ايران الشديد على الحكومة الفرنسية”، مؤكدا أن “الجمهورية الاسلامية لن تقبل اطلاقا بالإساءة الى المقدسات ومبادئها الاسلامية والمذهبية والوطنية”.
وتابع “لا يحقّ لفرنسا تبرير الإساءة الى مقدسات الدول الأخرى والشعوب المسلمة، بذريعة الدفاع عن حرية التعبير”، وفق الوكالة.
وقال كنعاني “الجمهورية الاسلامية الإيرانية تحمّل الحكومة الفرنسية المسؤولية بشأن التداعيات المترتبة على هذا السلوك البغيض”، بحسب “إرنا”.
وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الخميس خلال مقابلة مع محطة “إل سي إي” التلفزيونية ردّا على التحذيرات الإيرانية “السياسة الخاطئة هي تلك التي تتبعها إيران التي تمارس أيضا سياسة رهائن مثيرة للصدمة”.
وتابعت “في فرنسا، حرية الصحافة موجودة بخلاف ما يحدث في إيران”، وهي تمارَس “تحت إشراف قاض في إطار عدالة مستقلة، وهذا أمر لا شك في أن إيران أيضا لا تعلمه بشكل جيد”.
وبقي المعهد الفرنسي للبحوث في إيران الواقع في وسط طهران مغلقا لسنوات، وقد أعيد فتحه خلال عهد الرئيس السابق حسن روحاني (2013-2021) كعلامة على عودة الدفء الى العلاقات بين فرنسا وإيران. ويضم المعهد خصوصا مكتبة غنية يستخدمها طلاب اللغة الفرنسية وأكاديميون إيرانيون.