القاهرة – الناس نيوز :
الصورة الرئيسة : العارضتان المصريتان زينة إيهاب ومريم عبدالله خلال جلسة تصوير في استوديو وكالة “أون” لعروض الأزياء في القاهرة في 15 آذار/مارس 2021
كان السائد في مصر حتى اليوم أن تكون عارضات الأزياء غالباً “من أوروبا الشرقية وذوات بشرة وشعر وعيون فاتحة اللون”، بحسب مؤسسة شركة “أون” ايمان الديب التي تعمل على تغيير معايير للجمال “عفا عليها الزمن”.
وقد بدأت الديب البالغة 28 عاما وصاحبة القوام النحيف للغاية والشعر المجعد، مشوارها المهني قبل عشر سنوات في ميلانو بإيطاليا حيث نبهها “مصورون كبار” إلى أنها “أول عارضة مصرية يصادفونها”.
وتتساءل العارضة التي ظهرت على صفحات مجلة “ﭭوغ العربية”، من مكتبها في قلب القاهرة “لكن لماذا؟ .. صحيح أن صناعة الموضة لا تزال في طور النمو في العالم العربي .. ولكن إلى هذا الحد؟؟”.
وخلال هذه السنوات العشر، تحسن الوضع، بحسب موقع “ذي فاشون سبوت” المتخصص، وخلال موسم خريف 2021 كانت 43% من العارضات من ذوات البشرة الملونة، وهي نسبة قياسية.
لدى عودتها إلى القاهرة في نهاية 2018، شعرت الديب أن الوضع بات مهيئا وأسست مع شقيقتها يسرا شركة “أون”، أو (نهضة) بلغة النوبيين وهم أقلية اثنية ذات بشرة سمراء في جنوب مصر، من أجل تدريب فتيات “يطمحن أن يصبحن عارضات” ولم يجدن حتى ذلك الحين “من يدعمهن”.
وتؤكد الديب لوكالة فرانس برس “الجمال لا يمكن تحديده بملامح الوجه أو لون العيون أو الشعر”.
وتتابع “نحن نبحث عن فتيات لديهن هويتهن الخاصة ولديهن استعداد لتكوين شخصية مميزة من دون الالتفات إلى آراء الناس”.
-“التعافي”-
اعتادت أضار ماكواك أبيام أن تسمع المارة يقولون لها أن “لونها غامق جدا” أو أنها “دميمة” ولذلك لم تكن تتخيل أن تصبح عارضة أزياء في مصر حيث تقيم كلاجئة منذ العام 2014.
ومع ذلك، منذ العام 2019، انضمت الفتاة المتحدرة من جنوب السودان إلى شركة “أون”، وهو أمر ليس سهلا بالمرة في بلد “تعشش فيه، كما في الغرب، أفكار مسبقة عن الأجساد ذات اللون الداكن”، بحسب ما تشرح لوكالة فرانس برس ماري غريس براون التي ألفت كتابا عن الموضة النسائية ومغزاها السياسي في السودان في مطلع القرن العشرين.
واليوم تتطلع الشابة، التي كبرت وهي تشاهد عروض أزياء العارضة البريطانية ذات الأصول الجامايكية ناومي كامبل، الى أن تصبح “بدورها وجها ايجابيا” للفتيات ذوات البشرة السمراء في العالم.
وبينما كانت ترتب شعرها المجعد استعدادا لجلسة تصوير، تروي مريم عبد الله وهي عارضة أزياء مصرية في الثانية والعشرين من عمرها، أنها عملت في الخارج أكثر من مصر حيث “لايبدون اهتماما كبيرا بعارضات الأزياء غير النمطيات”.
وتقول صباح خضير، الناشطة المصرية المناهضة للعنف ضد المرأة، إن “أون تساهم في تغيير معايير الجمال” وفي “تفكيك العنصرية الكامنة”.
وتضيف الشابة التي تقيم في الولايات المتحدة أن “زيادة تمثيل النساء الملونات في الموضة والسينما وفي مجالات أخرى يمكن أن ينقذ أرواحا لأنه يضفي طابعا أكثر إنسانية عليهن في عيون العالم”.
وإضافة إلى هذه الأفكار النمطية المتجذرة، فإن موافقة الأهل على عمل الفتاة كعارضة أزياء، تشكل تحديا آخر في مجتمع محافظ.
وتوضح الديب أن ثلاثة أرباع الأسر تخشى من أن يتم استغلال صور بناتهن ونشرها في أماكن غير تلك التي وافقن عليها، وأن يرتدين ملابس تكشف بعض أجزاء من أجسادهن، أو أن تكون ساعات العمل “غير مناسبة للشابات”.
وتؤكد الديب أنه “مهما كانت المهنة، يحاول الأهل دائما التحكم في الفتاة واتخاذ القرار بدلا منها”، في بلد تعاني فيه الإناث من البطالة بنسبة كبيرة.
فى 2019، كانت 18,5% فقط من النساء يعملن، وفق البنك الدولي.
غير أن الديب سجلت نقاطا بالفعل: فقد حصلت عارضات أزياء شركتها على تأشيرة دخول إلى فرنسا “للعمل كعارضات” وهو بالنسبة لها إنجاز “تاريخي”.
وغادرت مريم بلدها “لأول مرة” بفضل عقود حصلت عليها مع قرابة عشر وكالات في أوروبا والولايات المتحدة.
وتعتقد خضير أن العمل كعارضات أزياء وفق رؤية تناهض التمييز على أساس اللون يتيح للنساء مزيدا من “الاحترام للذات”.
وتضيف “هو نوع من التعافي نحتاجه جميعا”.