د. خالد عبد الكريم – الناس نيوز :
يكتمل عام منذ التوقيع على إتفاق الرياض وما زال الحدث هو الأول الذي يتابعه اليمنيون باهتمام وترقب وجدل سياسي ومجتمعي تصحبه تكهنات بحصص الأحزاب وأسماء الوزراء ، متوازيةً مع أزمات معيشية مُركبة يكابدها الشارع اليمني.
اتفاق الرياض كان قد وُقع في 5 نوفمبر 2019م بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي للتسوية بين الطرفين ، وحدد الترتيبات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية.
الترتيبات السياسية وفق الاتفاق تضمنت تشكيل حكومة كفاءات سياسية لاتتعدى 24 وزيراً ، يُعين أعضاؤها بالتشاور مع الأحزاب والمكونات السياسية ،على مبدأ المحاصصة.
حالت الخلافات دون التقيُد بالتزمين المحدد بشهر واحد لتشكيل الحكومة ومر عام وما زالت المشاورات جارية ، وكانت الترتيبات السياسية نصت أيضاً على تعيين محافظ ومدير لأمن محافظة عدن خلال 15 يوماً من توقيع الاتفاق ، لم يتأتَّ ذلك إلا بعد تسعة أشهر بعد أن تدخلت الرياض وأبوظبي مجدداً بمبادرة أُطلق عليها آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض في أواخر يوليو 2020
الترتيبات العسكرية والأمنية في بنود اتفاق الرياض تبقى هي العُقدة الأصعب والسبب الذي أعاق تنفيذ الترتيبات السياسية ، فالحكومة اليمنية تشترط تنفيذ الترتيبات السياسية والعسكرية والأمنية في آن واحد ، بينما المجلس الانتقالي الجنوبي يرى لا غضاضة في أن يتم تنفيذ الترتيبات السياسية أولاً والمُتضمنة تشكيل حكومة المحاصصة ومن ثم البدء في الترتيبات العسكرية والأمنية.
ومن ضمن بنود الترتيبات العسكرية والأمنية المثيرة للخلاف والتي أعاقت تنفيذ اتفاق الرياض حتى اليوم هو مايتعلق بتوحيد القوات العسكرية التابعة للحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي وضمها لوزارة الدفاع ، وتوزيعها وفق الخطط المعتمدة تحت إشراف مباشر من قيادة التحالف، وكذلك إعادة تنظيم القوات التابعة للحكومة والتشكيلات المسلحة وقوات مكافحة الإرهاب التابعة للانتقالي ضمن قوات وزارة الداخلية.
أما الترتيبات الاقتصادية في اتفاق الرياض، فهي مرتبطة بتشكيل الحكومة الجديدة، و برنامجها القادم، وكلما طال انتظار التشكيل الوزاري ازدادت الانعكاسات السلبية للفراغ الوزاري الذي بدوره يفاقم من مأساوية الوضع الاقتصادي و الخدمي الذي يعاني منه اليمنيون.
الجهود المبذولة للتسريع في تنفيذ الاتفاق
تنفيذ اتفاق الرياض يُجابه تحديات كثيرة رغم آلية التسريع المتفق عليها في يوليو 2020 برعاية السعودية والتي على أساسها تخلى المجلس الانتقالي الجنوبي عن الادارة الذاتية لحكم الجنوب التي أعلنها في أبريل 2020م
في تصريح لجريدة ” الناس نيوز” الأسترالية الإلكترونية أوضح الأكاديمي والناشط السياسي اليمني الدكتور فارس البيل أن تنفيذ بنود اتفاق الرياض تأخر عما كان مرسوماً له، لتتمة كل بنوده بما فيها الدمج النهائي بين المجاميع والقوات المختلفة خلال تسعين يوما من لحظة التوقيع، ومع ذلك يمر عام دون أن تنجز منه سوى خطوات بسيطة من الشق السياسي، وما تزال ترتيبات إعلان الحكومة تراوح مكانها حتى الان، أما الشق الأمني والعسكري فما زال المحك والمشكلة التي تعثر الاتفاق برمته، والخلاف حول أي الشقين يتم البدء به، مع أن الاتفاق كان مزمنا للشقين بالتزامن أو بالتتابع.
وأضاف د. فارس البيل أن الاتفاق رغم تفصيله للمراحل والخطوات؛ فإنه كان بحاجة لآليات مراقبة وضمانات تنفيذ، والأهم إلى ضغط ومتابعة من قبل راعي الاتفاق الدبلوماسية السعودية، وربما أن الأطراف استغلت جانب علاقاتها بالمملكة للتباطؤ وخلق الأعذار وتقديم تفسيرات من شأنها التملص من التنفيذ الفعلي والشامل.
وقال د. البيل في تصريحه للناس نيوز “لعل هذه الظاهرة تكاد تكون حاضرة في كل الاتفاقات السياسية في اليمن، إذ يسهل الوصول إلى الاتفاقات بين الأطراف والالتزام العلني، لكن تجد هذه الأطراف في التنفيذ فرصا للتلكؤ والتهرب من التنفيذ.
وأضاف الأكاديمي والباحث السياسي اليمني د.فارس البيل “ونحن نكمل العام على الاتفاق رغم محاولة السعودية إعادة الاتفاق الى جادة التنفيذ عبر اتفاق إضافي لتسريع عملية التنفيذ في يوليو 2020، يفترض به أن ينهي كل محاولات التملص ، إلا أن التنفيذ للاتفاق ما يزال يراوح مكانه عند نقطة البدء ، على الرغم من التقدم في مشاورات تشكيل الحكومة، وما لم يتم الضغط بثقل الدبلوماسية السعودية على الأطراف للتنفيذ دون خلق بؤر للتملص، فإن هذا الاتفاق مهدد بالفشل، أو على الأقل سيظل شماعة للأطراف للتخلي عن مسؤولياتها وخلق ترتيبات تعقد من الوصول لحلول حقيقية، في وقت تزيد معاناة اليمنيين في ظل حالة اللادولة التي يعيشونها أو حالة الاستقطاب وغياب المسؤولية عن السلطة، في وقت ما تزال كل هذه الأطراف المتخاصمة مهددة باستمرار الحوثي في الشمال، الذي يستفيد بشكل واضح في تعزيز هيمنته وبقائه وتمدده نتيجة هذا التشظي المعرقل لغايات استعادة الدولة أو رفع المعاناة عن اليمنيين وإنهاء الحرب المدمرة”.
تنفيذ الاتفاق وتفهم التغيرات الدولية
تنفيذ اتفاق الرياض بين القوى السياسية اليمنية المناهضة للمشروع الحوثي يتطلب تمتين الوحدة الوطنية وإغلاق الثغرات التي يمكن أن تتسلل منها الخلافات، وعلى تلك القوى تدارس المطالب والمخاوف والتطلعات وتوفير شروط تقبل الآخر الذي دونه لا أُفق.
كما أن على القوى السياسية اليمنية المناهضة للحوثيين إدراك صعوبة الأوضاع التي تعيشها اليمن فالمرحلة تتطلب وضوحاً في الأولويات والاصطفافات ، والمهام المنتظرة ليست بسيطة في الحرب ضد الحوثيين وفي مواجهة طموحات إيران في اليمن والمنطقة ، ولن تكون تلك المهام بالهينة والتغييرات الأخيرة التي أُدخلت على المشهد السياسي إقليمياً و دولياً.
الأكثر شعبية

هجرة المسيحيين السوريين بين التفكك الوجودي وتحديات البقاء…

الحكومة الأسترالية تبدأ خطوات “تعليق” العقوبات على سوريا…


