أنور عمران – الناس نيوز ::
لسببٍ ما، في ليلةِ السبتِ الهادئة، توقفتْ تحتَ شبّاكي سيّارةُ الإسعاف…
ممرضتان: واحدةٌ تقيسُ الضغط، وأخرى تكشُّ ملائكةَ الموت…
والطريق تحتَ شباكي زَلِقٌ كمرآة، فالعمال الذين يكشطونَ الثلجَ عادةً يقضونَ عطلةَ السبتِ بعيداً عنِ الكاسحات…
……
عينا السيّدِ المستلقي مغلقتان، ربما شاهدَ في حلمِه جِراءً تركض، أو أطفالاً يقفزون من فوق سورِ المدرسة، أو ربما شاهدَ أمَّه وهي تمسكُ بدراجته الهوائيةِ، ومن الممكن أيضاً أن السيّدَ ذي العينين المغمضتين لم يحلم أبداً، فقط وضعَ الخارطةَ في رأسه، ورمى قطعتَه النقديةَ عالياً وهو يسأل الغيب:
” المشفى أمِ السماء؟”
وفي كلتا الحالتين، تلزمه استراحةٌ عاصفةٌ تحتَ شباكي..
….
” السيروم” المُعلّقُ على العامودِ كحبلِ النجاة، تساقطتْ قطراتُه مثل دموعِ الوداع، أما الممرضةُ التي كانت تقيس الضغط، فقدْ أمسكتْ هاتفها ببرود – ربما استشارتِ الطبيبَ بأمرٍ ما، ربما طلبتْ من غرفةِ الطوارئِ أن يُجهّزوا سريراً لزائرٍ مستعجلٍ،
أو ربما قالتْ لحبيبها: ” تعالَ نتزوجْ، فالموت رجلٌ أحمقٌ يسيرُ على طريقٍ زلق”-
…
وبعد أن مشتْ سيارةُ الإسعاف، التقطَ واحدٌ من الجراءِ التي تركضُ في حلم الرجل المريضِ كرةً صغيرة، أغلقتِ الممرضةُ الأولى هاتفها، والممرضةُ التي كانت تكشُّ الموت ضحكتْ مثل قطةٍ يمسح رأسَها صاحبُها، وانتهى كلُّ شيء…
لكن رحيل سيارة الإسعاف، لم يكن سبباً كافياً لكي أنسى أنها توقفت تحت شباكي….


