دمشق وكالات – الناس نيوز ::
السورية أم وفاء: الظلم انتهى، أبناء هذا الوطن سيعودون وسيعيدون بناء كل شيء.. في ظل نظام الأسد الحياة تشبه العيش في منفى داخل سجن كبير، والآن نلنا الحرية
ـ السوري حميد حسين: سنوات حرب النظام على الشعب سلبت طفولتي.. سأواصل التعليم لأصبح مهندسا معماريا من أجل أن أعيد بناء حيي ووطني ومستقبلي
في شرق العاصمة دمشق التي دمرها نظام بشار الأسد المخلوع وحلفاؤه، يتشبث السوريون بالحياة على أطلال منازلهم، مدفوعين بآمال بمستقبل واعد دفعوا ثمنه باهظا على مذبح الحرية.
وفي أحياء حرستا وجوبر شرق دمشق، تظهر آثار آلة الحرب الأسدية بأقبح صورها، ويتجلى بوضوح الثمن الباهظ الذي دفعه السوريون في نضالهم لإنهاء حكم نظام الأسد المخلوع الذي دام 61 عاما.
وتنتشر في أحياء شرق دمشق بقايا البراميل المتفجرة وقذائف الهاون، والمدفعية التي استخدمها جيش الأسد وحلفاؤه ضد السوريين. وفق الأناضول .
ولا تختلف المشاهد في مدن الغوطة الشرقية عن المشاهد الهوليودية في أفلام نهاية العالم حيث الأحياء والأبنية المدمرة التي تحولت إلى مدن أشباح.
السوريون يعودون لمنازلهم
بعد سقوط نظام الأسد المخلوع بدأ السوريون يعودون رويدا رويدا إلى الغوطة الشرقية، مع ما يمتلكونه من أشياء يفترشونها وتقيهم برد الشتاء.
وقال سكان بالمنطقة إن جنود نظام الأسد قاموا بنهب كل شيء في المنازل، بما في ذلك الرخام، وبلاط الأرضيات والأسلاك الكهربائية وحتى القضبان الحديدية داخل الكتل الأسمنتية للأبنية.
وفي حي جوبر البالغ عدد سكانه سابقا 300 ألف نسمة، تحولت الأزقة والشوارع إلى مدن أشباح بعد مغادرة معظم السكان بسبب الدمار الكبير. ونادرا ما تمر بين فينة وأخرى سيارة تكون لسوريين يريدون رؤية أطلال منازلهم.
وفي حي حرستا، يلفت الأنظار وجود الزهور ونباتات الزينة على شرفات ونوافذ القليل من المنازل وسط كومة من الركام تروي قصة تشبث السوريين بالحياة والأمل في غد أفضل.
وسابقا كان يضم حي حرستا نحو 250 ألف نسمة، بحسب ما أكده سكان محليون، بقي منهم الآن قرابة 10 آلاف فقط.
الظلم انتهى وسنعيد بناء وطننا
بين أنقاض المنازل المهدمة، تحاول السورية أم وفاء (60 عاما) الأم لخمسة أبناء، التشبث بالحياة بعد أن غادرت حرستا عام 2012 وعادت إليها في 2019.
وفي حديث للأناضول قالت أم وفاء إن جنود نظام الأسد اعتقلوا ابنها البالغ من العمر 30 عاماً في نقطة تفتيش عام 2012.
وذكرت وهي تبكي أنها بحثت عنه بكافة السجون ولم تعثر عليه.
وحكت فصولا من ظلم جنود الأسد في إهانة الشعب وسرقة منازله وخطف الشباب، وقالت إن قلبها كان يرتعش من الفرح عند تقدم فصائل المعارضة إلى دمشق.
وأعربت أم وفاء عن شكرها لتركيا على احتضان الشعب السوري ومشاركته آلامه ولأن أبناءها ما زالوا يعيشون فيها.
وروت حوارا دار بينها وبين جنود للنظام عند مرورها بإحدى نقاط التفتيش حيث سألوها عن وجهتها فقالت لهم: “إلى غزة الأسد” في إشارة لدمار حرستا الشبيه بالدمار الذي خلفه الجيش الإسرائيلي في غزة.
وأكدت أم وفاء استعدادها للعيش في منزلها وسط الركام لمئة عام أخرى قائلة: “الظلم انتهى، الشباب سيعودون، وأبناء هذا الوطن سيعيدون بناء كل شيء من جديد”.
وأشارت إلى أن الأوضاع قد تغيرت رغم مرور أيام قليلة فقط على تحرير دمشق وسقوط نظام الأسد، قائلة: “كنا ننتظر 5 ساعات للحصول على خبز. الآن لا يستغرق الأمر 10 دقائق، وهذا منذ اليوم الأول لتحررنا، بل يمكننا أن نأخذ ما نريد من الخبز”.
وتذكرت في حديثها كيف كان جنود نظام الأسد يعاملونها ويفتشون حقائبها قائلة: “كانوا يُعاملوننا كالغرباء والأعداء في وطننا والخوف يلازمنا دائما”.
ودعت أم وفاء العالم لتهنئة السوريين بزوال “الظلم” عنهم ووصفت العيش بسوريا في ظل نظام الأسد بـ”العيش في منفى داخل سجن كبير، إلا أننا الآن نلنا الحرية”.
** نظام الأسد سلب الأطفال طفولتهم
أما حميد حسين، البالغ من العمر 19 عامًا، فعاد مع والديه إلى حي حرستا عام 2019، مشيراً إلى أنّ الكهرباء تأتي مرة واحدة في الأسبوع.
ووصف حسين سنوات الحرب التي شنها النظام ضد الشعب، بأنها سلبت طفولته.
وأعرب عن عزمه استكمال تعليمه لتحقيق هدفه في أن يصبح مهندسا معماريا، من أجل إعادة بناء حيه ووطنه ومستقبله.
وسيطرت فصائل سورية، في 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، على دمشق وقبلها مدن أخرى، مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وحكم بشار سوريا 24 عاما منذ 17 يوليو/ تموز 2000 خلفا لوالده حافظ الأسد (1971-2000)، وغادر البلاد هو وعائلته خفية إلى حليفته روسيا، التي أعلنت منحهم حق اللجوء لما اعتبرتها “أسبابا إنسانية”.
وفي اليوم التالي لخلعه، أعلن قائد الإدارة الجديدة لسوريا أحمد الشرع، تكليف محمد البشير رئيس الحكومة التي كانت تدير إدلب منذ سنوات، بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية.