د . أمير سعادة – الناس نيوز ::
في سنة 1913 تزوج سلطان نجد عبد العزيز آل سعود من الأميرة حصة السديري، بنت الثالثة عشر من عمرها. يُحكى أنه أحبها كثيراً وهي بنت حسب ونسب، ووقفت أسرتها النافذة جداً مع صهرها وساندته في حربه على الهاشميين في العشرينيات، وهي المعارك التي أدت إلى خلع الشريف حسين بن علي عن عرش الحجاز وسقوط ملكه واستبداله بالدولة السعودية الحديثة.
نتذكر هذه القصة ونحن نشاهد العرس الملكي الذي استضافته العاصمة الأردنية عمّان قبل أيام، يوم زواج الأمير حسين بن عبد الله وليّ العهد على الأميرة رجوة، السعودية الأصل، والتي ستكون ملكة الأردن في المستقبل.
والأميرة رجوة كما هو معروف جيداً هي آل سيف ولكن أمها من آل السديري، وكان جدها المباشر عبد العزيز السديري أحد أهم مستشاري الملك عبد العزيز.
العرس الملكي أقيم في 1 يونيو/حزيران 2023، قبل أيام من الذكرى الثانية والتسعين لوفاة الشريف حسين بن علي، ملك الحجاز والجد الأكبر لوالد العريس الملك عبد الله الثاني.
كان هذا اليوم وفي زمن مضى يوم حزنٍ كبيرِ تُنكس فيه أعلام الأردن وتصدر صفحات الجرائد موشحة بالسواد حداداً على “ملك العرب”.
وظلّت الدولة الأردنية تحتفي بذكرى وفاة الحسين حتى عهد الملك الراحل الحسين طلال، والد الملك الحالي.
بعد خلعه عن عرش مملكته في الحجاز نُفي الشريف حسين إلى قبرص وعاش فيها حتى اشتد به المرض أرسل إلى عمّان لقضاء أيامه الأخيرة مع نجله الملك عبد الله الأول، وقد تولّى الأمير طلال، الجد المباشر للملك الحالي، السهر على راحته إلى أن وافته المنية في 4 يونيو/حزيران 1931.
هذه التاريخ يدرس رسمياً في الأردن وهو معروف جيداً بالنسبة لكل أفراد الأسرة الهاشمية فهم يكنّون للشريف حسين كل ما يملكون من جاه ومال وسلطة. لولاه لما كان الأردن وما كان عرشه.
عند إعلان ثورته ضد الدولة العثمانية سنة 1916 حصل الشريف حسين على وعد من الإنكليز بأن يصبح ملكاً على الحجاز ويتولّى نجله الأمير عبد الله عرش العراق ويكون شقيقه الأمير فيصل ملكاً على سوريا.
تخربطت أوراق المنطقة كالمعتاد وبعد تتويج الشريف حسين ملكاً على الحجاز عُيّن الأمير عبد الله وزيراً للخارجية في مملكة أبيه وأصبح الأمير فيصل بالفعل ملكاً على سورية لغاية إسقاطه من قبل الفرنسيين سنة 1920.
شكل الأمير عبد الله جيشاً من القبائل والبدو لعزو سوريا وتحريرها من الفرنسيين، معتبراً أنه الأحق بحكمها بعد أخيه، ولكن الإنكليز طلبوا منه التوقف على مشارف عمّان وإقامة إمارة شرق الأردن، أصبحت بعد سنة 1946 تُعرف باسم “المملكة الأردنية الهاشمية”.
أمّا الشريف حسين فقد خاض حرباً ضروساً ضد ابن سعود، سلطان نجد الطامح بتوحيد القبائل العربية، كانت نتيجتها إجباره على التنحي لصالح أكبر أولاده قبل الإطاحة به أيضاً وإقامة الحكم السعودية في الحجاز، الذي لا يزال مستمراً حتى اليوم.
يبدو هذا الإنجاز مبهراً في بلاد عُرف عنها توريث الثأر من جيل إلى جيل وعدم التسامح أبداً في كل ما يتعلق بالمال والعرض والمُلك…
هذه إذا افترضنا أن أحد من القائمين على أفراح عمّان يتذكر الشريف حسين وتاريخ وفاته.
وفي حال كان العريس نفسه يعلم كل ما سبق، فهنيئاً له قدرته على نفض غبار الماضي الثقيل والمضي بثقة نحو مستقبل أفضل لبلاده وللمملكة العربية السعودية. يبدو أن الحب تغلب على التاريخ … وهو تأسيس مستقبلي مهم جدا لتجاوز الماضي .