أنور عمران – الناس نيوز ::
قفزة أبديَّة
الموتُ
تلك الرياضةُ المدهشة…
قفزةٌ أبديَّةٌ في العَتْم،
طيرانٌ في لجَّةِ اللذة،
عبورٌ سحريٌّ بين بوابتين…
كمن يخلعُ آلامَه كما تُخلعُ القمصان
كمن ينفخُ على فوانيسِ البكاءِ،
ويصفقُ خلفَه الحياة !!
ربما كانت انتظرتْ/ ربما كنتُ أسرعتُ .
إنها تمطرُ اليوم..
الطيورُ تحلقُ كالراياتِ على قصر الملك..
والمهاجرون يُقشِّرون الرماديَّ عن السمواتِ،
ثم يبتلعون دموعهم حين يتذكرونَ الحقول..
وكل شيءٍ يسيرُ على ما يرام..
لكن فتاةً ما
ألقت بنفسها تحتَ القطار..
ربما لم تعدْ تتحمل
أن تمطرّ أكثرَ،
أو أن يبلّلَها هذا الكلامُ السماويُّ المُقفّى..
ربما
تعرفُ، وأكثر من نبيٍّ يشيخُ
معنى الحياة..
…
إنها تمطرُ
وأفكرُ:
لماذا لم يهيئْ ليَ الحظُّ
أن أكونَ صديقاً
لتلك الفتاة..
ربما كانت انتظرتْ أكثرَ..
ربما كنتُ أسرعتُ أكثرَ…
البلاد البعيدة مرتين
هناك في بلادي البعيدة
يوجد مهنةٌ واحدة…
لا أحد يُربّي الثيران
أو يؤلّفُ المقطوعاتِ الموسيقية
أو يصنعُ الأساورَ والأقراطَ للبنات..
هناك في بلادي البعيدة
يموتون كثيراً
ثم ينامون في مقابرَ جماعية
فلا أحدَ أيضاً يعملُ حفّارَ قبور..
ولا أحد
.. يبيعُ الزهور
وأنا
في هذي البلادِ البعيدة
أيضاً عندي مهنةٌ واحدةٌ
أدرّبُ الحنينَ على النُبل،
أعلّمهُ التعاويذَ التي سيتلوها.. حين يقتلني!
غَدُ الكنعانيات
الكنعانياتُ اللواتي كن يدفعن السفنَ بالدموع،
ويرسمنَ الغدَ بالقرمزي..
الكنعانياتُ اللواتي زرعنَ النعناعَ قربَ البحيراتِ،
وألقينَ الأغاني من فوقِ الجبل،
اللواتي زدن على الآلهةِ واحداً مضيئاً..
الكنعانيات الآن
يجلسنَ في الظلِّ،
ينتظرنَ بريد الحربِ،
ويحلمن بالمراكبِ
فما الذي سيفعلنهُ إذن بكل هذه الدموع؟؟ .
عن الحياة
المؤلمُ أن تعرفَ القاتلَ بشكلٍ شخصي
أن تكونَ قد شربتَ الشايَ في بيتهِ
أحببتَ ابنتهُ أو أختهُ
وتحدثتما طويلاً
عن الحياة..
صهيل
الشابُ الذي قفزَ من الطابقِ الرابعِ، ويدهُ اليسرى على قلبهِ
كان يحملُ دون أن يدري
حصاناً نائماً في صدره
الشاب الذي قفز حين استيقظَ الحصان
لم يكتفِ بالبراري المحجوزة في اللوحة،
شاهدَ من النافذة
، أو تراءى لهُ، عمراً كاملاً من الغابات
بعدها حملوا في سيارة الإسعاف أحلامه التي تناثرت على الرصيف،
وأنتهى الأمر…
ولكن ما يُخيفني حقاً
أنني أسمعُ أحياناً
صهيلاً خافتاً يأتي من جهة القلب!!