بيروت – الناس نيوز
استجاب عدد من المثقفين اللبنانيين لسؤال من معهد كارنيغي الشرق الأوسط حول المجالات المتاحة أمام السياسيين اللبنانيين لتفادي شروط خطة الإنقاذ التي يعدّها صندوق النقد.
وكانت الحكومة اللبنانية أرسلت طلبا رسميا للحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي، وأعلنت جمعية مصارف لبنان رفضها خطة الإنقاذ الحكومية، بينما اعتصم محتجون أمام المصرف المركزي في بيروت للتنديد بتردي الأوضاع المعيشية.
وقال رئيس الحكومة حسان دياب في كلمة عقب التوقيع مع وزير المالية غازي وزني الجمعة “بدأنا بالخطوة الأولى نحو ورشة إنقاذ لبنان من الهوة المالية التي يصعب الخروج منها دون مساعدة فاعلة ومؤثرة”.
ديانا مقلّد
وقالت الصحفية ديانا مقلد إن الحكومة قرّرت على ما يبدو أن صندوق النقد الدولي يمكن أن يوفّر الأموال التي يحتاجها لبنان للصمود وإعادة البناء. لكن هذا القرار ليس كافياً لمعالجة الاختلالات الجوهرية التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني. في هذا السياق، يمكن أن يؤدي اللجوء إلى صندوق النقد إلى تفاقم خطر حدوث انهيار كامل، إذ تترتب على شروط الصندوق عواقب اجتماعية وسياسية عاصفة.
في المقابل، لا يبدو أن الحلول الجذرية ممكنة التحقّق قبل تشكيل حكومة مؤلفة من شخصيات سياسية مستقلة تُعيد نيل ثقة المواطنين. لكن لسوء الحظ، أدّى تفشّي الفساد السياسي إلى هدر مئات المليارات من الدولارات التي تدفقت على لبنان على مدى العقود الماضية. هذه الحقيقة، مقرونة بواقع تأثير القوى الإقليمية المتجذّر على عملية صنع القرار في لبنان، ستجعل من الصعب على الحكومة إظهار الشفافية المطلوبة في أي خطة إنقاذ.
ملحم شاوول
وقال الباحث اللبناني في علم الاجتماع ملحم شاوول إن الطبقة السياسة في لبنان عبارة عن بنية معقّدة تستند إلى مستويات أو طبقات عديدة. وهي تعتمد على الهياكل السياسية والاجتماعية- الطائفية، وتتمحور حول العشائر السياسية والأحزاب السياسية الطائفية منها أو العلمانية الزائفة، والبرجوازية الهشّة. وقد أظهرت هذه الطبقة حتى الآن قدرة ملحوظة على إعادة تشكيل وإنتاج نفسها. أما التحالف السياسي الأكثر وضوحاً اليوم فهو الذي يجمع حزب الله والتيار الوطني الحرّ وحركة أمل.
الواضح هنا أن التحالف الحاكم الحالي لا يمكنه تطبيق الإصلاحات التي يُطالب بها صندوق النقد الدولي ولن يعمل على ذلك. بل سيستخدم الوسائل المتاحة له كافة للتأكد من أن هذه الإصلاحات ستكون شكلية بكل بساطة، ولا تؤثّر على الديناميكيات الداخلية للنظام. لذلك، يمكن لهذا التحالف استخدام مجموعة من الخيارات المُعرقلة:
منها، مثلاً، الاستفادة من الروح الثورية الداعية إلى الإصلاحات التي برزت في 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عبر توظيف الوسائل القضائية، وتسليط الأجهزة الأمنية على أعداء الطبقة الحاكمة. كما أن لدى هذا التحالف خيار إقامة دولة بوليسية وإطلاق حملة إدانة وإنزال العقاب ببعض الأطراف تحت ذريعة “مكافحة الفساد”.
خيرالله خيرالله
وقال رئيس تحرير سابق للمكتب العربي والدولي في صحيفة النهار اللبنانية خيرالله خيرالله إن لبنان وصل إلى نقطة اللاعودة في مشاوراته مع صندوق النقد الدولي. وفي حين لا يبدو أن الدول العربية، خصوصاً السعودية، مهتمّة بإنقاذ لبنان، بدأت الحكومة اللبنانية ترى أن لصندوق النقد شروطه الخاصة التي يُرجح أن تؤثر على أزمة لبنان وأسبابها.
وحتى إشعار آخر، تبدو الطبقة السياسية اللبنانية، بغالبيتها القصوى، عاجزةً عن فهم الحقيقة أن صندوق النقد ليس مؤسسة خيرية وأن شروطه ستكون حتماً قاسية. كل ذلك مرتبط بطريقة أو بأخرى بسياسات معينة لا يستطيع لبنان تنفيذها لأسباب واضحة تتمثّل في أن حزب الله هو من يصدر الأوامر ويتّخذ القرارات، وأن ميشال عون هو رئيس الجمهورية وحسان دياب هو رئيس الوزراء.
وأضاف “بالطبع، لن تكون شروط صندوق النقد مقبولة بالنسبة إلى حزب يمتلك أجندة سياسية إيرانية خاصة به لاتمت لمصالح لبنان بصلة. ومن المستحيل بالتالي التوفيق بين الأجندة الإيرانية والأجندة اللبنانية. لدينا الآن أجندتان مختلفتان تماماً لدولة واحدة: مثلاً، أصرّ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في خطاب ألقاه في 13 أيار/مايو على رفض نشر قوات الأمم المتحدة على الحدود مع سورية. وهو أمر كان من شأنه أن يساعد الحكومة اللبنانية على ضبط التهريب على الحدود، وهي إحدى المسائل التي يمكن أن يطلب صندوق النقد من لبنان تنفيذها.”