باريس – تونس وكالات – الناس نيوز ::
رحلت فرنسا الخميس الإمام التونسي لمسجد في جنوب البلاد محجوب محجوبي بتهمة الترويج للكراهية في خطَبه.
ويعيش محجوبي في فرنسا منذ منتصف الثمانينات، وهو متزوّج وأب لأربعة أبناء. ويتعرّض محجوبي منذ عدّة أيام لانتقادات وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، الذي طلب الأحد سحب تصريح إقامته.
وكان دارمانان قد طلب من المحافظ إبلاغ القضاء بالتصريحات التي أدلى بها إمام المسجد في مدينة بانيول-سور-سيز، ليصل الأمر إلى إعلان المدعية العامة في نيم (جنوب) سيسيل جينساك الإثنين، أنّها فتحت تحقيقاً أولياً في القضية.
وأوقف محجوبي ظهر الخميس بناء على قرار ترحيل في حضور أبنائه وزوجته، بحسب محاميه سمير حمرون، وتم نقله إلى أحد مراكز الاعتقال الإداري في منطقة باريس.
وأعلن دارمانان أنه “بعد أقل من 12 ساعة من توقيفه”، تم ترحيله إلى تونس.
وأضاف وزير الداخلية عبر منصة إكس “إنه دليل على أن قانون الهجرة (الذي تم إقراره مؤخرا)، والذي بدونه لم يكن من الممكن تنفيذ مثل هذا الطرد السريع، يجعل فرنسا أقوى”.
وتابع “الحزم هو القاعدة”، منتقدا “+الإمام+ المتطرف صاحب التصريحات غير المقبولة”.
أعلام شيطانية؟
اتخذت الإجراءات بحق محجوب محجوبي خصوصا على خلفية مقطع فيديو ظهر فيه وهو يصف “العلم الثلاثي الألوان” بأنه “علم شيطاني”، “لا قيمة له عند الله”. ولم يحدّد أنه يتحدّث عن العلم الفرنسي.
ودافع محجوب محجوبي عن نفسه في حديث لوسائل إعلام عدّة، إذ قال “لم أكن أتحدّث بأيّ حال من الأحوال عن العلم الفرنسي”، موضحاً أنّه كان يندّد بالمنافسات بين المشجّعين خلال كأس العالم الإفريقية الأخيرة. وقال “أنا أتحدّث عن الملاعب وكلّ هذه الأعلام التي نرفعها في الملاعب والتي تفرّق المسلمين”.
وأضاف “لقد كانت زلّة لسان، أنا لست فولتير أو فيكتور هوغو. بدلاً من أن أقول +كلّ هذه الأعلام المتعدّدة الألوان أو المختلفة+، قلت +كلّ هذه الأعلام ثلاثية الألوان+، ولكن لم أكن أتحدّث عن فرنسا بأيّ حال من الأحوال”.
وردّد محاميه هذا التبرير، مؤكداً أنّه “كان يتحدث عن الأعلام بصيغة الجمع، وينتقد القومية”، ومعتبرا أنّ “لا أحد سيصدّق” موكّله لأنّ “لديه لحية… ولديه لكنة”.
من جهته، قال محافظ منطقة غارد حيث مدينة بانيول-سور-سيز الثلاثاء “من الواضح أنّ هناك دعوة للكراهية”، مشيرا إلى أنّ هذا لم يكن السبب الوحيد لتوقيفه.
وأوضح المحافظ أنّ الإمام يخضع للمراقبة منذ عدّة أشهر. وقال “عندما أسمع +زلّة لسان+ في موضوع الأعلام، فهي زلّة لسان تستمرّ عشرات الدقائق، (إضافة) إلى تصريحات لا تتعلّق فقط بمسألة العلم، بل بمكانة المرأة والشعب اليهودي الذي يعتبره عدواً”.
ويرد في أمر الطرد أن التصريحات التي اتخذت على خلفيتها الإجراءات بحق الإمام التونسي تغطي مجالا أوسع بكثير من هذا الجدل حول العلم.
إنهاء عمل الأئمة “الأجانب”
وجاء في الأمر الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس أن محجوبي تحدث في خطبه أيام 2 و9 و16 شباط/فبراير “عن علامات نهاية الزمان”، وروج لـ”فهم حرفي ورجعي وغير متسامح وعنيف للإسلام، من شأنه أن يشجع على السلوك المخالف لقيم الجمهورية، والتمييز ضد المرأة والانكفاء الهوياتي، وإثارة توترات مع الجالية اليهودية، والتطرف الجهادي”.
كما اتهمت السلطات الفرنسية الإمام بالإدلاء بـ”تصريحات كراهية وتمييزية ضد غير المسلمين والمجتمع الفرنسي” الذي وصفه بـ “العدواني والفاسد”.
ومحجوجي ليس أول إمام ترحله فرنسا، فقد سبق أن تم ترحيل عبد الرحيم صياح بتهمة الترويج لأعمال إرهابية. وصياح جزائري كان مسؤولا في مسجد في فرنسا أُغلق عام 2018، وتعتبره السلطات “زعيماً للسلفية” وقد رحل إلى الجزائر في حزيران/يونيو الماضي.
في مطلع العام 2020، أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون نيّته إنهاء مهام حوالى 300 إمام أرسلتهم دول مختلفة، وفي الوقت نفسه زيادة عدد الأئمة المتدرّبين في فرنسا. ومنذ الأول من كانون الثاني/يناير، لم تعد فرنسا تقبل أئمة جدد “أجانب” ترسلهم دول أخرى.