ليندا بلال – الناس نيوز :
استحال عالم الدراما والتلفزة صناعة عملاقة في كل العالم حتى في عالمنا العربي. حدود هذه الصناعة تضيق ذرعا ببعض الأفكار الحرة والخلاقة. أحيانا تتجرأ وتستقبلها فتصنع منها حالة روائية درامية باهرة وأحيانا أخرى تعيقها.
طباع الكتّاب المتمردة تحتاج على طول الخط إلى فرصة البوح الحر والإبداع الخارج عن عالم الصناعة ذات القيود والشروط الصارمة.
“يشعر الكاتب دائما أن هناك قيداً ما على قلمه ورؤيته الفنية وشرطه الإبداعي. نحن نكتب لأفكار نطرحها على الجهة الإنتاجية أو أفكار تطلبها الجهة المنتجة. نكتب لأجل الصناعة والسوق وليس فقط لإرضاء الحالة الإبداعية الذاتية. كل ما سبق يضع الكاتب بضغط نفسي في حالة الكتابة التلفزيونية.
لذلك السينما هي حلمنا جميعا كونها فنا خالدا يحترم القيمة الإبداعية. لذلك كتبت فيلم “فرق توقيت” بعيدا عن وصاية جهة إنتاج أو مزاح المخرج كتبته ضمن رؤية فنية خاصة،بدأت الكتابة من مشهد في منتصف العمل، صنعت من المشهد كرة ثلج بنيت عليها كل النص، بحثت عن قالب غير تقليدي للحكاية”.
بهذه الكلمات تستهل كاتبة السيناريو إيمان سعيد حديثها لجريدة ” الناس نيوز ” الأسترالية الإلكترونية عن نيل نصها السينمائي “فرق توقيت” جائزة “غصن الزيتون الذهبي” كأفضل سيناريو طويل في مهرجان القدس السينمائي في دورته الخامسة.
تتابع “سعيد” حكاية نص “فرق توقيت”: “شعرت في لحظات كثيرة أن أرواح الشخصيات توقظني ليلاً. تسبب لي القلق حتى أكتب عنها وأرفع صوتها إلى العالم. يعالج الفيلم مفاهيم كالعنصرية والانغلاق الإنساني. عندما نرفض الآخر لأسباب كثيرة ثم في لحظة فارقة تكتشف الشخصية أنها تمثل هذا الآخر، الذي يكره. عند هذه النقطة يسقط الفيلم أسباب الممارسات العنصرية.
العمل فيه أكثر من مستوى زمني في سرد الحكاية. الجائزة هي هديتي من فلسطين التي أنا منها ولا أستطيع العودة إليها. لجنة التحكيم في مهرجان القدس السينمائي تضم قامات وأساتذة كباراً لذلك اعتبر تكريمهم شهادة ودعماً كبيراً. هذا التكريم دافع قوي لمتابعة مراحل إنتاج الفيلم. سوف تبدأ العملية الإنتاجية من الكويت عبر شركة “لابا” للإنتاج الفني.
تسرد “سعيد” عن بداياتها مع الكتابة الدرامية ودراستها في جامعة دمشق والمعهد العالي للفنون المسرحية.
“درست في جامعة دمشق كلية التربية وعلم النفس ثم في المعهد العالي للفنون المسرحية بقسم النقد والدراسات.
لم أمتهن علم النفس لكنه ساعدني على إعادة تركيب شخصيتي وأفكارها،ومنها انتقل معي إلى شخصياتي التي أكتبها، تواطأت معها وفهمت دوافعها،دراستي أغنت شخصياتي وصبغتها بالصفات الإنسانية فجاءت قريبة من المشاهد في غالبيتها.
بدأت مع المسرح، لم أتخذ قرار الكتابة وحدي، دفعني لذلك أساتذة في المجال،لم أجرؤ على البداية من الصفحة البيضاء، فعالجت نصوصاً لكتاب آخرين بموافقتهم طبعا، ثم امتهنت المعالجة الدرامية والإعداد ومنها إلى الكتابة الإذاعية والكتابة للأطفال. اشتركت بكتابة ثلاثيات درامية للتلفزيون، إنتاجي الدرامي قليل ولكن هذا القليل منه نال الاستحسان، فنص “سحابة صيف” للمخرج مروان بركات رشح سنة إنتاجه لجائزة أفضل سيناريو في سوريا وقتها ونص مسرحية “ترسيخ” نلت عنها جائزة من الهيئة العربية للمسرح سنة 2016 تلاها مسلسلات “خمسة ونص” و “مسافة أمان”.
تحكي “سعيد” عن تجربتها في الكتابة بواقعية،
“أنا امرأة تظهر حساسية خاصة لمواضيع النساء بالضرورة، لست نسوية بطرحي للموضوعات ومعالجتها ولكن العالم النسوي لربما كان غنيابالتفاصيل والدراما.
طبيعة نصوصي ميّالة للكتابة بطريقة إنسانية واقعية تنتصر للمبادئ وليس لجنس الشخصية، مثال ذلك في مسلسل خمسة ونص وصلت المرأة إلى البرلمان وبالتالي أنا مع ممارسة النساء للسياسية ضمن قيمة الإيمان بالديمقراطية أكثر منه موضوع الجندره”.
أما عن الدراما السورية التي تعتبر نفسها ابنتها قالت “سعيد”.
“الدراما السورية قامت على حركات مرتجلة ولم تقم كصناعة، كان نجاحها هشاً، مثلا في مصر هناك صناعة درامية و٨٠ قناة عرض تلفزيونية. أما في سوريا كنا نعتمد في معظم الأعمال على رأس المال الخليجي بغالبيته، تتميز الدراما السورية بالواقعية في الطرح والمواضيع، وكان هناك مجموعة من الكتاب والمخرجين الذين أوصلوا الدراما لمكانتها المرموقة في الماضي”.
“بعض المحطات العربية تحاصر الكتّاب وتشترط عدم الحديث عن الواقع السياسي في سوريا، وهنا لا بد من التحايل على هذه الشروط على طول الخط كي لا يصدأ قلم الكاتب أو لضمان عدم انفصاله عن الواقع, نحن أبناء تجربة لم تظهر تحت أضواء الدراما والسينما كما يجب, قد تمر مواسم درامية ببعض الاستثناءات الدرامية وهذه ليست القاعدة تصعب الكتابة في بلد مقسوم على نفسه وسقف الرقابة فوق الرؤوس