كييف – موسكو – الناس نيوز ::
في الموقع الذي يشهد أكبر نشاط إشعاعي في العالم والمهجور منذ 35 عاما، تسمع طلقات نارية إذ إن القوات الأوكرانية تتدرب على القتال في المدن في المنطقة المحظورة في تشرنوبيل بالقرب من الحدود مع بيلاروس.
وقد أجرت قوات الحرس الوطني الأوكراني تدريبات بالذخيرة الحية الجمعة في مبان مهجورة في مدينة بريبيات المقفرة التي تبعد بضعة كيلومترات عن مفاعل تشرنوبيل لتوليد الطاقة وتم إجلاء سكانها البالغ عددهم نحو خمسين ألف نسمة خلال ثلاث ساعات في 27 نيسان/أبريل 1986 ولم يعودوا بعد ذلك.
أصبحت المنطقة تتسم بالحساسية الآن حساسة لسبب آخر. فقد حشدت موسكو أكثر من مئة ألف جندي على طول الحدود الأوكرانية مما يثير مخاوف في الغرب من هجوم لها في أوكرانيا، ونشرت قوات في بيلاروس على بعد عشرة كيلومترات فقط شمال بريبيات لإجراء مناورات عسكرية.
وتشكل الشوارع المهجورة والمباني الخالية في المدينة التي أخليت خلال أسوأ كارثة نووية في التاريخ، ساحة مثالية للتدريب.
وتدرب عناصر هذه القوات الخاصة ببزاتهم الشتوية المموهة على طرد مهاجمين مسلحين من مبان أو التصدي لقناصة في وسط مدينة.
ونظمت خدمات الطوارئ عمليات إجلاء أمرت بها عبر مكبرات صوت حملتها طائرات مسيرة، كافحت حرائق اندلعت خلال القتال.
وأوضح أحد أعضاء الحرس الوطني قدم نفسه باسم ليتفا “بما أنه لا وجود لمدنيين حولنا يمكننا إجراء تدريبات بالذخيرة الحية في ظروف أقرب ما يمكن إلى حرب شوارع حقيقية في المدن”.
وقبل التدريبات غير المسبوقة في بريبيات كان على موظفين مجهزين بعدادات غايغر فحص الموقع للتأكد من خلوه من نقاط مشعة بدرجة تتجاوز الحدود المقبولة. وقال ليتفا وهو يضم رشاشه “تم فحص كل شيء ولا يوجد خطر” .
وتتهم بعض العواصم الغربية مثل واشنطن ولندن روسيا بالتحضير لهجوم وشيك على أوكرانيا. لكن سلطات كييف تبدو أكثر اعتدالاً وترى أنه من غير الضروري إثارة “الذعر”.
– غابات ومستنقعات ونشاط إشعاعي –
في بريبيات، قلل وزير الدفاع أوليكسيتش ريزنيكوف من احتمال حصول غزو من جانب القوات الروسية المرسلة إلى بيلاروس.
ومع أن الولايات المتحدة تقدر عديد هذه القوات بثلاثين ألف عسكري، رأى ريزنيكوف أن “بضعة آلاف” من الروس الذين يعبرون حاليا الحدود البيلاروسية لا يمثلون عددا كافيا لشن هجوم.
وأوضح وزير الدفاع للصحافيين الذين تمت دعوتهم إلى رحلة لحضور التدريبات أن “عبور هذه المنطقة صعب جدا لأنها تضم غابات ومستنقعات وأنهارا، والتنقل فيها سيرا على الأقدام معقد وبالدبابات أكثر تعقيدا”.
واضاف “لا تنسوا أنه منذ الكارثة ما زالت هناك مناطق تشهد نشاطا إشعاعيا عاليا على طريق بيلاروس”.
من جهته، قال وزير الداخلية الأوكراني دينيس موناستيرسكي إنه بسبب تصاعد التوتر، تم تعزيز الأمن حول جميع المفاعلات النووية بما في ذلك موقع تشرنوبيل، المغطى الآن بصندوق واقٍ ضخم.
واضاف “نحن متأكدون تماما من أن محطة تشرنوبيل للطاقة النووية ليست مهددة”.
لم تكن قوات الحرس الوطني في بريبيات تتدرب لمواجهة غزو روسي واسع، بل كانت تستعد لمواجهة تهديد عملاء سريين بملابس مدنية يمكن أن يستولوا على مبان والتسبب باضطرابات.
وهذا ما حدث عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في 2014 ودعمت التمرد الانفصالي في شرق أوكرانيا. وهذا النوع من السيناريوهات هو الذي تقول كييف إنها تخشاه اليوم، أكثر من هجوم واسع.
وقال وزير الداخلية “علينا أن نظهر أننا على استعداد لمواجهة كل الأحداث”.