دهوك (العراق) رويترز كاوا عمر وتشارلوت برونو – الناس نيوز :
لا يريد اليزيديون، الذين يمثلون أقلية دينية قديمة في شمال العراق عانت من اضطهاد وحشي على أيدي تنظيم الدولة الإسلامية، شيئا سوى السلام والأمن وحياة أفضل في موطنهم بمدينة سنجار، لكنهم يريدون كل ذلك بشروطهم.
فكثيرون منهم يرتابون في خطة جديدة لتحقيق الأمن وإعادة البناء كشفت عنها هذا الأسبوع الحكومة العراقية والسلطات في إقليم كردستان العراق التي وصفتها بأنها اتفاق “تاريخي”.
وقال اليزيدي طلال صالح الذي يعيش في منفى في إقليم كردستان الواقع على مسافة غير بعيدة عن المدينة إن الخطة “قد تهديء الأحوال في سنجار لكنها قد تجعل الوضع أسوأ في الوقت نفسه”.
يعاني اليزيديون منذ أغار تنظيم الدولة الإسلامية على مدينة سنجار في 2014 في واحدة من فتوحاته التي أصابت الغرب بالصدمة ودفعته للتحرك العسكري لوقف زحف التنظيم.
اعتبر التنظيم المتطرف اليزيديين من عبدة الشيطان بسبب ديانتهم التي تجمع بين معتقدات زرادشتية ومسيحية ومانوية ويهودية وإسلامية.
وذبح مقاتلو التنظيم أكثر من ثلاثة آلاف يزيدي وسبوا سبعة آلاف امرأة وفتاة وشردوا معظم أفراد الطائفة البالغ عددهم 550 ألفا.
ومنذ أخرجت قوات كردية مدعومة من الولايات المتحدة التنظيم من سنجار في 2015 يسيطر على المدينة والمناطق المحيطة بها الجيش العراقي ومجموعة من الفصائل المسلحة من بينها فصائل شيعية ومسلحون يزيديون وأكراد لهم ولاءات مختلفة.
ويقول مكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إن الخطة الحكومية ستفرض الأمن وتسمح بعودة عشرات الآلاف من اليزيديين الخائفين من العودة وذلك لغياب الأمن والخدمات الأساسية.
غير أن كثيرين من سكان سنجار يشعرون بأن الخطة غامضة أملتها بغداد وأربيل عاصمة إقليم كردستان. وهم يقولون إنها لا تشملهم وتنطوي على إصلاحات أمنية ربما تفضي إلى مزيد من الانقسام والعنف.
وقال صالح “حزب العمال الكردستاني وحلفاؤه اليزيديون لن يرحلوا عن سنجار دون قتال”.
وتتضمن الترتيبات الأمنية إخراج حزب العمال الكردستاني وهو جماعة كردية انفصالية تخوض تمردا منذ عشرات السنين في تركيا وتتمركز في شمال العراق.
وتهدف الخطة أيضا إلى إخراج المنتسبين للحزب وذلك في إشارة إلى قوة يزيدية مؤلفة من مئات المقاتلين.
* هروب
ساعد حزب العمال الكردستاني ومتطوعون من اليزيديين آلافا من أبناء الطائفة على الهرب من هجوم الدولة الإسلامية إلى سوريا بعد أن انسحب الجيش العراقي من مناطق كثيرة في محافظة نينوى وتراجعت قوات البشمركة التابعة لإقليم كردستان.
وقد عادت قوات البشمركة للمساعدة في استرداد سنجار بدعم جوي من القوات الأمريكية.
ويتعرض حزب العمال الكردستاني للهجوم من جانب القوات التركية في العراق ويرابط مقاتلوه في وضع غير مستقر إلى جانب قوات البشمركة والجيش العراقي.
وتقضي الخطة التي اطلعت رويترز على نسخة منها بأن يشرف الجيش وقوات الحشد الشعبي التي تضم الفصائل الشيعية المسلحة على إخراج حزب العمال الكردستاني.
ويخشى بعض السكان المحليين أن يؤدي ذلك إلى انقسام أسر ينتمي فيها الأشقاء أحيانا لفصائل وجماعات مسلحة مختلفة. ولليزيديين أيضا قوة خاصة بهم ضمن الحشد الشعبي بخلاف القوة المنتسبة لحزب العمال الكردستاني.
وقال أكرم راشو أحد النازحين اليزيديين في كردستان “توجد حوالي ست جماعات سياسية في سنجار الآن. وينضم أشقاء من الأسرة الواحدة إلى أحزاب مختلفة”.
وتدافع بغداد وأربيل عن الخطة.
وقال جوتيار عادل المتحدث باسم حكومة كردستان “هذه خطوة طيبة لحل المشاكل”.
وكانت سنجار أيضا موضع نزاع إقليمي بين بغداد وأربيل منذ محاولة كردية للاستقلال بالكامل عن العراق في العام 2017.
وبمقتضى خطة سنجار ستختار حكومتا بغداد وأربيل رئيسا جديدا للبلدية ومسؤولين محليين كما تعين الحكومتان 2500 من أفراد الأمن المحليين الجدد.
ويتوقع أنصار حزب العمال الكردستاني أن أفراد الأمن هؤلاء سيضمون اليزيديين العائدين المنتسبين للبشمركة.
وفي مظاهرة للاحتجاج على الخطة شهدتها سنجار يوم الأحد هتف شامو خديدة أحد القيادات العشائرية اليزيدية قائلا “سنجار تخص شعبها ونحن الشعب”.
وينأى آخرون بأنفسهم عن السياسة ولا يريدون سوى توفر الخدمات على الأرض.
وقال راشو إنه إذا بُذلت جهود فعلية لتحسين الوضع فستجد الخطة قبولا من أهل سنجار.