ملبورن – الناس نيوز ::
عند مباشرتي الكتابة وصلت إلى المعنى من خلال كون أن الإنجازات العظيمة دائماً تبدأ برؤية، فكانت لي تسمية الرؤيا، كتبتها بقصاصات ونمت هذه القصاصات إلى كتاب، مضمون أو ثيمة الكتاب في أنه نداء حي لكل مواطن غيور على بلده، وإلى كل شاب يتطلع إلى مستقبل مشرق، و إلى كل أب حريص على مصير أبنائه، و إلى كل مفكر تعصف الحسرة بقلبه على بلده، و إلى كل مسؤول يحب شعبه، وأنه نداء للتحرك معاً لإنقاذ عراقنا من الفساد والفقر والضعف، وبناء وطن يسموا بخيراته وجهود أبنائه إلى دولة متقدمة وشعب راقي ومثقف.
على ضوء تلك الكلمات التي استهل بها كتابي يتنامى الشعور بأننا أمام مسؤولية وأمانة تقتضي الاهتمام بالمضمون والتعرف على هذه الرؤية بأبسط الطرق، وكذلك القواعد التي اعتمدتها لوضع استراتيجية ومشروع النهوض بالواقع العراقي السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

أول وصف علمي دقيق اعتمدته كمؤلف هو أن البحث ليس بالعصى السحرية لحل المشاكل المتشابكة، وإنما هو يعتمد على محاور ومداخل مهمة في التخطيط السليم لبناء الدولة المدنية الحديثة، وهي لعبة فكرية معقدة ولا يملكها إلا رجالات الدول الذين بنوا بلدانها ودخلوا التاريخ، هو بكل تأكيد لا يهدف إلى إرساء الأسس لإنشاء المدينة الفاضلة، وأنا لا أدعي أني أصيب كبد الحقيقة في كل ما كتبت، ولكني كحد أدنى أسعى لها، وأنا مؤمن أيضاً بأن بناء الدول يأتي من بناء مجتمعاتها، لذلك تأتي التنمية الاجتماعية على قائمة الأولويات، في بناء الدولة، والإشارة إلى أن عملية بناء الدولة يجب أن يتزامن مع عملية بناء المجتمع، والارتقاء به، ليكون مؤهلاً للانسجام مع الرؤية الصائبة للبناء وعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مادياً وبشرياً، وهذا يتم عن طريق زرع الثقافات الإيجابية والتزام ثقافة التغيير.
بعد قراءة الوضع العراقي نراه خالياً من أي أيديولوجية اجتماعية أو ثقافية، بعد السقوط الفكري الذي مني به في العقود الخمسة الأخيرة، ما أدى إلى ضعف في المواطنة، هذه الأيديولوجية مهمة لبناء التغيير المنشود.
آرائي في هذا الكتاب جاءت للتأكيد على أن الإنسان هو الغاية والوسيلة لبناء الوطن، وعلى هذا الأساس أفردت محاور مهمه جداً تركز على معالجة الفساد الإداري والحكومي المستشري في معظم مفاصل الدولة، ويعتبر كتابي محاولة شخصية جادة وكفانا نحن شرف المحاولة.
الفلسفة المنطقية التي اعتمدتها في هذا البحث هي تتضمن تحديد المشكلة أو الأزمات، ثم إيجاد الحلول ومن ثم التخطيط والتنمية، وربط الاقتصاد بالتنمية الاجتماعية، عن طريق سياسة اقتصادية تسمى اقتصاد السوق الاجتماعي. كتاب الرؤية عشرة فصول تناولت فيها الموضوع بدقة متناهيه، آخذاً بعين الاعتبار التركيز على كل الجوانب الإدارية والاجتماعية والاقتصادية التي تشكل الأرضية الصلبة لبناء الدولة والمجتمع مادياً وبشرياً.

_ الفصل الأول: المقومات الوطنية
_ الفصل الثاني: مبادئ الإصلاح
_ الفصل الثالث: التخطيط الاستراتيجي الشامل
_ الفصل الرابع: التنمية الوطنية الشاملة
_ الفصل الخامس: مفاهيم الدولة الحديثة
_ الفصل السادس: التنمية الاقتصادية
_ الفصل السابع: مفهوم سوق العمل والإنتاج المحلي
_ الفصل الثامن: الأمراض الاجتماعية وانعكاساتها على المجتمع
_ الفصل التاسع: أسس بناء السلوك المجتمعي
_ الفصل العاشر: أسس إدارة الدولة
وفي نهاية هذه الفصول تأتي الملاحظات الختامية التي وجدتها مهمة لتحضي المشاكل المطروحة والبرامج والأفكار والمقترحات والمعالجات الواردة في الرؤية بالاهتمام، وتكون خارطة طريق متكاملة لبناء الدولة.
وكمحصلة نهائية لتلك الدراسة، وضعت عدة اتجاهات مهمة تمثل النتائج التي توصلت إليها بالاعتماد على المحاور الرئيسة التي تم بحثها في الكتاب وهي:
_ خلق رؤية صائبة وموضوعية لطبيعة التحول السياسي المزمع إقامته في العراق.
_ يجب استحداث نظام رئاسي جديد لما له من أهمية كبيرة في إرساء مبادئ المدنية الحديثة.
_ محاربة الفساد والذي يعتبر أحد أهم المعضلات الرئيسة التي تواجه الدولة العراقية.
_ إن المشاكل المعقدة دائماً تحتاج إلى حلول صعبة.
_ يجب عدم السماح للمؤسسة الدينية إقحام نفسها في العملية السياسية.
_ إن الإصلاح السياسي في العراق يعتبر من الأمور الآنية والمستعجلة في محاربة وتفكيك مفاصل الدولة العميقة.
_ إعادة النظر في بنود الدستور العراقي، والتأكيد على أهمية استقلال القضاء.
_ العمل على وضع آليات فعّالة لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان وتنمية القيم المجتمعية.
_ التأكيد على ضرورة عودة العراق إلى محيطه العربي.
_ الأخذ بضرورة الحرص على تعزيز فكرة استقلالية الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى.
_ أخذ خطوات جدّية في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

في الغلاف الأخير للكتاب أردت التأكيد على أن الهدف الرئيس من هذا الكتاب هو إيجاد القواسم المشتركة لتوحيد الرؤى، وتكون فكرته كنمط لترتيب الأفكار وتنسيقها للعمل باتجاه موحد، وأن لا يكون اختلاف الرؤى والتطبيقات عائقاً أمام النشاط الموحد لبلوغ الأهداف، والتأكيد بأن الأغلبية المثقفة سوف تتطابق رؤياتهم مع هذا الكتاب من حيث المبدأ، بحيث يكون جامعاً للرؤى وليس مشتتاً لها.
وفي الختام لا يسعني إلا أن أؤكد وبكل إخلاص بأن كل ما أتمناه لهذا الجهد الذي سُطّر من خلال أكثر من أربعمئة صفحة، هو أن يسهم في تأكيد حب الوطن وتقديم العطاء الأفضل له، وأسأل الله تعالى أن يأخذ الكتاب طريقه إلى النور، ويستفيد منه كل الخيرين من أبناء العراق الغيارى، من أجل بناء غد مشرق للعراق والعراقيين.