أنور عمران – الناس نيوز ::
اللوحة الرئيسة للفنان السوري صفوان الداحول.
الذي تعلوه سحابة من موسيقا
لقد رسموا نصفه العلويّ فقط…
الرجلُ المجهولُ الذي تعلوهُ سحابةٌ من موسيقا
بفمٍ مائلٍ من اتجاهٍ واحد
بنصف ابتسامة كان ينظرُ إليَّ وكأنه يقول: رجاءً… أكمل اللوحة!!
لا أدري لماذا تيقّنتُ من أنه ساقهُ اليسرى كانت مبتورةً مع أنهم… رسموا نصفه العلوي فقط .
لوحة للفنان السوري تمام عزام –
يهبطون من السماء
الغجرُ على الأبواب.. وطواحينُهم تدقُّ الكحلَ!!،
وهذا ما يُفسِّرُ أن الفراشاتِ تفتحُ النوافذَ عنوةً، أن صورَ الأجدادِ مع مساميرها تتساقطُ عنِ الجدران، وأن حبرَ الكتبِ القديمةِ
يسيلُ، ويسيلُ… وتُنسى…
الغجرُ بكاملِ هيبتهم على الأبواب،
أساطيرهم … من قلوبهم الطريّة تقطرُ، وفي أياديهم دفوفهم، وبالخلاخيلِ يهدهدونَ صغارنا…
هرَّ من عباءاتهم ليلٌ وطبولٌ ومدّوا الدروبَ التي يحملونها في حقائبهم، مدّوا أياديهم المُحَنّاةَ بالنهاوندِ،
ولوّحوا…
لوّحوا كأنهم يمسحونَ الضبابَ الذي مرَّ في أعمارنا… ولأنَّهم هنا ولأنهم وقفوا فجأةً كي يتأملوا أبوابنا العطشى…
وضعنا الماكياجَ، وعَطَّرنا أفواهنا بالهيلِ والنعناع، وبكينا… بكينا… بانتظارِ أن يطرقوا… ولو مرةً واحدة!!
آخر فندق في دمشق .
اليوم أغلقوا آخرَ فندقٍ في دمشق… الغرباءُ أخذوا كمنجاتهم، وذهبوا إلى المطار… لا أحدَ بعد الآن سيُصوّرُ قلاعنا ولا أزياءنا، لن نسمعَ ثانيةً ضحكاتِ النساء في البارات، فالغرباءُ كلهم كلهم أطفؤوا مصابيحهم، وطاروا…
اليوم
أغلقوا آخرَ قلبٍ في دمشق، نادلُ المقهى يصبُّ الشايَ لصورته في المرايا، والعسكريُّ على بابِ البرلمان يتثاءبُ، ويراقبُ قطةً تبولُ على صورةِ سيّده، وفي النافذة العلويّةِ للمبنى المُطلِّ على حاجزِ الأمن امرأةُ بقميصٍ شفاف، وعينينٍ مُدللتين تشربُ الويسكي وتبصقُ على العلم المرفرفِ أسفلَ بنادقهم…
….اليوم أغلقوا آخرَ دمشق في دمشق،
وبينما الجنودُ في الشوارعِ يصيدون العصافيرَ والمظاهرات وبينما الكهنةُ كعادتهم يُبدّلون الآلهةَ…
كان طفلٌ من حرير طفلٌ بقلبٍ أبيضَ، وساقٍ اصطناعية يُبللُّ بردى بالدموعِ….يبللهُ، كأنما يخافُ أن يجفّ!!…