مختار إبراهيم – الناس نيوز :
قال رئيس أكبر بنك في أستراليا: “إن طريقة استخدام الأستراليين للأموال تغيرت بطريقة لم نشهدها منذ تفشي جائحة الإنفلونزا الإسبانية في الربع الأول من القرن المنصرم”.
وأضاف الرئيس التنفيذي لـ”بنك الكومنولث” متى كومين: “إنه من غير المحتمل أن نستخدم النقود بنفس الطريقة التي اعتدنا على استخدامها مرة أخرى، حتى بعد التغلب على كورونا”.
وفي حديثه لجريدة “نيوز.كوم” على هامش فعّالية مصرفية، قال كومين: “في الأسابيع القليلة الأولى من تفشي فيروس كورونا، شهدت المصارف زيادة في حجم المبالغ النقدية التي تم سحبها من أجهزة الصراف الآلي، استنتجنا لاحقا أن التوتر سيطر على سلوك بعض العملاء الذين كانوا يتطلعون إلى التخلص من الطرق التقليدية لاستخدام الأوراق النقدية”.
ولاحظ الموظفون في البنك المذكور أن اتجاهاً جديداً ساد لدى عملائه لم يتم رصده منذ جائحة الإنفلونزا الإسبانية عام 1918، فبعد أن ترسخت العادات المصرفية القائمة -مثل التوجه إلى الفروع لإنهاء المعاملات المصرفية- ربما غيرت إجراءات السلامة الجديدة والإغلاق العام، العادات المصرفية التي ترسخت لعقود وذلك للحد من فيروس كورونا، هذا التغيير من المتوقع أن يستمر إلى الأبد.
فعندما تفشى كورونا، سيطرت مخاوف من انتقال الفيروس عبر الأوراق النقدية، ولم تُصدر منظمة الصحة العالمية تحذيراً محدداً يحد من استخدام العملات المعدنية والورقية، بقدر ما ركزت نصائحها على غسل الأيدي بعد لمس الأسطح والأشياء، والتي ربما قد تشمل الأوراق النقدية بمختلف أشكالها.
ومنذ تفشي الفيروس، تراجعت أعداد الناس الذين يزورون الأفرع البنكية، أو حتى الذين يستخدمون أجهزة الصراف الآلي وكذلك تراجعت نسبة من يفضل أن يضع أمواله في محفظته.
وقال كومين: “لاحظنا تسارعاً في عوامل مختلفة دفعت باتجاه التحول إلى الاعتماد على العملة الرقمية، بالتزامن مع تراجع نسبة التعامل بباقي أنواع العملات، الأمر يشبه إلى حد ما سلوك الزبائن أثناء تفشي الإنفلونزا الإسبانية عندما كان هناك أيضًا انخفاض كبير في التعامل النقدي”.
وأكد كومين أن بعض الأشخاص الذين تركوا استخدام النقود من المحتمل ألا يعودوا إلى استخدامها بنفس القدر، حتى بعد تلاشي مخاوف الإصابة بفيروس كورونا، “أظن أن مستوى التعامل النقدي سيعود إلى حد ما، ولكن من الواضح أن المزيد من الناس يفضلون الدفع إلكترونياً، ولا يمكنني رؤية الأمور تعود إلى مستويات التعامل النقدي السابقة، بل إن الدفع الإلكتروني سيستمر في النمو بالتأكيد”.
أظهرت البيانات الأخيرة الصادرة عن البنك الاحتياطي الأسترالي انخفاض عدد عمليات السحب من أجهزة الصراف الآلي من 75 مليون عملية في الشهر في عام 2008 إلى أقل من 50 مليون عملية في العام الماضي. ولكن مع بداية تفشي فيروس كورونا انخفضت عمليات السحب من أجهزة الصراف الآلي إلى أقل من 25 مليون في آذار/مارس.
في عام 2007 ، تم تنفيذ 75% من المعاملات المالية عبر العملة النقدية، أما في العام الماضي شكلت العملة النقدية ما يزيد قليلاً عن ربع المعاملات، على الرغم من أن الكثير من الناس ليس لديهم مخاوف من الانتقال إلى الدفع عبر بطاقة الإئتمان والأونلاين، فإن الأستراليين الأكبر سنا على وجه الخصوص لا يزالون يفضلون استخدام النقد المادي وخصوصا ذوي الدخل المنخفض. ناهيك عن المرونة التي تتسم بها المعاملات المالية بشكلها التقليدي في حالة تعطل أنظمة تكنولوجيا المعلومات الخاصة بالبنك.
وأوضح كومين: “إن الادخار الأسري شهد ارتفاعاً كبيراً حيث كان المال بعيدا عن متناول أيدي الناس، كما بات الناس أكثر حذراً، وهذا أمر مفهوم وعقلاني ونتوقع أن يستمر ذلك لفترة من الزمن، سينفق الناس المال عندما يكون لديهم المزيد من الثقة”.
وقال كومين: “هناك دلائل على أن الاقتصاد الأسترالي بدأ ينتعش من عمليات الإغلاق في نيسان وأيار، لكن ملبورن التي عادت إلى الإغلاق أخرت ذلك” وأضاف “كنا نشعر بتحسن كبير، كانت هناك مستويات أفضل من المتوقع لنشاط الإنفاق، ويمكننا رؤية أشخاص بأعداد متزايدة يعودون إلى العمل، وعدد الباحثين عن العمل آخذ في الانخفاض”.
الجدير بالذكر أن “بنك الكومنولث” هو بنك أسترالي متعدد الجنسيات وله أفرع في نيوزيلندا وآسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ويوفر مجموعة متنوعة من الخدمات المالية بما في ذلك الخدمات المصرفية للأفراد والشركات والمؤسسات وإدارة الأموال والتقاعد والتأمين والاستثمار وخدمات الوساطة.
في 2017 بلغ عدد موظفي البنك أكثر من 50 ألف موظف وتجاوزت أرباحه بنفس العام 26 مليار دولار أسترالي (نحو 18 مليار دولار أميركي).