عمر أبو نبوت – الناس نيوز : :
المادة تعبر عن رأي كاتبها .
منذ وصولها إلى السلطة عام 2019، اتبعت الحكومة الاشتراكية في الدنمارك- بقيادة رئيس الوزراء مته فريدريكسن – سياسة هجرة شديدة التقييد، تهدف إلى الترحيب بـ “صفر لاجئين”.
وفي سعيها إلى تحقيق هدفها، تم إقرار قانون عبر البرلمان الدنماركي، بتاريخ 3 يونيو/حزيران 2021، يتيح للسلطة التنفيذية إرسال طالبي اللجوء إلى دولة ثالثة، خارج الاتحاد الأوروبي، ريثما يتم النظر في طلبات اللجوء الخاصة بهم.
وأثارت سياسة الحكومة الاشتراكية جدل داخل الاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان، حول تبنى البرلمان الدنماركي هذا التشريع المناهضة للقيم والاتفاقات الأوروبية والدولية لحقوق الإنسان.
حيث أدانت المفوضية الأوروبية ومنظمات حقوق الإنسان هذا الإجراء الخاص بإضفاء الطابع الخارجي على سياسة اللجوء الدنماركية، والذي يتعارض مع الأحكام الأوروبية المعمول بها.
قلق العودة إلى سوريا .
حتى الآن، أوقفت دائرة الهجرة الدنماركية تصاريح الإقامة لأكثر من 700 لاجئ سوري، تحت أعتبار أن الوضع في دمشق ومنطقتها لم يعد خطيراً لتبرير منح أو تمديد تصاريح الإقامة المؤقتة الخاصة بهم “.
بعد تتداول الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإن ناقوس خطر العودة إلى سوريا يسبب القلق الدائم للسوريين الذين بدؤوا حياة جديدة في بلدان اللجوء الأوروبية.
فقد تم في مركز الاحتجاز في سيجيل مارك شمال العاصمة الدنماركية احتجاز اسماء وعمر ( على سبيل المثال لاجئين سوريين ) ، حيث سيبقيان هناك طالما أنهما يرفضان المغادرة.
تأثير أفكار اليمين المتطرف على الأحزاب الأوروبية:
من الواضح، للمتابعين، تأثير وصعود أفكار اليمين المتطرف في الرأي العام والحياة السياسية الأوروبية، ومثال الحكومة الاشتراكية الدنماركية خير دليل. “من الجديد نسبياً أن نرى الاشتراكيين الديمقراطيين يتبنون سياسات مناهضة للهجرة خاصة باليمين المتطرف.
وقد مكنتهم هذه الاستراتيجية من الفوز بأصوات الطبقة العاملة التي تخشى خسارة المكاسب الاجتماعية أكثر بكثير من صورة دولة منفتحة وتقدمية مرتبطة بالدنمارك”، كما يؤكد هانز لوخت، الذي لا يستبعد تأثير الدومينو في أوروبا. ويتابع، “بلدان أخرى مثل النمسا وفرنسا والمملكة المتحدة قد نظرت بالفعل في حلول مماثلة. ولكن إذا نجحت الدنمارك، فقد تميل بعض الحكومات إلى اتباع سياسة هجرة مماثلة”.
وفقاً لقواعد الصراع على السلطة، أصبحت الأحزاب الاشتراكية، الليبرالية والديمقراطية الأوربية تتنافس بشدة لكسب أكبر عدد من الناخبين.
ومع تصدر قضايا الهجرة الرأي العام الأوروبي، تتبنى الأحزاب سياسات ضد اللاجئين. ومن هنا يأتي تأثير أفكار اليمين المتطرف على الأحزاب الأوروبية.
المحور الفرنسي الألماني، داخل الاتحاد الأوروبي، يمثل نواة صنع السياسات الأوروبية. إلى تاريخ كتابة هذه المقالة، يعد هذا المحور مدافعاً عن اتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين لعام 1951.
ولكن على المدى البعيد، سيصعد اليمين المتطرف إلى السلطة وستكون سياساته أمام قضايا اللجوء أكثر شدة. وذلك، بسبب تصاعد أزمات دول الاتحاد الأوروبي، الأزمة الصحية، الاقتصادية. وفي السياق نفسه، أعلن إيرك زمور في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، المناهض للهجرة، ترشحه رسيماً للانتخابات الرئاسية الفرنسية لعام 2022.
ويعد الفرنسيين، عبر خطاباته، بالتخلص من الأزمات التي سببها اللاجئين، بحسب وصفه.
مكافحة سياسات وأفكار اليمين المتطرف ضد اللاجئين:
من أجل إضعاف سياسات وأفكار اليمين المتطرف ولتجنب صعودهم إلى السلطة، يجب على السوريين وغيرهم من الجاليات العربية والأجنبية في أوروبا المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية الأوروبية.
السوريون والجاليات الأخرى في أوروبا لهم الشرعية الكاملة في البدء بتنظيم أنفسهم حول منظمات مجتمع مدني توازي عمل اللوبيات لدعم قضاياهم في بلدان اللجوء – التي ستصاحب أوطان أبنائهم في العقود القادمة – ومن أجل التأثير في الرأي العام الأوروبي وصُناع القرار.
ومن أهم الأفكار التي يجب التركيز عليها للتأثير في صياغة سياسات داعمة لقضايا اللجوء في الدول الأوربية : تأسيس منظمة خاصة بقضايا اللاجئين وتضم جميع الجاليات الأجنبية في كل بلد أوروبي – ويجب التركيز على فرنسا، ألمانيا، إنجلترا وإسبانيا.
في البداية، من المهم العمل مع المجتمع المدني للبلد المضيف لنشر ثقافة العيش المشترك ونقل صورة إيجابية عن اللاجئين ودورهم المحوري في بناء وتطوير البلدان المضيفة.
ومن ثم، يجب التعاون مع المؤسسات الحكومية الخاصة في مسائل اللجوء في الدول الأوروبية للتأثير في التكنوقراط العاملين فيها والذين لهم دور كبير في صنع السياسات الخاصة في الهجرة. أيضاً، المشاركة في صناعة الرأي العام عبر المداخلات الإعلامية المتلفزة، المحاضرات في الجامعات، المراكز الثقافية والمساحات العامة للحديث عن إنجازات اللاجئين ولجذب جمهور يدافع عن قضاياهم.
بعد هذه المرحلة، والتي يمكن أن تستمر لمدة عام على الأقل، تتكون شرعية لهذه المنظمات تساعدها على الانتشار والتوسع على عدة مستويات: محلية (في المجلس المحلية)، وطنية (في العواصم والبرلمانات) وأوروبية ( في البرلمان الأوربي).
التأثير في ممثلي الشعوب في المجالس المحلية والبرلمانات يعد من أهم العناصر الاستراتيجية في صياغة تشريعات وقوانين تصب في مصلحة وحقوق اللاجئين.
وأخيراً، بعد عدة سنوات، سيحصل العديد من اللاجئين على جنسية البلد المضيف، وسيتمكنون من التحول من أفراد ضاغطة إلى صانعي قرار من خلال ترشحهم إلى المجلس المحلية والبرلمانات الوطنية.
ومثال لمياء قدور، رشا نصر وجيان عمر – بعد فوزهن بمقاعد في البرلمان الألماني – أكبر أمل وأوضح دليل على قدرتنا على التغيير.