إستنبول – الناس نيوز
لمى قنوت كاتبة وباحثة وسياسة مستقلة، حاصلة على بكالوريوس في التصميم الداخلي، تشتغل على التغيير الديمقراطي والمواطنة والمساواة الجندرية، صدر لها في عام 2017 كتاب بعنوان “المشاركة السياسية للمرأة السورية بين المتن والهامش”، وصدر لها في عام 2019 كتابها الثاني “كي لا أكون على الهامش” وهو عبارة عن توثيق للذاكرة الشفوية لعدد من المعتقلات، وكتابها الثالث العدالة الانتقالية الحساسة للجندر في سوريا. كما شاركت في تأسيس وإدارة عدد من منظمات المجتمع المدني المعنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة.
نشأت لمى في بيت مُسَيَّس ما دفعها للانخراط بالشأن العام منذ نهاية التسعينات، كما أسست وأدارت بعد تخرجها من الجامعة وكالة إعلان، عملت فيها حتى خروجها من سوريا في حزيران.
بدأ اهتمام لمى بقضايا المرأة قبل الثورة وأنتجت وأخرجت فيلماً عن العنف ضد المرأة، ولكن انتفاضة السوريين في ربيع 2011 حولها إلى مناضلة نسوية جذرية.
في كتابها الأول “المشاركة السياسية للمرأة السورية بين المتن والهامش”، الصادر عن منظمة اليوم التالي، ركزت لمى على كواليس النخب السياسية التي تطرح نفسها بديلاً ديمقراطياً، واكتشفت ضعفًا في التمثيل السياسي للمرأة في صفوف المعارضة في المجالس المحلية وقيادة الأحزاب السياسية والتكتلات السياسية الكبرى ووفود التفاوض على حد سواء.
أما كتابها الجديد “كي لا أكون على الهامش”، فتقوم لمى فيه بسرد قصص إحدى عشر سورية ناجية من المعتقل، وهي تدرك أن تدوين قصص النساء هي من الأدوات التي استخدمتها الحركات النِسوية حول العالم لإدراكها مدى ارتكاز النساء على الإرث الشفوي أكثر من أي شيء آخر.
وأكدت لمى في ملحق الكتاب على ضرورة الكتابة (النسائية) كي يكون لدينا بديل للتاريخ الذي يسرده المتسلط. توقعي أن أدب الشهادات والاعتراف مزدهر الآن في سوريا، نظرًا لكمّ التجارب المؤلمة جدًا والخلاقة في آن.
وترى الكاتبة أن قوة وأثر تدوين الذاكرة الشفوية يكمنان في أنها شكل من أشكال المقاومة التي نخوضها بمواجهة حرب الإلغاء وتزوير التاريخ التي يديرها النظام الحاكم وحلفاؤه، وتتعمق خطورتها لأنها متلازمة مع تعويم نظام ارتكب وما زال يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهو نوع من التكريم والتشجيع لارتكاب المزيد من الجرائم، فتكريم المجرمين لا يكون بالأوسمة والنياشين، بل في بقائهم في السلطة ليتوجوا «انتصاراتهم» في استمرار اضطهاد الضحايا.
وتضيف لمى في حوار لها مع موقع الجمهورية أن ما يجري العمل عليه حالياً هو توثيق الشهادات لاستخدامها في التقارير التي تطلقها منظمات حقوق الإنسان، وهي مؤطرة زمنياً ومكانياً ضمن حدود وقوع الجريمة و/أو الانتهاك، بالإضافة إلى تسجيل أفلام وثائقية وكتابة مقالات وبعض الروايات واللقاءات الإعلامية، لكن توثيق الذاكرة الشفوية بإطار مفتوح لحيوات النساء وأدوارهن وتجاربهن ومقاومتهن مازال محدوداً جداً.
وتضيف أنها وثقت في كتابها الذاكرة الشفوية لـ11 ناجية ليس من الاعتقال فحسب، بل ناجيات من كل أشكال القتل ومحاولات الإبادة، وسلطت الضوء بعدسة نسوية على تطور شخصياتهن، وتقاطع أشكال وأنماط العنف والتمييز السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية وبضمنها الأسرية التي طالت حيواتهن. وهي تعتقد أنها نجحت في عدم إعلاء أدوار نساءٍ دون أدوار أخريات، كمن تعلي أو تُخفض دورهنّ في إدارة شؤون أسرهنّ واستراتيجيات البقاء التي يبتكرنها ويستخدمنها، أو الأدوار النضالية التي يقمن بها في مواجهة الأنظمة الشمولية والميليشيات المتطرفة، بينما هي أدوار تكمل بعضها البعض، وتعبّر عن مواطنيّتهن، وحقهن في بناء الوطن وتقرير مستقبله وسياساته ونظامه.
بعد التغيير الديمغرافي الكبير والتدمير الواسع للمدن والبلدات في سوريا نحن بحاجة إلى كتابة التاريخ الشفوي، ويكمن طموحي وشغفي في المساهمة بمشروع كهذا، يسعى لدمقرطة التاريخ ويحفظ الذاكرة الشفوية من الضياع والنسيان ومحاولات التزوير في ركن متين، لكنه مشروع يحتاج إلى فريق عمل مسلح بالمعرفة ويعمل بثبات وصبر، ليصار استخدام هذا التاريخ فيما بعد في الأعمال الفنية كالرواية والأفلام وغيرها.