[jnews_post_author ]
لكلّ عصر سِمته التي يسمّى بها، فهل نحن الآن نشهد عصر ” الكورونا ” ؟ أم أنّ هذا الوباء سيُضاف إلى غيره من أقرانه التي اجتاحت ولم تحتلّ أو تستقر بشكلٍ دائمٍ ومستمر، كالـ ” إيْدز ” والـ ” سارز ” وغيره من متحوّلات الـ ” إنفلونزا ” كـ ” ڤيروس ” الشعب التنفسّي الذي انتشر في الشرق الاوسط وعُرف بـ ” إنفلونزا ” الجِمال، وأيضاً الـ ” إپولا ” وقبله الطيور والخنازير والبقر وما إلى ذلك من أشكال وأنواع أمراض الرشح التاجي المتغيّر أو المتقلّب أو المتحوّل. أجل، لقد أتى دور الخفّاش أو الوطواط متعاضداً مع الأفعى، ولا أحد يعرف مَن مِن المخلوقات الأخرى سينقل لنا رشحه، وعطاسه ورزاز ” ڤيروساته ” القاتلة، أم أنّ الأمر مختلفٌ تماماً عمّا يُروّج له؟ هذا سؤال يطرحه كلّ إنسان يبحث عن حقيقة الموضوع.
لا شكّ أنّ العالم اليوم هو عِبارة عن تكتّلات إقتصاديّة وماليّة تتنافس فيما بينها على الثروات والمُقدّرات الطبيعيّة، والتي تُحوّلها الأدمغة واليد العاملة عبر الإختراعات والإبتكارات إلى سلعٍ وخدمات، لتصبح أرقاماً تختزن القيمة للتبادل بين الأفراد والجماعات. بهذا نرى أن مِحور الصراع هو الثروة، التي تحوي القدرة على السلطة أو بالأحرى التسلّط. هذا ما عرفه تاريخ البشريّة منذ أيّام التجمع البدائي وحتّى عصرنا هذا، فالمال أو الثروة كمخزن للقيم التبادليّة، هو عصب الحياة، بل شريانها ولحمها وهيكلها العظمي، بدونه لا حركة ولا تطوّر، إنّما جمود وشلل وموت محتّم في زمن العالم الإفتراضي أو الخيالي، إذا صحّ التعبير.
إنطلاقاً مّما تقدّم، نرى أنّ موضوع ” الكورونا ” له شِقين متلازمين، شقٌّ يتعلّق بماهيّة ” الڤيروس ” الـ ” كلينيكيّة ” أي المخبريّة، وتأثيره على الصحّة العامّة وكيفيّة معالجته أو الوِقاية منه، وشِقٌّ آخر سياسي-إقتصادي يتمحور حول إستعمال قِوى النفوذ العالميّة له كحدثٍ أو ظاهرة صحيّة للإستفادة منه وسيلة لإحكام السيطرة ووضع اليد على الثروات بكلّ أشكالها، ومن خلال ذلك نرى أنّه ليس مهمّاً السؤال عن مُكتشفه أو مُركّبه أو ناشره أو الغاية من ذلك، طالما أنّه موجود، وله فِعله وتأثيره. وطالما من الواضح والجليّ أنّ كلّ حكومات العالم ذات القوّة والجبروت، متّفقة فيما بينها ومتوافقة على ما يشهده العالم اليوم من وضع كارثيّ، ليس لأنّها في نفس المُعسكر أو الجبهة، بل لأنّها تُحاول كلّ لغايتها، الإستفادة من الوضع. منها من تحاول وقف الإحتجاجات على سياستها الداخليّة والخارجيّة، ومنها من تحاول تدوير الثروة وتكثيف المخزون المالي واحتكاره، هذا كلّه يستطيع شرحه بالتفصيل المملّ بشكل جازم وعلمي، المتخصّصون في علم السياسة والإقتصاد والمال، إضافة إلى أولئك، هنالك من يُحاول تأليب الرأي العام على السلطة من أجل أخذ موقعها، وآخرون يديرون الأموال ممّن ليس لهم حدود والمُعتبرون عابرون للقارات.
كلّ هذا يلزمه الوقت والمساحة لعرضه وتفنيده بالوثائق والأرقام، وليس من الممكن في عُجالة هذه المقالة طرحه بالكامل، حيث يلزمه كتاب أو أكثر، لكنّ المعروف أنّه من السهل الدخول الى عالم المعلومات عبر ” الإنترنت ” لنقرأ ذلك الكمّ الوفير من المقالات حول النظريّات العلميّة الطبيّة والسياسيّة الإقتصاديّة وكذلك ما يتعلّق منها بعرض الأفكار المحلّلة لما يُشار إليه بنظريات المؤامرة الدوليّة وحكومة العالم الخفيّة وما إلى ذلك.
من هنا نصل إلى قناعة مهمّة، وهي التعامل مع الوضع الراهن الحسّاس على الصعيد الصحّي والأمني بصورة ” برغماتيّة ” محضة، على اعتباره خطر حقيقي نواجهه كمواطنين، أفراداً وجماعات، ملتزمين ومتّبعين التعليمات العامّة الرسمية الصادرة عمّن يرعى شؤوننا العامّة من أصحاب الشأن، إن كانوا يخفون الحقيقة أو صادقين في التعامل مع الأزمة وتحمّل مسؤلياتها وانعكاساتها، لأنّ التاريخ لا يرحم المتهاونين بسلامة البشريّة، مهما كانوا أو أينما كانوا، فزمن ” الكورونا ” سينتهي عاجلاً أم آجلاً، لندخل عصراً آخراً له مشاكله واهتماماته، ولأنًها عجلة الزمن التي يُسجّلها التاريخ، نصل إلى مقولة حفظناها منذ الصغر وأكّدها علمنا ومعرفتنا وخِبرتنا بالحياة وما حولها، بأنّه لا يصحّ إلّا الصحيح.
الأكثر شعبية
عماؤنا اليساري جعلنا نُصَفِّق للخميني وعادينا الديمقراطية…
23 نوفمبر، 2024
رسوم رقمية على طريقة آندي وارهول لفيروز في عيدها التسعين
22 نوفمبر، 2024
معرض كتاب في مدينة “نورشوبينغ” السويدية بلغات من الشرق الأوسط…
22 نوفمبر، 2024
خطة اسرائيل لقطع “الاوكسجين” عن حزب الله بترغيب الأسد أو ترهيبه؟
22 نوفمبر، 2024