باريس – الدوحة وكالات – الناس نيوز ::
على بعد أسابيع من نهائيات كأس العالم في قطر، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تدّعي أن فرنسا قرّرت مقاطعة المونديال بسبب منع قطر دخول المثليين إلى الملاعب.
إلا أنّ الادعاء مضلّل، فلطالما أكّد المنظمون القطريون عند سؤالهم عن استقبال أفراد مجتمع الميم خلال مونديال 2022 أنّ الجميع مرحّب بهم من دون تمييز.
أما باريس والمدن الفرنسيّة الأخرى فستمتنع عن عرض مونديال قطر 2022 في الأماكن العامّة لأسباب إنسانيّة متعلّقة بحقوق العمال بشكل رئيسي وأخرى بيئيّة.
جاء في نصّ المنشورات “رسمياً: فرنسا تقاطع مونديال قطر 2022 وترفض بثّ المباريات في الساحات العامّة بسبب منع قطر المثليين من الدخول إلى الملاعب…”.
حصدت المنشورات عشرات آلاف التفاعلات على موقع فيسبوك وتويتر منذ بدء انتشارها في السادس من تشرين الأول/أكتوبر.
إلا أنّ الادعاء بأن مدناً فرنسيّة ستمتنع عن عرض المونديال بسبب منع قطر دخول المثليين مضلّل.
“الجميع مرحّب بهم”
فقد أكّد المنظمون القطريون بانتظام عند سؤالهم عن استقبال أفراد مجتمع الميم خلال مونديال 2022 أن “الجميع” مرحب بهم في دون تمييز، على الرغم من القوانين التي تجرّم العلاقات الجنسية بين الأشخاص من الجنس نفسه.
ووفقًا لمنظمة “هيومن ديغنيتي تراست” غير الحكومية، هناك “أدلة قليلة على تطبيق القانون في السنوات الأخيرة، كما أن مدى التمييز والعنف ضد المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية، غير واضح”.
ويكرّر الاتحاد الدولي لكرة القدم أن أعلام قوس قزح مرحب بها في الملاعب، لكن السلطات القطرية تدعو إلى توخي الحذر خارجها.
لماذا امتنعت باريس ومدن فرنسيّة أخرى إذاً عن عرض مباريات المونديال؟
صحيح أنّ العاصمة باريس انضمّت في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر إلى مدن فرنسية عدة في الامتناع عن عرض مباريات مونديال قطر 2022 على شاشات عملاقة أو عن تخصيص أماكن للمشجعين من أجل متابعة الحدث الكروي الأهم على الإطلاق ولكن لأسباب بيئيّة واجتماعيّة لا علاقة لها بمسألة المثليّة.
ونقلت وكالة فرانس برس عن نائب الرئيس المسؤول عن الرياضة في بلدية باريس بيار رابادان قوله “بالنسبة لنا، لم يكن وارداً إقامة أماكن مخصصة لنقل المباريات لعدة أسباب: الأول هو شروط تنظيم كأس العالم هذه، سواء من الناحية البيئية أو الاجتماعية. والثاني هو التوقيت وواقع أنها (تُقام) في كانون الأول/ديسمبر”.
وسارت باريس على خطى مدن فرنسية عدة مثل مرسيليا وبوردو ونانسي وريمس أو ستراسبورغ وليل وروديه التي اتخذت قراراً مماثلاً بشأن الحدث الذي تنظّمه قطر بين 20 تشرين الثاني/نوفمبر و18 كانون الأول/ديسمبر.
وبررت بلدية مرسيليا قرارها بالقول إن “هذه البطولة تحولت تدريجياً إلى كارثة إنسانية وبيئية لا تتوافق مع القيم التي نريد أن نراها تُحمَل من خلال الرياضة لاسيما كرة القدم”.
أما رئيس بلدية بوردو بيار هورميك فقال لوسائل الإعلام”لدي انطباع حقيقي أنه إن استضافت بوردو أماكن المشجعين هذه، سأكون شريكاً في الجريمة” في “هذا الحدث الرياضي الذي يمثّل جميع الانحرافات الإنسانية والبيئية والرياضية”.
وبرّر رؤساء البلديات قرارهم أيضاً بمسألة حقوق الإنسان وما يشاع عن أعداد كبيرة من الوفيات بين العاملين في منشآت المونديال القطري وملاعبه الثمانية.
وفي حين أن الحصيلة الرسمية لا تتعدى ثلاث وفيات، ذكرت منظمة العمل الدولية في تقرير أن 50 عاملاً توفوا في حوادث في مكان العمل في قطر عام 2020، وأصيب 500 بجروح خطيرة.
حملة ردود على الانتقادات في قطر
وتنتظر الإمارة تدفق أكثر من مليون زائر خلال فترة استضافتها للمونديال الأول في الشرق الأوسط والعالم العربي.
فقد أكّد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الفائت أنه سيتمّ الترحيب بجميع المشجعين في بطولة كأس العالم لكرة القدم هذا العام “بدون تمييز”.
وقادت وسائل الإعلام القطرية الخاضعة لرقابة حكومية لصيقة حملة ردود على انتقادات أوروبية على سجلّ قطر في مجال حقوق الإنسان.
وانتقدت الصحف المحليّة الأحد والاثنين في افتتاحياتها ورسومها الكاريكاتورية ما اعتبرته “حملات تشويه” ضد قطر، بسبب معاملتها للعمّال الأجانب وحقوق النساء والمثليين.
وتؤكد الدوحة أنها أدخلت تحسينات كبيرة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك فرض حدّ أدنى للأجور وتخفيف جوانب كثيرة من نظام الكفالة الذي أعطى أصحاب العمل سلطات على حقوق العمال في تغيير وظائفهم وحتى مغادرة البلاد.