روما – الناس نيوز ::
يستهلك العالم يوميا 2.25 مليار كوب قهوة يوميا، ورغم تفاوت التفضيلات بين المشروبين الأشهر، القهوة بالحليب، والشاي بالحليب يبدو أن الكفة من الناحية الصحية صارت ترجح شيئا فشيئا إلى القهوة بالحليب بفضل الكثير من المنافع.
ووفقا لمواقع الكترونية فإن السؤال المطروح هو متى خطر للناس أن يمزجوا القهوة بالحليب؟ يُعتقد أن الأمر بدأ في إيطاليا، حيث تمت تحلية بقايا القهوة ونقعها، لينتج عنها ما يسمى “شراب القهوة” (Coffee syrup) والذي كان يستخدم على نطاق محلي، حتى انتقل مع مجموعة من المهاجرين الإيطاليين إلى الولايات المتحدة في نهايات القرن الـ19 وبدايات القرن الـ20، ليصبح الأمر تجاريا بحتا، ويتحول “شراب القهوة” المخفوق مع الحليب إلى مشروب شعبي.
ويعتبر الحليب بالقهوة المشروب الرسمي لولاية رود آيلاند أصغر ولايات أميركا، وتم تقديمه في الولاية للمرة الأولى في بدايات العام 1920، ومن وقتها صار المشروب المفضل، ومنذ ذلك الحين بدأت فكرة خلط القهوة مع اللبن في التطور، وصارت شركات بعينها تعمل في إنتاج “شراب القهوة” ليتم خلطه منزليا مع الحليب لاحقا، مثل شركة “إكلبس” Eclipse التي تأسست في العام 1914 وبدأت إنتاج الشراب الشهير عام 1920، قبل أن ينتقل الأمر إلى مزيد من الشركات التي خاضت منافسة تقديم المشروب الشهير.
لكن هذا ليس التاريخ الأقدم، ففي كتابه “كل شيء عن القهوة” الصادر عام 1922 يشير المؤلف وليام هاريسون أوكرس إلى أن تاريخ أول كوب قهوة تمت إضافة الحليب له يرجع إلى القرن الـ17 عبر البولندي فرانسيزيك كولتشيسكي المعروف أيضا باسم جورج فرانز كولشيتسكي الذي أسس أول مقهى في فيينا التي صارت تلقب لاحقا بـ”أم المقاهي”.
ظهرت الكثير من التحذيرات بشأن شرب الشاي عقب مزجه بالحليب، وأن لهذه العادة أضرارا صحية، كان أبرزها إعاقة بروتينات الحليب الاستفادة من ميزات الشاي الأسود، حيث تؤثر على امتصاص مضادات الأكسدة في مركبات الشاي، الأمر الذي يقلل فائدة كليهما، فضلا عن منع التأثير الوقائي الإيجابي للشاي الأسود على الأوعية، تضاف إلى ذلك عدة نتائج متضاربة بشأن مدى تأثير إضافة الحليب إلى الشاي على الاستفادة من فوائد كل منهما.
وعلى النقيض يبدو أن شرب القهوة مع الحليب له فوائد صحية عديدة تحول تلك العادة الصباحية التي ترتبط ببداية اليوم إلى عادة صحية، ففي العام 2006 حاولت دراسة علمية أن تبحث عن تأثير إضافة الحليب أو تجفيف القهوة على مضادات الأكسدة فيها، هل تفقد القهوة خواصها المضادة للأكسدة بالتجفيف أو إضافة الحليب؟ كانت الإجابة عن هذا السؤال هي “لا”، حيث خلصت الدراسة إلى أن أيا من التجفيف أو إضافة الحليب لا يكون له أي تأثير كبير على قوة مضادات الأكسدة قبل وبعد الاستهلاك.
لكن الدراسات لم تقف عند هذا الحد، ففي العام 2020 حاولت دراسة أخرى أن ترصد مدى تأثير طريقة إعداد القهوة بالحليب ونوعيات كل من الحليب والقهوة على الفوائد المنتظرة من القهوة، وخلصت إلى أن تحسين طرق معالجة إنتاج مشروبات القهوة وتحسين مكونات كوب القهوة بالحليب من شأنهما زيادة الفوائد الصحية للقهوة.
ربما لمثل هذه النتيجة بالذات ولأجل كوب قهوة بالحليب لذيذ ومميز ازدهرت صناعة أنواع مخصوصة من الحليب الذي تحول -بحسب صناع القهوة الكبار- إلى عنصر مهمل، فيما هو المسؤول بشكل رئيسي عن إنتاج رغوة غنية وقوام وطعم مميز، فكلما زادت نسبة الدهون زاد الغنى والطعم اللذيذ، فالقوام الكريمي حين يذوب في الفم تقوم ذرات الدسم بتغليف اللسان، فتمنع الشعور بمرارة القهوة، وقد ذهب الأمر إلى أبعد من هذا، حيث عمد ملاك بعض سلاسل القهوة إلى إنتاج حليب مخصوص لسوق القهوة قائم على تعديل النظام الغذائي للأبقار وظروف معيشتها من أجل طعم بعينه لكوب القهوة بالحليب.
لكن يبقى السؤال: هل إضافة القهوة إلى الحليب مضرة أم مفيدة؟ لعل أحدث النتائج في هذا الشأن كانت ما كشفته دراسة حديثة نشرت في يناير/كانون الثاني من العام الجاري حول تأثير القهوة بالحليب المضاد للالتهابات.
وقد أشارت الدراسة المنشورة في مجلة الكيمياء الزراعية والغذائية إلى أن التقاء مضادات الأكسدة (البوليفينول) الموجودة في القهوة مع بروتينات الحليب ينتج عنه تفاعل يزيد نشاط مقاومة الجسم للالتهابات.