باريس محمد كلش – الناس نيوز :
يعود وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان بعد ثمانية أشهر من زيارتين لبيروت رافق خلالهما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي سارع لزيارة لبنان عقب انفجار مرفأ بيروت الكارثي، ويستكمل في هذه الزيارة الاتصالات التي تجريها فرنسا مع الأطراف السياسية اللبنانية كما مع الدول الإقليمية الضالعة بشكل أو بآخر بمسار الحياة السياسية في لبنان إن من خلال علاقاتها المباشرة مع بعض هذه الأطراف أو غير المباشرة ذات الصفة المعنوية مع أطراف أخرى، وذلك بغية التوصل إلى تشكيل حكومة لبنانية تتكفل بإجراء الإصلاحات المطلوبة من قبل البنك الدولي الموكل إليه تقديم المساعدات التي أقرها مؤتمر سيدر حول لبنان عام 2018 وقيمتها 11مليار دولار.
كان من المفترض بداية أن تكون الحكومة المنتظرة ” حكومة مَهمة ” مشكَلة من خبراء مستقلين عن السياسيين وفق خارطة الطريق التي بادر بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الأول من سبتمبر أيلول الماضي ووافقت عليها الأطراف السياسية اللبنانية، ولا زال بعض هذه الأطراف يؤكد في مناسبات عدة على التزامه بها متناسٍ أنه أفرغها من أساس مضمونها القائم على استقلالية أعضائها لتغدو طبيعتُها كما الحكومات المعهودة مشكلة من سياسيين أو من تابعين للأحزاب السياسية. وهذا التراجع لم يكن كافياً لتسهيل ولادة الحكومة الجديدة بل جعلها أكثر استعصاءً والسبب عدم التوافق على الحصص، وينحصر الخلاف حالياً في أمر تشكيلها بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، خلاف على تركيبة الأشخاص وعددهم بما يرضي هذا الطرف أو ذاك وليس على طبيعة المهام الإنقاذية التي توجب أن تُحَدد لهذه الحكومة، ولا شيء يوحي حتى الآن بإمكانية إنهاء حالة التأزم المستعصية بين الجانبين، وفي هذا يبدو جلياً أن سعد الحريري لم يعد في وارد تقديم تنازلات شبيهة بالتسوية التي مكنت ميشال عون من ضمان سدة الرئاسة ومكنته من ضمان رئاسة الحكومة، ولا زال يحصد الملامة داخلياً وخارجياً على هذه التسوية.
لا يزور لودريان لبنان لِحَل هذا “الإشكال” بين الطرفين بل ليُبلغ الطبقة السياسية قاطبة بأن ضاق ذرع فرنسا ومتابعي الملف اللبناني في المجتمع الدولي أصدقاء فرنسا وأن موضوع العقوبات ضد سياسيين لبنانيين معرقلين أو ضالعين بالفساد بات جدياً، وفي الوقت نفسه وبخط موازٍ لمتابعة عن قرب موضوع المساعدات الفرنسية المتواصلة منذ انفجار مرفأ بيروت والتي تستلمها بشكل مباشر الجمعيات الأهلية المدنية غير الحكومية وتقوم بتوزيعها بشكل مباشر. والسؤال الذي بقي مطروحاً منذ الإعلان عن هذه الزيارة وقبلها بقليل عن البدء بإعداد العقوبات هو ما سيكون عليه شكل العقوبات، أعَدَمُ منح تأشيرات دخول إلى الأراضي الفرنسية أو الحجز على أموال وممتلكات المعنيين الموجودة في فرنسا؟ وهل ستكون عقوبات فرنسية فقط أم فرنسية -أميركية مشتركة أم فرنسية وأميريكية مختلفة النوع في ظل عدم ضمان الإجماع الأوروبي بعد على هذه العقوبات ولنا في ذلك موقف هنغاريا المعارض لهذه العقوبات.
سد باب الحوار في حال حصوله في حال فرض العقوبات لن يكون ذي أثر كبير طالما هو عملياً مستعصٍ لجهة النتائج المرجوة منذ أشهر طويلة.