طرابلس – الناس نيوز ::
رغم بلوغ مساحة منزله 250 مترًا مربعًا، يُجبر محمود عقيل (48 عامًا) على اختيار النوم في مساحة ثلاثة أمتار مربّعة في سيارته المُكيّفة، بسبب انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة في ليبيا الغنية بالغاز والنفط.
يقول، وهو يسير نحو سيارته، “هذه غرفة نومي”. ويضيف وهو يفتح صندوق السيارة “في حال اشتد الحر، أنام مع ابنتَيَّ داخلها. أزلت المقاعد وحولتها إلى غرفة نوم لننعم بمكيف الهواء فيها”.
يعمل عقيل في شركة لإزالة الألغام، ويسكن فيلّا فارهة من طابق واحد في العاصمة الليبية طرابلس. إلّا أن التيار الكهربائي يُقطع بين 12 و18 ساعة يوميًا، فيما تقارب درجات الحرارة الأربعين درجة مئوية يصير معها النوم من دون وسائل تكييف للهواء شبه مستحيل. وفق فرانس برس .
تنام زوجته مع طفلتيهما “في الوسط”، وهو ينام على حافة المقعد.
ويتابع “أشعر بأوجاع في ظهري حين أستيقظ … هذه حياتنا … فحتى عندما لا ينقطع التيار الكهربائي، يكون التيار ضعيفًا جدًا، بالكاد يكفي لإضاءة المصابيح”.
وعلى أحد الجدران الخارجية في منزله، تظهر ثقوب من آثار طلقات نارية من بقايا القتال الذي اندلع في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا خلال العقد الماضي.
– “لا شيء بلا معاناة في ليبيا” –
يعاني الليبيون من انقطاع التيار الكهربائي والغلاء وانعدام الأمن واهتراء البنى التحتية وانهيار الاقتصاد والخدمات منذ سقوط نظام معمّر القذافي في العام 2011. وعانى قطاع الطاقة الحيوي بسبب الحرب وهدر النفط وتضرر البنى التحتية وعدم صيانتها وإغلاق المنشآت.
ويضيف عقيل “لا شيء بلا معاناة في ليبيا، سواء الصحة أو التعليم، كل شيء، الطرقات سيئة للغاية، وأسوأ ما نمر به في وقتنا هذا هو (انقطاع) الكهرباء لأننا نعتمد عليها في الكثير من الأمور الضرورية في حياتنا”.
يلجأ بعض الليبيين إلى تأمين تغذية كهربائية غير تابعة لشبكة الكهرباء الوطنية من خلال استخدام مولدات كهربائية غالبًا ما تكون ملوِّثة وغير آمنة، باستثناء المولّدات الباهظة الثمن التي لا يقلّ سعرها عن خمسة آلاف يورو.
ويقول، بسخرية، “شكرًا للحكومة”.
في مطلع تموز/يوليو، اندلعت تظاهرات في ليبيا احتجاجًا على الظروف المعيشية والفوضى السياسية وأزمة انقطاع التيار الكهربائي.
ففي طبرق (شرق)، اقتحم متظاهرون البرلمان وأضرموا النار فيه.
هذه المؤسسة هي أحد رموز تقسيم ليبيا بين معسكرين أحدهما مقره في الشرق ويقوده المشير خليفة حفتر، وحكومة مقرها في طرابلس في الغرب بقيادة عبد الحميد الدبيبة.
يدعم معسكر حفتر حكومة منافسة تشكلت في آذار/مارس الماضي بدعم من البرلمان فيما يواصل أنصاره إغلاق منشآت نفطية رئيسية منذ منتصف نيسان/أبريلن كوسيلة ضغط لإرغام السلطة التنفيذية في طرابلس على التنحي.
يتسبب تعطيل المنشآت أيضًا في انخفاض إنتاج الغاز الضروري لتزويد شبكة الكهرباء.
– “لا دولة” –
وفي العديد من المُدُن، حُرقت مبانٍ رسمية أو نُهبت. وفي طرابلس، أحرق شبّان معظمهم ملثّمون إطارات وأغلقوا عدة طرق. كما نظمت مسيرات في مدن أخرى. إلّا أن زخم الحركة الاحتجاجية تراجع بعد ثلاثة أيام من بدئها.
وكرّست حكومة طرابلس الاثنين اجتماعها الأسبوعي للبحث في ملفّ الكهرباء، واعترفت بأنها أساءت تقدير مدى سوء الوضع. وأعلنت السلطات أنها ستُشغّل “هذا الشهر” ثلاث محطات جديدة لتوليد الكهرباء.
وبانتظار تحسّن الوضع الراهن، يعيش أحمد حجاج في بنغازي، على بعد نحو ألف كيلومتر من العاصمة طرابلس، وقد نفذ صبره من “غياب الدولة”.
ويقول “في الأمس، ذهبت إلى مصرف الجمهورية وانتظرت في الطابور منذ الصباح حتى الثالثة بعد الظهر وظل نظام المصرف معطلا. انتظرت منذ الصباح ولكن لم أتمكن من سحب راتبي حتى أشتري مستلزمات المنزل. … أين الدولة؟ لا دولة”.
ويجلس قرب طفله البالغ من العمر أربعة أعوام، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة ويحتاج لمعدات طبية لا يمكن تشغيلها دون كهرباء.
ويعتبر أحمد حجاج نفسه عاجزًا عن ايجاد حلّ بنفسه، مطالبًا الدولة “بتأمين الكهرباء لنا”.