د. خالد عبد الكريم – الناس نيوز :
الحوثية تنظيم عقائدي سياسي ذو جذور سلالية مرتبطة بنظام الإمامة في اليمن وتسعى لإحيائه من جديد وينتمي الحوثيون أساسا إلى المذهب الزيدي، أما أصل تسمية الحوثية فنسبة الى قائد التمرد الأول ( حسين بدر الدين الحوثي).
النشأة والتأسيس.
ترجع جذور التيار الحوثي إلى الثمانينات من القرن الماضي إذ بدأ أول تحرك تنظيمي لهذه الحركة في عام 1982م توج بإنشاء اتحاد الشباب عام 1986م كتجمع يهدف إلى تدريس العقيدة الزيدية وكان من ضمن المناهج الدراسية مواد عن الاثني عشرية و ولاية الفقيه.
ظهرت بوادر حركة الحوثيين مع قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م حيث تحولت إلى مشروع سياسي مستفيدة من التعددية السياسية والحزبية التي أقرها المناخ السياسي الجديد .
عام 1991م تم تغيير اسم اتحاد الشباب إلى منتدى الشباب المؤمن كمنتدى يضم أتباع العقيدة الزيدية في منطقة صعدة.
وفي عام 1997م تم تغيير التسمية القديمة منتدى الشباب المؤمن إلى تنظيم الشباب المؤمن الذي سرعان ما تطورت نشاطاته التربوية من خلال المراكز الصيفية و المخيمات وتوسعت إلى المحافظات المجاورة لصعدة.
استمرت حركة الحوثي لسنوات حركة ثقافية فكرية بعيدة عن السياسة إلا أن الحركة انتهجت نهجا مغايرا منذ مطلع عام 2000م بأن أصبحت حركة تأخذ خط الاتجاهات المعارضة للحكومة وترفع شعارات سياسية تندد بالولايات المتحدة وإسرائيل.
اتجهت الحركة لتوسيع دائرة نشاطاتها بالعمل في عدد من المحافظات فأقامت المراكز الثقافية الدعوية وتحول تنظيم الشباب المؤمن إلى ذراع عسكري لحركة الحوثيين واتخذ حسين بدر الدين الحوثي من جبال مران مسقط رأسه قاعدة لانطلاقة ضد السلطة وأدى هذا التحول إلى :
الحرب الأولى مع السلطة عام 2004م التي أسفرت عن مقتل زعيم التنظيم حسين بدر الدين الحوثي.
الحرب الثانية اندلعت في شباط 2005م وكان يقود المواجهات المسلحة بدر الدين الحوثي وانتهت في منتصف 2005م وبلغ عدد مقاتلي الحركة الحوثية في هذه المرحلة نحو 3000 مقاتل.
الحرب الثالثة اندلعت في نهاية عام 2005م وتوقفت باتفاق مع الحكومة في شباط 2006م، أهم سمات هذه المرحلة هي قرب موعد الانتخابات الرئاسية اليمنية فسارع الجانب الحكومي إلى إطلاق سراح بعض الرموز الزيدية وأجرى تغييرا وزاريا واستجاب لبعض مطالب الحوثيين.
الحرب الرابعة قاد الهجمات المسلحة عبد الملك الحوثي شقيق حسين بدر الدين الحوثي والتي بدأت أوائل 2007م على خلفية اتهام الحكومة الحوثيين بالعمل على مضايقة يهود آل سالم.( طبعا غني عن القول ان ايران تمول الحوثيين بالسلاح والمال ) وفق ما هو معلن .
في هذه الحرب تدخلت دولة قطر بوساطة لحل النزاع .
الحرب الخامسة كانت مطلع عام 2008م بعد فشل جهود الوساطة القطرية وتبادلَ الطرفان الاتهامات بعدم الجدية في تحقيق السلام، وتعد هذه الحرب هي الأعنف مما حدا برئيس الجمهورية لإيقاف الحرب من طرف واحد.
الحرب السادسة تجددت المواجهات بحلول عام 2009م بعد فشل كل الوساطات سواء القطرية أو الحكومية وكانت المعارك عنيفة و وصلت إلى قرب الحدود السعودية بل تجاوزتها مما أدى إلى تدخل القوات السعودية في القتال بعد أن سيطر الحوثيون على جبل دخان الإستراتيجي داخل الأراضي السعودية، وقدر عدد مقاتلي الحوثيين بعشرة آلاف مقاتل.
عوامل ساعدت على انتشار الحركة الحوثية
هناك عوامل داخلية وخارجية أدت الى توسع النشاط التعبوي للحركة يمكننا تحديدها بالآتي :
الأبعاد الفكرية والعقائدية : حيث عملت الحركة على المبالغة في خطورة المد السني في المناطق الحوثية وتوعية تنظيم الشباب المؤمن بالأخطار التي تواجهها الطائفة، وبهذا فقد اعتمدت الحركة على الأساس المذهبي متخذة من صعدة مقرا ومنطلقا.
البعد الطائفي : حيث تلقى التنظيم دعما و مساندة من قبل القبائل الزيدية مما شكل عائقا أمام الحكومة في المواجهة مع الحوثيين.
التضاريس الجبلية : وعورة المرتفعات الجبلية في صعدة كانت أحد العوامل التي مثلت عائقا أمام تقدم القوات الحكومية.
الأزمة الاقتصادية : المشاكل الاقتصادية المركبة التي أدت إلى ازدياد معدلات الفقر في اليمن والبطالة وتردي الخدمات وانعدام مشاريع التنمية في المنطقة زاد من وتيرة النقمة الشعبية وشجع على زيادة مناصري التنظيم المعارض.
وهناك عامل استمرار تهريب الأسلحة إلى الحركة الحوثية حيث استمرت قنوات التهريب الإيرانية باستخدام موانئ يمنية في البحر الأحمر والبحر العربي لتزويد الحوثيين بالسلاح والذخائر والصواريخ والخبراء، وكذا استخدام جزر في أرتيريا لتدريب المقاتلين الحوثيين.
أما بالنسبة للعوامل الخارجية الداعمة للحوثيين فإن أهمها الأجندة الإيرانية في المنطقة التي تعتمد على إستراتيجية للتدخل في عدد من الدول العربية منها اليمن من خلال خطط ومناهج بعيدة المدى تنفذ من قبل وكلاء محليين معززين بنزعات طائفية.
التوجه الأيديولوجي
تصنف بعض المصادر الجماعة بأنها شيعية اثنا عشرية، والحوثيون لا ينفون ذلك، ويؤكدون ولاءهم من خلال نشر الفكر الاثني عشري في المدارس وتضمينه المناهج الدراسية، ومن خلال إقامة الدورات التثقيفية في الوزارات والمؤسسات المدنية والعسكرية. و إقرارهم بالالتقاء مع الاثني عشرية في بعض المسائل كالاحتفال بعيد الغدير وذكرى عاشوراء.
كان لبدر الدين الحوثي -وهو من فقهاء المذهب الزيدي- تأثير كبير في صياغة توجه الحركة التي اعتبرها لب الزيدية، وأن نسبة هذه الأخيرة إلى الإمام زيد بن علي، نسبة حركية وليست مذهبية.
طالبت الحركة الحوثية منذ تأسيسها باعتماد المذهب الزيدي مذهبا رئيسيا بالبلاد إلى جانب المذهب الشافعي، وبحق أبناء المذهب الزيدي في تعلم المذهب في الكليات الشرعية، وبناء جامعة معتمدة لتدريس مجالات علمية ومعرفية مختلفة، الأمر الذي اعتبرته السلطات اليمنية سعيا لإعادة حكم رجال الدين.
المسار السياسي
بعد اندلاع ثورة الربيع في اليمن ضد نظام الرئيس علي عبد الله صالح عام 2011، شاركت جماعة الحوثيين في الاحتجاجات والمظاهرات، ووقعت على مخرجات الحوار الوطني التي أقرت أواخر يناير/كانون الثاني 2014.
وكان مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي وضع حلولا للقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية بمشاركة الأحزاب اليمنية ومنظمات المجتمع المدني والمستقلين وخرج بوثيقة تاريخية وضعت المعالجات لقضية صعدة وأكدت على ضمان الحرية المذهبية والفكرية وممارسة الشعائر وتحريم فرضها أو منعها بالقوة من أي جهة كانت ، وأن تكون الدولة وأجهزتها محايدة، وألا تقوم بتبني أو دعم مادي أو معنوي أو تقديم تسهيلات لأي مذهب أو فكر وبما يضمنه الدستور وينظمه القانون.
ودعت إلى أن تعزز الدولة وجودها في كل مناطق اليمن على كل الأصعدة.
وأن يحرم الدستور والقانون ويضمن عدم فرض أي فكر أو مذهب أو منعها بالقوة وحيادية الدولة وأجهزتها في تبني أو دعم أي فكر أو مذهب ومسؤوليتها في رعاية الجميع وتحريم كل ما يثير النزاعات الطائفية والعرقية والمذهبية ونبذ ثقافة الكراهية وتمجيد الحروب الأهلية .
وطالبت وثيقة الحوار ببرنامج تنمية شامل لصعدة والمحافظات والمديريات المتضررة واضح المعالم ومحدد بمدة لا تزيد
عن خمس سنوات وموازنة محددة ومعلومة وبرنامج تنفيذي مزمن يشمل كل قطاعات التنمية بما في ذلك قطاع التعليم العالي وقطاع الزراعة والتسويق وفتح منافذ علب والبقع.ًوإطلاق سراح المعتقلين على ذمة الأحداث لدى كل الأطراف والكشف عن المفقودين والمخفيين قسرا في إطار قانون المصالحة والعدالة الانتقالية.ً
وكذا الاهتمام بأسر الشهداء والجرحى والمعاقين من كل الأطراف، من المواطنين والقوات المسلحة والأمن ورعايتهم الرعاية الكاملة واعتماد مرتبات لأسر الشهداء وجرحى ومعاقي الحرب . وإبرام صلح عام وتصالح وتسامح بين أبناء محافظة صعدة والمحافظات والمديريات المتضررة، صلح يَأمن فيه الخائف وتزول به الضغائن، وتعويض من لديه مظلمة من هذا الطرف أو ذاك من قبل الدولة. وضمان عودة النازحين إلى قراهم ومساكنهم من كل الأطراف دون قيود وشروط.
لم تلتزم الجماعة بمقررات مؤتمر الحوار ودخلت في الشهر التالي في صراع مسلح مع القوات الحكومية للسيطرة على مدينة عمران الشمالية (معقل بني الأحمر)، وانتهت المعارك بسيطرة الحوثيين على المدينة في 9 يوليو/تموز 2014.
اتهمها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بإشعال الحرب في عمران بهدف الالتفاف على قرارات مؤتمر الحوار الوطني، وتعهد بطردها من محافظة عمران، لكن الجماعة نزلت بأتباعها إلى العاصمة صنعاء ونظمت في 18 أغسطس/آب 2014 احتجاجات ضد زيادة أسعار الوقود، وطالبت بإسقاط الحكومة و عدم العمل بقرارات الحوار الوطني.
وفي 21 سبتمبر/أيلول 2014 سيطر مسلحو الحركة على كامل العاصمة، واستولوا على مقر الحكومة ومقار الوزارات، بما فيها وزارة الدفاع وغيرها من المقرات الإستراتيجية كمقر البنك المركزي، بالإضافة إلى اقتحام منازل بعض الوزراء والمسؤولين.
وتحت ضغوط الجماعة استقالت حكومة محمد سالم باسندوة، وكُلِّف خالد بحاح بتشكيل حكومة توافق وطني سرعان ما قدمت استقالتها تحت ضغوط الجماعة أيضا.
ثم تقدم الرئيس هادي باستقالته كذلك في 22 يناير/كانون الثاني 2015 بعد إخضاعه لإقامة جبرية في بيته بصنعاء لرفضه الانصياع لمطالب جماعة أنصار الله.
وفي 20 فبراير/شباط 2015 استطاع هادي الإفلات من قبضة الجماعة الحوثية والتوجه إلى مدينة عدن في الجنوب، وتراجع عن الاستقالة واستأنف ممارسة مهامه من عدن، فجمع الحوثيون قواهم في اتجاه عدن للسيطرة عليها، وقصفوا القصر الرئاسي حيث يقيم هادي، ورفضوا المشاركة في الحوار خارج اليمن.
وفي فجر الخميس 26 مارس/آذار 2015 انطلقت عاصفة الحزم بمساهمة عشر دول على الأقل بقيادة المملكة العربية السعودية، ضد جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، استجابة لطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لحماية اليمن وشعبه.
استكمال لما بعد بدء عاصفة الحزم.
دعمت قوات التحالف تشكيل فصائل للمقاومة في المحافظات الجنوبية كون البيئة الشعبية كانت مهيئة لمقاومة قوات الحوثيين والرئيس صالح بالنظر إلى النزعة الاستقلالية المنتشرة في الجنوب إضافة إلى هيمنة أحزاب دينية سنية على الشارع السني الذي أعطى للحرب طابعا دينيا.
بدعم من دولة الإمارات تم تحرير مدينة عدن والمحافظات الجنوبية القريبة منها في مايو 2015م، وعملت دولة الإمارات على تشكيل وتدريب مكونات مسلحة جنوبية خارج الجيش الحكومي أطلق عليها الأحزمة الأمنية والنخب العسكرية وقوات مكافحة الإرهاب، وهي القوى التي صارت الذراع العسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي تأسس في أغسطس 2018م بدعم إماراتي وتمكن من السيطرة على العاصمة المؤقته عدن وعدد من المحافظات الجنوبية.
سعى المجلس الانتقالي الجنوبي لأن يكون الممثل الوحيد للمحافظات الجنوبية، وهو الشيء الذي عارضه مناوئون جنوبيون ينتمون لمناطق أبين وشبوة وعدن وهي المناطق التي ليست ضمن نطاق سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي جُل قواته العسكرية وثقله الشعبي في محافظتي الضالع ولحج وجزء من عدن.
شكل المناوئون للانتقالي مكونا سياسيا يعرف بالائتلاف الوطني الجنوبي ذراعه العسكري الجيش الحكومي ويناصر سياسة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وينافس المجلس الانتقالي الجنوبي في ادعاء التفويض الجنوبي.
هذا جنوبا أما شمالا فكان الخلاف قد نشب بين صفوف الحوثيين والرئيس صالح وكان أن أعلن الرئيس صالح في 2 ديسمبر 2017م انشقاقه عن الحوثيين ودعا أتباعه في الجيش وفي المؤتمر الشعبي العام للانتفاض على الحوثيين، إلا أن الحركة الانشقاقية قمعها الحوثيون بقوة السلاح وجرى قتل الرئيس علي عبد الله صالح في 6 ديسمبر 2017م.
فر أتباع الرئيس صالح بعد مقتله إلى صفوف الشرعية ومن أبرزهم سلطان البركاني رئيس البرلمان اليمني و طارق عفاش وقواته الذين أعيد تشكيلهم فيما يعرف بقوات المقاومة وتخوض الحرب ضد الحوثيين في منطقة الساحل الغربي.
الأمم المتحدة في اليمن
(2011م – 2020م )
عقب التوقيع على المبادرة الخليجية في 23نوفمبر 2011م وبدء الترتيب لعملية حوار وطني شامل في اليمن ، ظهر جليا دور المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر الذي جرى تعيينه بهذا المنصب في ابريل 2011م .
بذل بن عمر جهودا كبيرة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي كلل بوثيقة الحوار وآليتها التنفيذية التي تعد إحدى المرجعيات الثلاث للحل السلمي في اليمن .
كان لمجلس الأمن الدولي دور مهم في العام 2012 م ،تكلل ذلك بزيارة الأمين العام للأمم المتحدة السابق بان كي مون إلى اليمن ، لكن التطورات في اليمن كانت تسير باتجاه عرقلة سير تنفيذ نتائج الحوار الوطني وآليته التنفيذية ، تبنى هذا النهج النظام السابق الذي عرقل عمل حكومة الوفاق الوطني التي تمتلك نصف المقاعد في الحكومة ، كما تم دعم ميليشيات الحوثي عسكريا ولوجستيا للسيطرة على المدن والعاصمة صنعاء .
تدخل مجلس الأمن الدولي وأصدر القرار رقم 2201 في 15 فبراير 2015م والذي طالب الحوثيين بسحب مسلحيهم من المؤسسات الحكومية ، لكن الميليشيات لم تمتثل للقرار ولم تنسحب .
تقييم مرحلة جمال بن عمر
كان دور المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر سلبيا تجاه التحديات التي واجهت السلطة الشرعية الدستورية ، فحاول شرعنة سلطة الانقلاب وذلك عن طريق اتفاق السلم والشراكة الذي ألزم الحكومة الشرعية بالتوقيع عليه على الرغم من ذلك لم تلتزم ميليشيات الحوثي بتنفيذ أي بند من بنوده بل واصلت مشروعها الانقلابي .
وعقب اندلاع عاصفة الحزم لوقف المد الإيراني في اليمن ، وإصدار قرار مجلس الأمن 2216 الذي يلزم الميليشيات بتسليم اسلحتها والخروج من المعسكرات والمدن ، ورغم أن قرار الأمم المتحدة تحت البند السابع ويعد ملزما للتنفيذ وقد اتخذ بإجماع جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي عدا روسيا التي تحفظت ، إلا أن مجلس الأمن الدولي بقي عاجزا وما زال أمام تنفيذ هذا القرار وعدم وجود آلية لديه لفرض عقوبات على الجهات التي لا تلتزم بتطبيق قراراته ، وهذا مايجعل البند السابع فارغا من محتواه ويجعل قرارات مجلس الأمن حبرا على ورق .
مرحلة إسماعيل ولد الشيخ أحمد
بدأ ولد الشيخ مهامه مبعوثا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن في أبريل 2015م خلفا لجمال بن عمر الذي رفض تجديد فترة عمله في اليمن .
فشل إسماعيل ولد الشيخ في مباحثات جنيف 1 وجنيف 2 جراء رفض الحوثيين خوض مباحثات مباشرة مع وفد الحكومة وطالبوا بالتحاور مع المملكة العربية السعودية مباشرة ، وبالتالي لم يتم التوصل إلى أي اتفاق .
عاود المبعوث اسماعيل ولد الشيخ بذل الجهود لعقد جولة مباحثات في الكويت في 21 ابريل 2016م ، وبعد ثلاثة أشهر من التباحث في الكويت فشل المبعوث ولد الشيخ وفشلت المفاوضات .
تقييم مرحلة إسماعيل ولد الشيخ أحمد :
لم يستطع إسماعيل ولد الشيخ أحمد أن يحقق أي تقدم خلال فترة عمله مبعوثا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن ، وكانت إحاطاته لمجلس الأمن تحمل الكثير من الحسرة والتشاؤم ، رفض بعدها تجديد فترة ابتعاثه إلى اليمن .
مرحلة مارتن غريفيث :
في فبراير 2018م تم تعيين مارتن غريفيث مبعوثا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن ، بدأ غريفيث مهمته بعقد مشاورات وجولات مكثفة بهدف ترتيب مشاورات للسلام في جنيف في 6 سبتمبر 2018م ، باءت تلك الجهود بالفشل نتيجة عدم حضور وفد الميليشيات الحوثية ، كانت صدمة غير متوقعة للمبعوث الأممي الجديد ذي السجل الحافل بالنجاحات ، ليكتشف أنه أمام مشكلة أصعب مما كان يتوقع .
- قبل ان ينتهي العام 2018م سعى غريفيث لتحقيق أي نصر ولو هشا أو هلاميا ليغطي على فشل مهمته في جنيف 3 . عقدت مشاورات ستوكهولم في ديسمبر 2018م برعاية الأمم المتحدة و مملكة السويد ، عقدت المشاورات بصيغة جديدة ابتعدت عن مرجعيات الحل السياسي في اليمن ، وتم التوقيع فيها على ثلاث اتفاقيات تتعلق بموانئ الحديدة وملف الأسرى والمخفيين والمعتقلين ، وكذا ملف فتح الحصار على مدينة تعز .
دعما لاتفاقيات السويد أقر مجلس الأمن الدولي بإجماع أعضائه مشروع القرار البريطاني – الأمريكي بشأن اليمن في 21 ديسمبر 2018م ، عقب أسبوع واحد على توقيع اتفاقية ستوكهولم .
يسمح مشروع القرار الذي صاغته بريطانيا البدء في مراقبة تنفيذ اتفاق السويد من قبل فريق يتبع للأمم المتحدة .
وينص اتفاق السويد بشان الحديدة على : - وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة والصليف وراس عيسى .
- تعزيز وجود الأمم المتحدة في مدينة الحديدة وموانئها .
- الالتزام بعدم استقدام أي تعزيزات عسكرية لكلا الطرفين ، وتسهيل حرية الحركة للمدنيين والبضائع ، وفتح ممرات لوصول المساعدات الإنسانية .
- إيداع جميع إيرادات الموانئ في البنك المركزي اليمني .
- إزالة جميع المظاهر العسكرية في المدينة، وتعزيز وجود الأمم المتحدة في الحديدة وموانئها .
وبحسب الاتفاق فإن مسؤولية آمن الحديدة وموانئها تقع على عاتق قوات الأمن اليمنية .
بعثة المراقبين الدوليين لمراقبة إعادة الانتشار في الحديدة :
- كلف الجنرال الهولندي باتريك كاميرت في يناير 2019م برئاسة اللجنة ، فشل الجنرال كاميرت وتعرض لاستفزازات وأطلق النار على موكبه ، ورفض تعنت الميليشيات الحوثية وتمسكها بتفسيراتها الخاصة لبنود اتفاق السويد .
- استكمل المهمة الدنماركي لوليسغارد ، لوليسغارد بصفته كبير المراقبين في لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة ، أبدى منذ بداية مهمته لا مبالاة غريبة إزاء نزيف الوقت الذي يمر من دون تبلور أي خطوات تنفيذية وإجرائية بصدد التمكين لجدولة الإجراءات المزمنة لتنفيذ اتفاق السويد بشأن الحديدة .
- استقال الجنرال لوليسغارد وترك المهمة .
- لم يقبل بعدها أحد من الخبراء الدوليين المختصين في حل النزاعات بهذه المهمة، أصبحت مهمة الحديدة وموانئها تلطخ سجل أكثرهم كفاءة وتوسمه بالفشل، لذا اعتذر الأدميرال الأمريكي ( تيموثي كيتينغ) عن المهمة عندما تم اختياره عقب لوليسغارد، وهو الحال كذلك مع جنرال نيوزيلندي عُرضت عليه المهمة خَلفاً لوليسغارد المستقيل فرفض.
لجأت الأمم المتحدة إلى الخبرات الأدنى من الصف الثاني الذي لا يتمتع بنفس كفاءة وقدرات من سبق ذكرهم، فكان أمامها المتقاعد الهندي بهيجيت غوها الذي وافق على القيام بمهمة رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار و رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، وتسلم مهامه رسميا مطلع أكتوبر 2019م. وجرى التجديد له من قبل مجلس الأمن لاستئناف المهمة حتى 15 يوليو 2021م .
أما ما يتعلق بملف الأسرى والمعتقلين والمخفيين فإن المفاوضات تجري بين الحكومة الشرعية والحوثيين سواء في مكتب المبعوث الأممي في العاصمة الأردنية أو في جنيف حيث استؤنفت 18 سبتمبر 2020م ويتوقع أن يتم الإفراج عن 1400معتقل من الطرفين بينهم قادة عسكريون وسياسيون.
كما أن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث أعد مشروعا للسلام الشامل في اليمن يتضمن مسودة خطة السلام الأممية المعدلة والمعروفة باسم إعلان وقف شامل لإطلاق النار والإجراءات الإنسانية والاقتصادية، التوقيع على “إعلان مشترك” من قبل حكومة الرئيس هادي والحوثيين وجميع مَنْ ينتسب إلى هذين الطرفين، ينص على وقف إطلاق النار في جميع أرجاء البلاد، مـع وقـف كـامـل لجـميع الـعمليات الـعسكريـة الـهجومـية الـبريـة والـجويـة والبحـريـة، بـما في ذلك إعادة نشر القوات والأسلحة الثقيلة والمتوسطة والذخائر، وإطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين تعسفيا والمخفيين قسرا والموضوعين تحت الإقامة الجبرية والأشخاص المسلوبة حريتهم بسبب النزاع وفقاً لاتفاق ستوكهولم، وخاصة في ضوء تهديد انتشار جائحة “كوفيد-19” في أماكن الاحتجاز.
كما تتضمن الخطة مقترحات بتشكيل لجنة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفتح الطرق الرئيسة إلى المدن، لا سيما في تعز وصنعاء والحديدة ومأرب وصعدة والجوف، وصرف رواتب جميع موظفي الخدمة المدنية في كافة أرجاء البلاد وفقا لقوائم رواتب عام 2014، والشروع في إصـلاح أنـبوب مـأرب-رأس عيسى لاستئناف ضــخ الــنفط، وضمان ســلامــة نــاقــلة الـنفط المتهالكة (صافر)، وإعادة تشغيل محطة كهرباء مأرب الغازية، ورفـع القيود عـلى دخـول سـفن الـحاويـات والمشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، وإعادة تشغيل مطار صنعاء الدولي وفتحه أمام الرحلات الإنسانية والتجارية والمدنية، وتشكيل لجنتين مشتركتين تعمل أولاهما على تنسيق السياسة النقدية، وتتولى الثانية قضايا توحيد السياسة النقدية ودعم احتياطات النقد الأجنبي في الخارج، وفي ضوء ذلك يتم استئناف المـشاورات الـسياسـية.
وما زالت المشاورات تجري لإقناع أطراف النزاع على القبول بهذا الاتفاق.
واضح أن الأمم المتحدة بذلت الكثير من المساعي وما زالت تبذل للتوصل إلى حلول ترضي أطراف النزاع اليمني كافة إلا أن الحملات الإعلامية للشرعية ما زالت تستهدف مارتن غريفيث ومن قبله ولد الشيخ وبن عمر ، بتهمة التماهي والتدليل للحوثيين، فالانتقادات هي قدر الوسطاء أينما كانوا .
الأكثر شعبية

هجرة المسيحيين السوريين بين التفكك الوجودي وتحديات البقاء…

الحكومة الأسترالية تبدأ خطوات “تعليق” العقوبات على سوريا…


