د. أمير سعادة – الناس نيوز ::
نحن أمام شيء كبير بشع للغاية في العالم العربي، يشبه إلى حد بعيد ما حدث لأجدادنا منذ عام 1948.
يومها مُحيت فلسطين الدولة من على خرائط العالم كله، وطُرد أهلها من منازلهم في أكبر عملية إبادة وتهجير عرفها العالم منذ مجزرة الأرمن مطلع القرن العشرين.
وتتحمل إسرائيل مسؤولية ما حدث للفلسطينيين يومها، ومعها الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بسبب وقوفهم الصلب مع المشروع الصهيوني.
ورغم أن البعض حاول إلقاء اللوم يومها على زعماء العالم العربي وفي مقدمتهم الملك فاروق قائد أكبر جيش عربي حينها. لكن الحقيقة، أنهم جميعًا كانوا أضعف بكثير من القدرة على إنقاذ فلسطين ما تم التخطيط له منذ وعد بلفور.
أما اليوم، فمن هو المسؤول عن تفريغ غزة – وتدمير غزة – وتهجير أهلها المترقب إلى مصر، هل هو نتنياهو وحده أم حركة حماس تسبقه لذلك بما فعلته من تقديم ذريعة كي ترد إسرائيل بهذا الرد التدميري الهائل ؟
العدو معروف منذ سبعة عقود ونيف، وكلما أُتيحت له الفرصة لم يتردد يوماً في ضرب سكان هذه البلاد الأصليين، وطردهم وتهجيرهم.
شاءت الأقدار أن يكون بنجامين نتنياهو في سدة الحكم يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولكن كان من الممكن جداً أن يحصل
الهجوم في عهد أية شخصية إسرائيلية أخرى، سواء من حزب ليكود أو غيره. بعيداً عن الأسماء، سيكون رد الدولة العميقة في
تل أبيب نفسه، وتحديداً بعد تشبيه حماس بداعش وما حدث في إسرائيل بأحداث 11 سبتمبر/أيلول الشهيرة في أمريكا.
لقد تفوقت إسرائيل على نفسها في الوحشية والإجرام، ولكن هذا ما نتوقعه منها منذ الأزل، لكن المفاجأة لو تصرفت عكس ذلك.
أما مجاهدو حماس – أو “صبيان حماس” اللذين ينفذون اجندة إيران وتنظيمات متشددة – فهم مدانون بالغباء السياسي، وتوريط البلاد – بإيعاز من إيران – في حرب شعواء راح ضحيتها حتى الآن آلاف الشبان والنساء والأولاد.
إن تصرفهم اليوم لا تختلف كثيراً عن تصرف رفاقهم في سورية منتصف السبعينيات، يوم دخلوا في حرب عرجاء مع حافظ الأسد، أدخلت البلاد في موجة عنف لم تنته حتى اليوم، حتى لو تغير
اسمها وتغير لاعبوها.
إخوان سورية – حلفاء حماس – لم يدركوا أنهم غير قادرين على مواجهة جيش أقوى منهم بكثير ومع ذلك، لم يراجعوا أنفسهم، ولم يعترفوا بأخطائهم، بل أصروا أن الجميع مدان بالتآمر عليهم، داخلياً وإقليمياً ودولياً.
وكذلك الحال مع قادة حماس اليوم، لم يؤمنوا سكان غزة بالوقود والكهرباء والمال والدواء، قبل بدء “طوفان الأقصى ” وتركوهم لمصيرهم المشؤوم.
أين هو محمد ضيف؟ وأين خالد مشعل وإسماعيل هنية وبقية أفراد جوقة” المقاومة”؟
البعض يقول إن في جعبة حماس المزيد، وأنها ستُري إسرائيل العجب في حال بدأت بعمليتها البرية. هذا الكلام يُذكر بوعود وزير الإعلام العراقي السابق محمد سعيد الصحاف الرنانة، يوم وعد بذبح الأميركيين على أبواب بغداد عام2003، ووصفهم بالعلوج وقال “إن العراق العظيم سينتصر على الغزاة”، قبل أن يتفاجأ هو – كما تفاجأنا جميعاً – بالانهيار المدوي للجيش العراقي لحظة وصول الأمريكيين إلى مشارف بغداد، وتحول الصحاف إلى أضحوكة.
فهل سنشهد سيناريو مشابه في غزة؟ أم أن عقيدة” المجاهدين” ستطفو فوق كل اعتبار، ويُحولون أرض غزة فعلاً إلى “فيتنام إسرائيل”؟
من المفترض أن تكون مقاومة حماس باسلة، فهم يُقاتلون في أرضهم، ويحفظون عن ظهر قلب تضاريسها ومخابئها.
أما جنود الاحتلال – الغزاة – فهم مجندون إسرائيليون لا خبرة قتالية لهم، ولدوا جميعاً بعد الانتفاضة الأولى والثانية.
ولكن تجربة الحركة منذ نشأتها وحتى اليوم، لا توحي بأي انتصار مدوي، فهي تجيد القصف عن بُعد، ولم تحقق أي خرق عسكري مثل
الخروقات التي حققتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الستينيات والسبعينيات، ولا تُقارن بحركة فتح وبقية فصائل منظمة التحرير.
لقد قال الرئيس الراحل ياسر عرفات إن حركة حماس اخترعتها إسرائيل للنيل من فصائل المقاومة.
عندها، سخر الجميع منه، علماً بأنه أكد أنه سمع ذلك شخصياً من رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين.
إن كلامه هذا يعود بالأذهان اليوم، بعد تجلّي منجزات “طوفان الأقصى” المدمرة، والأيام القليلة القادمة ستُثبت صحة كلامه من عدمه.
صحيفة هأرتس: في مارس 2019 قال نتنياهو لأعضاء الكنيست من حزب الليكود: “على من يريد إحباط إنشاء دولة فلسطينية أن يدعم حماس وتحويل الأموال إلى حماس… هذا جزء من استراتيجيتنا”