دمشق – الناس نيوز:
في 26 أيلول من العام المنصرم، ألغت حكومة النظام في سوريا مناقصة لمبادلة 100 طن من القمح السوري بقمح روسي، بعد أيام من طرح المناقصة في السوق العالمية.
وقتها نقلت وكالة “رويترز” عن مصدر في النظام، أن المؤسسة العامة لتجارة وتخزين الحبوب في سوريا، ألغت مناقصة كانت مقررة لمبادلة 100 ألف طن من القمح مع روسيا، “بسبب عدم التوصل إلى اتفاق حول العروض المقدمة”.
لكن البعض رأى بأن الرفض الذي جاء بقرار إداري من المؤسسة العامة لتجارة وتخزين الحبوب كان مرده عدم صلاحية الشحنة للاستهلاك البشري، وهو ما أدى لاحقا للإطاحة بعدد من مسؤولي المؤسسة.
ويعتمد النظام في سوريا على القمح الروسي المستورد لتغطية العجز في الإنتاج المحلي، رغم المحاولات لخرق العقوبات الغربية والتوجه لأسواق جديدة. وعدا عن الفرق في الجودة بين القمحين لصالح القمح السوري، وارتفاع سعر القمح الروسي عالمياً، فإن استيراده من روسيا قد لا يعدو أكثر من كونه أحد أشكال تسديد فواتير الحرب الروسية في سوريا.
وبعدما كان الإنتاج السنوي للقمح السوري يصل إلى 4 ملايين طن سنوياً، تشير تقديرات منظمة “الفاو” في تقريرها للعام 2017 إلى أن إجمالي الإنتاج السوري قد بلغ 1.8 طن، وهو أدنى مستوياته منذ 29 عاماً، ويبقى هذا الرقم دون المستوى المطلوب، حتى لو افترضنا أنه سُلّم بالكامل إلى مؤسسات الحكومة.
وتراجع إنتاج القمح بشكل كبير في سوريا خلال سنوات الحرب، وتحولت من دولة مكتفية ذاتياً إلى مستوردة من الدول الداعمة للنظام.
قمح روسي مسرطن يفرض بالقوة على موائد السوريين
ربما العلاقات بين روسيا وأي دولة أخرى تأخذ شكلا مختلفا تماما عن علاقة روسيا بسوريا، فمن غير الممكن في سوريا أن تخرج وزارة الزراعة لتقول بأن القمح الروسي “مسرطن” كما فعلت نظيرتها في مصر، حيث أكد المتحدث باسم وزارة الزراعة المصرية، حامد عبد الدايم، أن الشحنة الروسية الموردة في 2018 إلى البلاد والبالغة 63 ألف طن، احتوت على الإرغوت بنسبة 0.06%، أي تجاوزت الحد الأقصى المسموح به.
وقال عبد الدايم، وفق وكالة رويترز، إن الشركة المسؤولة عن الشحنة الروسية تلتمس إعادة تحليلها، لكن إدارة الحجر الزراعي رفضت الطلب، ما يجعل من المرجح إعادة تصدير الشحنة.
وحسب دراسات متخصصة، يعد الإرغوت مرضا فطريا يصيب نباتات القمح، ما يؤدي إلى إصابة الإنسان بالسرطان والتشنج التنفسي والاختلال العصبي وفقد الأطراف في حال تناول خبز مصنوع من دقيق ملوث بهذا الفطر لفترات متواصلة.
وفي العام نفسه أي 2018 اتفقت حكومة النظام في سوريا مع روسيا على تحويل سوريا إلى مركز لتصدير القمح الروسي إلى بقية بلدان المنطقة. وقال وزير النقل في حكومة النظام وقتها، علي حمود، إنه تم الاتفاق مع الحكومة الروسية على أن تكون سوريا في المستقبل مركزاً لتصدير القمح الروسي إلى بقية بلدان المنطقة.
وأضاف حمود، أن الاتفاق يتطلب توسيع المرافئ السورية وإنشاء صوامع حبوب بطاقة استيعابية كبيرة. كما اعتبر أن تصدير القمح الروسي من سوريا إلى بلدان المنطقة يحتاج إلى سكك حديدية وطرق، مشيراً إلى جدية الجانب الروسي بهذا المشروع.
وعملت روسيا خلال السنوات الماضية للسيطرة على مفاصل مادة القمح الاستراتيجية في سوريا من خلال بناء المطاحن وتحكمها بها.