بيروت – دمشق – تل أبيب وكالات وعواصم – الناس نيوز ::
حثّ مبعوثٌ أمريكي الرئيسَ السوري أحمد الشرع على إعادة النظر في سياساته، وتبنّي نهجٍ أكثر شمولًا، بعد جولةٍ جديدة من إراقة الدماء الطائفية الأسبوع الماضي، محذرًا من أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى فقدان الدعم الدولي وتفكك البلاد.
وقال توماس باراك، المبعوث الأمريكي إلى سوريا، إنه نصح الشرع في محادثات خاصة بإعادة تقييم بعض عناصر هيكل الجيش السابق للحرب، وتقليص حجم التلقين الإسلامي، وطلب المساعدة الأمنية من دول الجوار.
وأكد باراك في مقابلة له في بيروت مع وكالة رويترز، أنه بدون تغيير سريع، فإن الشرع يواجه خطر فقدان الزخم الذي أوصله إلى الحكم.

وأضاف باراك: “ينبغي على الشرع أن يقول: سأتكيف بسرعة، لأنه إن لم أتكيّف بسرعة، فسأفقد طاقة الكون التي كانت تدفعني للأمام”، وأردف: “يمكنه أن ينضج كرئيس ويقول: الشيء الصحيح الذي ينبغي أن أفعله هو أن أتخلى عن مساري الحالي، لأنه لا يحقق النتائج المرجوة”.
وكان الشرع، زعيم فصيل سابق منشق عن القاعدة، قد وصل إلى السلطة في سوريا بعد أن أسقط مقاتلوه الرئيس بشار الأسد في ديسمبر من العام الماضي، بعد أكثر من 13 عامًا من الحرب الأهلية. وعلى الرغم من أن مقاتليه ينتمون لجذور سنّية متشددة، فقد تعهد الشرع بحماية أبناء الأقليات الطائفية المتعددة في سوريا. إلا أن هذا الوعد تعرض لاختبارٍ كبير، بدايةً بمجزرة بحق الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد في مارس، ومؤخرًا بأحداث العنف في الجنوب.
وقد قُتل مئات الأشخاص في اشتباكات بمحافظة السويداء بين مقاتلين دروز، وقبائل بدوية سنية، وقوات تابعة للشرع نفسه، وقد تدخلت إسرائيل بشن غارات جوية لمنع ما قالت إنه عمليات قتل جماعي تستهدف الدروز على يد القوات الحكومية.
وقال باراك إن على الحكومة السورية الجديدة أن “تكون أكثر شمولًا وبشكل أسرع” فيما يتعلق بدمج الأقليات في بنية الحكم، لكنه في الوقت ذاته رفض التقارير التي تفيد بأن قوات الأمن السورية مسؤولة عن انتهاكات ضد المدنيين الدروز، مشيرًا إلى احتمال أن يكون مقاتلو تنظيم الدولة قد تنكروا بزيّ حكومي، ولفت إلى أن مقاطع الفيديو على وسائل التواصل يسهل التلاعب بها، وبالتالي فهي غير موثوقة.
وقال: “القوات السورية لم تدخل المدينة. هذه الفظائع لا تُرتكب من قِبل قوات النظام، لأنهم لم يدخلوا المدينة أصلًا بعد اتفاقهم مع إسرائيل على عدم التوغل”.
«لا خليفة للشرع»؟!
وكانت الولايات المتحدة قد ساعدت في التوصل إلى وقف لإطلاق النار الأسبوع الماضي، أنهى القتال الذي اندلع في 13 يوليو بين مقاتلي القبائل البدوية وفصائل درزية.
وحذّر باراك من أن الوضع في سوريا بالغ الخطورة، إذ لا توجد خطة بديلة أو بديل سياسي قابل للحياة للنظام الإسلامي الجديد في البلاد. وقال: “لا توجد خطة باء مع هذا النظام السوري. وإذا فشل، فإن هناك من يحاول دفعه نحو الفشل. ولأي غرض؟ لا يوجد خليفة له”، وردًا على سؤال حول ما إذا كانت سوريا قد تواجه مصير ليبيا أو أفغانستان، قال: “نعم، أو ما هو أسوأ”.
وأكد أن الولايات المتحدة لم تؤيد الغارات الإسرائيلية على سوريا، مشيرًا إلى أن تلك الغارات زادت من «الارتباك» في المشهد السوري.
وتقول إسرائيل إن حكام سوريا الجدد هم متشددون خطرون، وقد تعهدت بمنع القوات الحكومية من دخول الجنوب، وبحماية الأقلية الدرزية هناك، مدفوعة بمطالب من الدروز داخل إسرائيل.
وقال باراك إن رسالته لإسرائيل هي الدخول في حوار لتهدئة مخاوفها من القادة السنّة الجدد في سوريا، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تلعب دور “الوسيط النزيه” في هذا السياق.
وأضاف أن الشرع أشار منذ بداية حكمه إلى أن إسرائيل ليست عدوه، وأنه مستعد لتطبيع العلاقات في الوقت المناسب.
وأكد أن الولايات المتحدة لا تفرض شكلًا سياسيًا معينًا على سوريا، باستثناء التأكيد على ضرورة تحقيق الاستقرار والوحدة والعدالة والشمول.
وختم بالقول: “إذا قرروا إقامة نظام فدرالي، فهذا قرارهم. والجواب الآن هو: على الجميع أن يتكيّف”.





