د . خالد عبد الكريم – الناس نيوز ::
قرار الرئيس اليمني (السابق) عبد ربه منصور هادي بتسليمه السلطة وكامل صلاحياته لمجلس رئاسي من ثمانية أشخاص يتولى إدارة الدولة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً. اعتبره البعض انتقالاً لمرحلة جديدة، مرحلة الفاعلية بشراكة حقيقية واسعة تشمل كل الأطراف السياسية.
مجلس القيادة الرئاسي جاء في عضويته شخصيات وطنية لها تأثيرها العسكري والمناطقي والقبلي، من خلفيات سياسية مختلفة. يخشى البعض أن تعرقل هذه الاختلافات الوصول إلى آلية حقيقية توصل اليمن إلى السلام المستدام.
بينما يرى آخرون أن تركيبة المجلس تستطيع أن تتحمل المسؤولية في استعادة الدولة، حيث وضعت المهمة بأيدي الجميع، وأصبحت كل الأطراف مسؤولة باعتبار أن ذلك شيء جيد.
قانونياً سيتبع مجلس القيادة الرئاسي اليمني الذي أعلن عنه البارحة مساراً يعتمد على مادة في البيان الرئاسي، تقضي بتشكيل فريق قانوني يدعم عمل مجلس القيادة الرئاسي لصياغة مسودة القواعد المنظمة لعمل المجلس، وتشكيل مجلس اقتصادي، وهيئة مصالحة وطنية. ترفع بأعضاء هذه اللجان إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي خلال 45 يوماً من تاريخ البيان ليصدر بها قانون. أخرجت هذه القرارات بطريقة ذكية للاستعاضة عن المؤسسة التشريعية الحالية.
عسكرياً تشكيل المجلس الرئاسي جاء بقادة عسكريين يمثلون كل الجبهات العسكرية التي كانت كل جبهة تعمل لوحدها في مجابهة مليشيا الحوثي. عبر المجلس الرئاسي يتحد القرار السياسي والقرار العسكري، كما أنها رسالة واضحة للحوثيين بأن يأتوا للسلام أو أنهم سيواجهون بكتلة عسكرية وقرار عسكري موحد، ولم تعد حالة التشظي التي يراهنون عليها كما كانت من قبل.
اقتصاديا هناك تعهدات بدعم كبير من قبل مجلس التعاون الخليجي للمجلس الرئاسي اليمني الجديد، كانت البداية بالإعلان أمس عن ثلاثة مليار دولار، منها 2 مليار دولار مناصفة بين السعودية والإمارات لدعم البنك المركزي اليمني، ومليار لدعم مشاريع تنموية في اليمن، و 300 مليون دولار للإيفاء بالتزامات خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2022.
البيان الرئاسي الذي تضمن تنحي الرئيس عبد ربه منصور هادي، جاء في اليوم الأخير لمشاورات يمنية – يمنية عقدت في الرياض برعاية مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وصدر عنها بيان ختامي يحمل الكثير من التفاؤل بواقع جديد في اليمن. ويشكل مفصلاً هاماً بين مرحلتين، مرحلة الحرب ومرحلة السلام.
يتساءل البعض عن الأسباب التي أوجبت مشاورات يمنية – يمنية في هذا التوقيت؟ حقيقة إن استمرار الحرب لأكثر من سبع سنوات كشف عن خلل واضح في بنية الدولة والقوات المسلحة والهيئات الإدارية والمؤسسات التي تقوم بإدارة المناطق المحررة الواقعة ضمن سيطرة الشرعية، حيث لم تتمكن من صناعة نموذج لليمنين كافة، يشجعهم على الانضمام لهذا النموذج واللحاق بركب الدولة ومؤسساتها.
فعلى الرغم من الدعم السخي الذي قدمه الأشقاء في المملكة ودول مجلس التعاون للشرعية في اليمن، إلا أن المؤسسات مازالت غائبة بشكل كبير، والدولة لا تتواجد كلياً في بعض المناطق والخلل ساد القرار السياسي والعسكري.
كان لابد من إحداث تغيير في هيكل الدولة الذي توقف عن تقديم أي حلول. من هنا أتت دعوة مجلس التعاون الخليجي لمعالجة الأمور ورسم خارطة طريق جديدة في اليمن، وكانت الدعوة لمشاورات يمنية – يمنية يشارك فيها الجميع. دعي إليها مكون الحوثي الذي أريد له أن يكون شريكاً في هذا المنعطف التاريخي وفي هذا المشهد السياسي الجديد الذي صنعه اليمنيون بأنفسهم. إلا أن الحوثيين رفضوا المشاركة في المشاورات خاسرين بذلك هذه اللحظة التاريخية التي استعاد فيها اليمنيون ثقتهم بأنفسهم وتجاوزوا خلافاتهم وانتقلوا إلى إستراتيجية بناء السلام.
عموما هناك ترحيب عربي ودولي وزخم شعبي يمني بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وبنجاح المشاورات اليمنية – اليمنية. وليس أمامنا إلا أن ننتظر وأن يكون التفاؤل عنوان المرحلة.