fbpx

الناس نيوز

جريدة إلكترونية أسترالية مستقلة

رئيس التحرير - جوني عبو

Edit Content
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Filter by Categories
آراء
أخبار
أستراليا
إدارة وتكنولوجيا
إعلان
اقتصاد
اقتصاد أستراليا
اقتصاد عالمي
اقتصاد عربي
تقارير وتحقيقات
ثقافة وفنون
حكايا
خبر رئيس
رياضة
رياضة أستراليا
رياضة عالمية
رياضة عربية
سياحة وسفر
سياسة أسترالية
سياسة عالمية
سياسة عربية
صحة
صور
عدسة
فن الناس
في الوطن الجديد
فيديو
كاريكاتير
لايف ستايل
متفرقات
مجتمع
مجتمع الناس
موضه
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Filter by Categories
آراء
أخبار
أستراليا
إدارة وتكنولوجيا
إعلان
اقتصاد
اقتصاد أستراليا
اقتصاد عالمي
اقتصاد عربي
تقارير وتحقيقات
ثقافة وفنون
حكايا
خبر رئيس
رياضة
رياضة أستراليا
رياضة عالمية
رياضة عربية
سياحة وسفر
سياسة أسترالية
سياسة عالمية
سياسة عربية
صحة
صور
عدسة
فن الناس
في الوطن الجديد
فيديو
كاريكاتير
لايف ستايل
متفرقات
مجتمع
مجتمع الناس
موضه
Edit Content
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Filter by Categories
آراء
أخبار
أستراليا
إدارة وتكنولوجيا
إعلان
اقتصاد
اقتصاد أستراليا
اقتصاد عالمي
اقتصاد عربي
تقارير وتحقيقات
ثقافة وفنون
حكايا
خبر رئيس
رياضة
رياضة أستراليا
رياضة عالمية
رياضة عربية
سياحة وسفر
سياسة أسترالية
سياسة عالمية
سياسة عربية
صحة
صور
عدسة
فن الناس
في الوطن الجديد
فيديو
كاريكاتير
لايف ستايل
متفرقات
مجتمع
مجتمع الناس
موضه

جريدة إلكترونية أسترالية مستقلة

رئيس التحرير - جوني عبو

محاولة انتحار فاشلة

سلوى زكزك – الناس نيوز ::

يرخي الجو الجليدي بظلاله على المدينة التي تتعرض لمنخفض جوي لا سابق له، مناخ تعرضت له المدينة منذ خمسة وثلاثين عاماً مضت، لكن الحال كان مختلفاً جدًا حينها، كان المنخفض القطبي هو البلاء شبه الوحيد للبلاد حينها.

لكن الأحوال تغيرت بشدة، فقد ترافقت درجات الحرارة المنخفضة جداً والتي وصلت ما دون الصفر بدرجات، مع فقدان تام للمحروقات في ظل وضع اقتصادي بالغ الهشاشة، عزز حالة الضعف العام في كل تفاصيل الحياة وخاصة القدرة على مواجهة البرد القارس، بالتدفئة أو بمناعة الأجساد على المقاومة وتحمل كل هذا الصقيع القاتل.

مكب النفايات

أما المشردون والمتسولون ونابشو القمامة فقد تجمدت أياديهم وأجسادهم، للمرة الأولى أراهم يعتمرون قبعة أو قبعتين وربما شالاً صوفياً أو أكثر على رؤوسهم، خاصة أنهم يباشرون أعمالهم في ساعات الفجر الأولى للفوز بأكبر كميات ممكنة من أرزاقهم الكامنة في حاويات القمامة، وخاصة قبل موعد وصول شاحنات جمع القمامة الحكومية في عمل استباقي للاستحواذ قبلها على كل ما يمكن جمعه وبيعه.

إنها السابعة صباحاً، يقف على حافة حاوية القمامة، شال صوفي أسود ملفوف بصورة دائرية على رأسه، يحك جبهته بشدة، يرتدي سروالاً أسود حائل اللون، رقيقاً وطويلاً حتى أن جزأه السفلي دخل في حذائه، سترته سميكة، لكنها ضيقة وجيوبها ممزقة، بقبضته طرق مرات متعددة وشتم حظه وقال: فارغة.

على الرصيف المقابل حاوية مماثلة، انتقل إليها بتثاقل ويأس مطبقين، واجهه فراغها وخلوها من القمامة، أعاد الطرق على حافتها لكنه شتم زوجته شتيمة مهينة، جلس على حافة الرصيف، سحب جواله القديم والصغير

مكب النفايات

 واتصل بزوجته، بادرها بالشتائم اللاذعة والاتهامات المهينة فورا، وقال لها: أنا عائد إلى البيت لأنام! عليك اليوم تدبير الطعام لأولادك.

ألقيت عليه تحية الصباح، رد: وعليكم السلام، رمى رجل عابر بسيجارة شبه كاملة ومازالت مشتعلة، تلقفها بنهم ووضعها في فمه، يبدو أن دفء السيجارة ورائحة التبغ حسنت مزاجه العكر، قال: السيدة حرمتي لم توقظني قبل السادسة، كل الحاويات فارغة، ماذا سنأكل اليوم؟

طفلان نحيلان من جامعي القمامة أيضاً عبرا أمامنا، وهما يجران كيسين ثقلين ممتلئين بالبلاستيك والكرتون، سألهما عن المصدر، أشارا إلى مكان قريب، وأردفا: مليانة لعند الله!

مشى صوب الحاوية الكنز وكأنه يركض، اكتشفت حينها عرجاً في قدميه، وصل قبلي، كان مندهشاً وسعيداً لدرجة لا توصف، تمتم وبربر وشكر ربه الذي لا يقطع رزقه عن محتاجيه، وعندما هم بالنزول بالحاوية وقعت السيجارة في الحاوية، كمن يركض خوفاً من ظله دفع نفسه في الحاوية ليلتقط السيجارة، لم يجدها، غضب، زمجر وانهال بالشتائم من جديد على زوجته وعلى حظه المنحوس، وقدره الظالم بالفقر أولا وبزوجة غبية حسب وصفه لا تتذكر واجباتها نحو زوجها وأولادها، واجب يبدأ من إيقاظهم ودفعهم نحو رحلة شاقة لجمع القمامة، ولا ينتهي عند تحملها لسماع كل هذا الكم من الشتائم بتقبل تام وبصمت مطبق.

استسلم للخير الوفير في الحاوية، بسرعة تجاوز محنة ضياع السيجارة وبدأ يجمع الكرتون، لكنه فطن حينها إلى أنه قد نسي كيسه عند أول حاوية فارغة، صرخ يائساً، شاكياً، منكسراً وفاقداً لأي أمل: يا رب! صرخة وصلت أبواب السماء السابعة، لكنها لم تقلق أحداً، صرخة يبدو أن أحداً سواي لم يسمعها، وفي حركة حاسمة وسريعة ومرعبة دفن رأسه في القمامة حتى اختفى وبدا جسده بلا رأس، وكل ما تبقى منه كتفان ضئيلان وظهر منحن وساقان مطويتان ومائلتان وهامدتان.

مكب النفايات

 فجأة وعيت إلى أنه قد قرر الانتحار! انتابني الهلع وبدأت بالصراخ، حاولت مراراً وتكراراً ثنيه عن قرار الانتحار الذي ظننته قد تحقق، لكنه عبثاً لم يستجب لصراخي ورجائي، أعدت الرجاء مرات ومرات وأنا أردد عبارة ستموت عشرات المرات، وهو لا يرد أبدا، حتى اعتقدت وربما تأكدت بأنه قد مات وبات مدفوناً في القمامة، جسده ثابت لا يتحرك ورأسه مطمور عميقاً في طبقات القمامة، للحظة قررت الانسحاب، فلم أعد أحتمل كل تلك المخاوف القلقة، لم يكن بوسعي البقاء شاهدة على انتحار أحدهم في أعماق القمامة الوفيرة، والتي تشكل مصدر عيشه.

فجأة وكغطاس خبير أظهر رأسه عالياً وبين شفتيه برزت السيجارة، لكنها كانت مطفأة، الله يسامحك قلت له، فضحك وقال: نحن المشحرين حتى لو قررنا الانتحار فلن يستجيب رب العالمين لرغباتنا، من سيتحمل شقاء العالم غيرنا؟ خرج من الحاوية وبدأ بتجميع الكرتون على زاوية الرصيف، وكلما مر رجل أو سيدة كان يسأل عن قداحة لإشعال السيجارة التي قبض عليها بأسنانه كي لا تسقط من جديد.

تركته ومشيت، شتمته في سري، وشتمت القمامة والحاويات، وشاحنات جمع القمامة والهيستريا المحمومة على من يسبق من ليفوز بقمامة المدينة وأهلها، شتمت ساعات الصباح، ومواعيد الاستيقاظ والسجائر والولاعات وأكياس جمع القمامة والزوجات الصامتات عن شتائم الأزواج وقلة الحيلة والفقر والبؤس، وفضولي الغبي الذي دفعني لألحق برجل يائس لأكون شاهدة على واقعة انتحاره في مقتبل النهار وفي أعماق مصدر رزقه.

مشاعري الحانقة وأعصابي المنهارة أعتمت ضوء النهار في عيني، وغمرتني برودة الطقس برعشات متناوبة ما بين الخوف والصقيع والغضب والامتلاء بالعبث، لكن الرجل صاحب محاولة الانتحار الفاشلة لم يفارقني، ظننته يتبعني حين رأيته يقطع الشارع نحو سيارة وجد مع سائقها ضالته، أشعل السيجارة، وعاد لجمع الكرتون من الحاوية، وسؤال بماذا سينقل كل هذا الكرتون مؤجل حتى انطفاء السيجارة أو حتى اتخاذه قراراً بمحاولة انتحار جديدة، قد لا تكون فاشلة، والأهم حينها هو ألا أكون شاهدة عليها في المكان والزمان، سأروض فضولي وألجمه، سأهرب وأصمت، فالصمت في حضرة الانتحار فضيلة، والهروب من الحياة التي تدور رحاها كمعركة خاسرة حتماً بطولة.

سلوى زكزك

دمشق

19 آذار2022

المنشورات ذات الصلة