ميديا – الناس نيوز ::
عمون – د . عمر الرداد – يطرح التصعيد الذي تشهده العاصمة عمان من مظاهرات في محيط السفارة الإسرائيلية بغطاءات التضامن مع ما يجري في قطاع غزة على خلفية الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس، جملة من التساؤلات حول توقيت التصعيد وأهدافه والجهات التي تقف وراءه، وتقاطع أدوار اليمين الإسرائيلي المتطرف، مع أدوار تمارس وتطرح من قبل أوساط في الأردن، فقد أصبح ثابتا ان التصعيد الجديد مدروس وبدقة ويأتي ترجمة لخطة تم نسج خيوطها في طهران هدفها جعل عمان العاصمة العربية الخامسة تحت سيطرة ايران ،بعد بغداد ودمشق بالإضافة لصنعاء وبيروت ، وبصورة تتجاوز “الثلث المعطل”.
توقيت التصعيد غير معزول عن متغيرات نوعية تشهدها تطورات الحرب بين إسرائيل وحماس،حيث اصبح واضحا معها ازدياد القتل الوحشي الذي تمارسه إسرائيل والإبادات الجماعية، مع خسارات متتالية لحركة حماس بفقدانها مزيدا من السيطرة وتراجع قوتها بعد استشهاد الكثير من قياداتها العسكرية والأمنية، وقناعات حماس بان أولى نتائج طوفان الأقصى بعد “تدمير غزة” سلطة جديدة في القطاع لن تكون حماس لا منفردة ولا شريكة فيها، غير ان الأهم ان توقيت التصعيد تم إقراره في طهران خلال زيارة رئيس حماس” إسماعيل هنية” لطهران، طهران التي اعلن موقفها من الحرب زعيم حزب الله “حسن نصر الله” في خطابه المنتظر بعد انطلاق الطوفان أواخر أكتوبر الماضي، ان ايران لن تستفيد من أي انتصار لحماس، وان النجاح” كما الهزيمة” ستكون للإخوان المسلمين.
التصعيد المفتعل من قبل جماهير “اردنية” في عمان، لا شك ان غالبيتها تحركها عواطفها ومشاهد القتل والدمار في غزة، ،إضافة لكونه يتعارض مع المواقف الرسمية الداعمة لأهالي قطاع غزة، رغم الضغوط التي مورست وتمارس على الأردن، ليس معزولا عن الحشد الشعبي العراقي” الحرس الثوري العراقي” الذي يرابط على الحدود الأردنية العراقية، في الوقت الذي يمكنه الوصول بسهولة للجولان وجنوب لبنان عبر سوريا، ولا هو معزول عن الطائرات الايرانية المسيرة “العمياء” التي تحاول اختراق الحدود الأردنية في الشمال، ولا هي معزولة عن شبكة منظمة من منصات الكترونية في لندن وامريكا، جعلت الأردن موضع شكوك في كل ما يقدمه لغزة، حتى لو ارسل جيشه ودباباته الى غزة، ما فتئت تطالبه بالانفتاح على حماس والتحالف معها!
التصعيد الجديد ودور طهران يجيب على تساؤلاته عميقة حول أسباب تحريض الأردنيين وجعل الأردن عنوانا مشتركا في خطابات قادة حماس من الدوحة وبيروت ومن قطاع غزة، في الوقت الذي فتحت فيه السلطات الأردنية كل الأبواب للتعبير عن التضامن مع غزة، بالتزامن مع خطاب رسمي يصفه قادة المظاهرات اليوم بانه “غير مسبوق” بإلغاء الاتفاقيات مع إسرائيل وتعليق معاهدة السلام،وفي مفارقة تحاول التغطية على “غدر ايران بحماس” تطرح مقاربات يلوكها مؤيدون لإيران، وكأن الأردن مليشيا وليس دولة، وكان الأردن شارك في الاجتماع التحضيري لطوفان الأقصى، في بيروت وأخل بالتزامه وتعهداته للمقاومة.
لا يستطيع المتابع الموضوعي لتطورات الإقليم الا ان يتساءل عن طروحات سموريتش وبن غفير تجاه الأردن وما يجري، فهل مشكلة حماس وتعارضها الديني والوطني مع الأردن ام مع إسرائيل، وهل سيخدم هذا التصعيد حماس ويخفف عن كاهل المواطنين الفلسطينيين في غزة وفي الضفة من هول المأساة؟ وهل تختلف مقاربة حماس ومن خلفها ايران في “تصدير الفشل للخارج” عن مقاربات نتنياهو واليمين الإسرائيلي، الذي يتحرش بلبنان وسوريا، بحثا عن انتصار هنا وهناك؟ وهل سيقول المتطرفون معا بعد حرب حماس فشلنا في فلسطين ونجحنا في دول الطوق؟
باسم غزة وعلى جراحات اطفالها وأشلاء نسائها ينسج الاخوان المسلمون اليوم حلفا مع ايران، لا تخسر فيه إيران قطرة دم بعد ان اعلنت موقفها من الطوفان أنها سترد على أي اعتداء فقط داخل حدودها الجغرافية، لا بل أفرجت أمريكا عن عشرات المليارات من الدولارات المحجوزة بالعقوبات لطهران، ومن هنا هل كان “صدفة” مصادفة ان يسمي الاخوان المسلمون تصعيدهم الجديد في الأردن ب” طوفان الأردن”، وماذا يستهدف هذا الطوفان، هل هو ضد الاحتلال ام ضد الأردن؟
د . عمر الرداد خبير أمن استراتيجي / مدير عام الطريق الثالث للاستشارات الاستراتيجية .