أكَادير – غزلان أمجود – الناس نيوز :
من تحت الأنقاض قامت، قاومت الدمار، وحولت الخراب إلى عمار، تجذب إليها الزوار والعاشقين، أغرت أصحاب الأعمال والمستثمرين، شكلت وما تزال، ضالة الباحثين عن الشمس والبحر، ومشاهد الطبيعة التي تسر الناظرين. إنها أكادير، عاصمة جهة سوس المغربية “الأمازيغية”، قبلة السياح وهواة رياضة الشواطئ من كل أقاصي العالم.
جريدة ” الناس نيوز ” الأسترالية الإلكترونية تصطحبكم في جولة جميلة للتعًرف على واحدة من أجمل المدن السياحية .
تقع هذه المدينة الجميلة التي تلقب بجوهرة الجنوب، في الوسط الغربي للمملكة المغربية، إذ تطل على ساحل المحيط الأطلسي، ضمن امتداد جغرافي لسلسلة جبال الأطلس الكبير.يحدها إقليم تزنيت جنوبا، ومدينة الصويرة شمالا، وإقليم تارودانت، شرقا والمحيط الأطلسي غربا.و تتكئ أكادير في اقتصادها المحلي على ثلاثة قطاعات أساسية، هي السياحة ، وزراعة الحمضيات ، والصيد البحري.
خلجان على مد البصر .
ذاع صيت أكادير بشواطئها التي اختير عدد منها ضمن أجمل خلجان العالم، وطقسها الصحو والمشمس على مدار السنة.على خليج أكادير، ضفاف مسترسلة وشواطئ مستقيمة متتالية على المحيط، على نحو أكثر من 40 كيلومترا إلى خارج المدينة.
ولعل أشهرها الشاطىء المعروف باسم تغازوت، هذه المحطة الشاطئية التي تتصدر تصنيف نظيراتها من حيث النظافة والهدوء ، تمتد على مساحة عشرة كيلومترات، تجذب إليها مئات الآلاف من عشاق السباحة ، وتعتبر قبلة مفضلة لدى هواة ومحترفي الرياضات البحرية، خاصة ركوب الأمواج، ومن بينهم أبطال عالميون وأسماء معروفة .
وقد صنف شاطئ تغازوت، الأول على صعيد أفريقيا، والثالث على مستوى العالم لممارسة رياضة “السورف”.وحسب مهنيي قطاع السياحة بالمنطقة، فإن رياضة ركوب الأمواج في تغازوت، تعتبر من الموارد الأساسية للاقتصاد المحلي، حيث تسهم بشكل كبير في تحريك عجلة التنمية بالمنطقة، لاسيما وأن أعداد زوارها في ارتفاع مستمر، نتيجة توفر بنيات تحتية فيها على قدر عال من الجودة.
كما نجد شاطئ قرية تفنيت، المعروفة بقرية صيادي السمك، أنشئت منذ بضعة قرون، على الخليج الأطلسي، على بعد 30 كيلومترا جنوب أكادير في نصف الطريق بين مجرى وادي السوس ومجرى وادي ماسة. وتتمتع تفنيت بشاطئ جميل وطبيعي يبلغ طوله 4 كيلومترات، تحيط به هضاب ضخمة في مشهد طبيعي أخاذ.
على الطريق المؤدية من أكادير إلى مدينة تيزنيت، التي تمر عبر أراض تتيح إمكانية مشاهدة المناطق الصحراوية وخاصة الأشجار التي تختص بها المنطقة: الأركان؛ يتراءى شاطئ ميرلفت، ذو الرمال البيضاء والخلجان الواقعة بين الربوة والمحيط، والهضبات الرملية التي هندستها رياح الصحراء . لذعة الشمس و التطام أمواج المحيط و امتداد الرمل اللامتناهي، تجعل السائح المتلهف على الملذات الاصطيافية يندهش من عظمة المكان.حتى أن بعض المتزلجين المحترفين لا يترددون في المقارنة بين ميرلفت و طريفا في جنوب إسبانيا.
“ألهاو”..ملتقى العشاق.
لا يفوت ضيوف مدينة أكادير، أن يعرجوا على حديقة أولهاو، المعروفة أيضا باسم حديقة العشاق، إذ تعتبر من الحدائق الرومانسية التي تستقطب الزوار من كافة الأعمار؛ وتمتد على مساحة كبيرة، على مقربة من متحف أقيم بهدف إحياء ذكرى زلزال أكادير. غير بعيد عن ألهاو، ترى وادي الطيور، وهو حديقة عمومية تحوي مجموعة كبيرة ومتنوعة من الطيور، إضافة إلى بعض الحيوانات الأخرى، والدخول إليها مجاني في وجه العموم.
قصبة أكادير.. بقايا تاريخ .
تعتبر أكادير “أوفلا”، ويقصد بها أكادير العليا، من المآثر التاريخية القليلة التي بقيت بعد الزلزال المدمر الذي شهدته المدينة.تتربع هذه القصبة فوق قمة جبلية مطلة على مدينة أكادير وساحلها، كمعلم شاهد على أمجاد الدولة السعدية أثناء مقاومتها للبرتغاليين، الذين كانوا يجوبون السواحل السوسية أواخر العهد الوطاسي وأوائل العهد السعدي.
وتتيح القصبة لزائريها رؤية شاملة لعاصمة سوس، حيث يبدو من خلالها خليج أكادير بتموجاته وسفنه التي تخترق عباب مياهه، وتتراءى امتدادات الضواحي وتداخلاتها، وشبكات الطرق وتقاطعاتها، وغيرها من المشاهد الجميلة والمناظر التي يزداد سحرها حين يسطع نورها ليلا.
لئن حكمت الأقدار.. سويت أكادير بالأرض حين ضربها عام 1960، زلزال اعتبر الأشد فتكا وتدميرا في التاريخ المغربي والعربي الحديث، حيث بلغ 5.7 درجة على مقياس ريختر.
خلفت الفاجعة مقتل 15 ألف شخص (حوالي ثلث سكان المدينة في ذلك الوقت) وجرح 12 ألف آخرين. وتركت ما لا يقل عن 35000 شخصا بلا مأوى، وخسائر قدرت بمئات ملايين الدولارات . وتعددت جنسيات الضحايا بين المغربية و الفرنسية والبرتغالية، والروسية، والهولندية.مزيج يكرس أن المدينة، وفضلا عن جذبها للسياح، فقد استوطنها الأجانب، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، والذين اشتغلوا في مرفأ أكادير آنذاك.
بعد ذلك الزلزال، نطق العاهل المغربي وقتها الملك محمد الخامس، خلال زيارته للمدينة المنكوبة، مقولته الشهيرة: “لئن حكمت الأقدار بخراب أكادير، فإن بناءها موكول إلى إرادتنا وعزيمتنا” وهو فعليا ما تحقق بعدها، حيث أعيد بناء أكادير الجديدة على بعد كيلومترين اثنين من موقعها القديم ، ونقشت هذه العبارة على حائط وسط المدينة، وتحول إلى معلم من معالمها، و أحد أكثر الأماكن رمزية بأكادير.
إشعاع دولي..قديما وحديثا.
تتفق جل المصادر التاريخية على أن اسم مدينة أكادير في اللغة الأمازيغية، (اللغة المحلية) له أصول فينيقية، ومعناه المخزن الجماعي أو الحصن.ويعود ذلك لاستقرار الفينيقيين والقرطاجيين في مدينة أكادير بهدف الاستفادة من موقعها الاستراتيجي قرب البحر.
كما يحكي المؤرخون، أن شهرة أكادير العالمية، بدأت منذ عاش فيها نبيل برتغالي في عام 1505م، واستخدم المدينة كمركز للتجارة والصيد. تخلى النبيل البرتغالي عن أملاكه في مدينة أكادير في عام 1513م، ومنحها لملك البرتغال الذي حرص على زيادة مساحة مينائها، وأسس فيها حامية عسكرية.فشهدت المدينة تطورات اقتصادية حولتها إلى مركز تجاري بالغ الأهمية، في عمليات التبادل التجاري، قبل أن تعود سنة 1541م مجددا إلى سلطة المغرب، إبان عصر حكم السلالة السعدية.
لسنوات عديدة، صنفت أكادير العاصمة السياحية للمملكة المغربية، بالنظر إلى استقطابها أكبر عدد على الإطلاق من السياح القادمين إلى المغرب، قبل أن تنتزع منها مراكش هذه الصدارة. وحتى العام الماضي ، ظلت أكادير تستقبل نحو مليوني سائح كل عام، قبل أن تعيش على وقع الركود، بعدما توقف جريان الدم في العصب الحيوي المحرك لدورتها الاقتصادية، وهو السياحة، جراء تفشي جائحة كورونا.