حسان الجمالي*
المسلم هو إنسان وأعتقد أن الناس العاديين في جميع البلدان ينظرون إليه ويتعاملون معه كإنسان, ولكن ما الذي حدث في البلدان الغربية؟
عشت في أوروبا وكندا 50 عاما, كنت اعرف نفسي بأنني سوري, أو عربي (نادرا، إلا في الفترة التي جعلنا البعث نخجل من انتمائنا إلى كيان مصطنع!). لم يكن الدين موضوع نقاش أو اهتمام, كانت الصداقات بيننا وبين الغربيين تبنى على أساس الود والتفاهم والاهتمامات المشتركة.
أربع سنوات قضيتها في فرنسا لم يكن الدين محور أي نقاش بيني وبين أصدقائي, كذلك كان الوضع في كندا خلال 20 عاما, احتفالاتنا ونشاطاتنا كانت فنية وثقافية نُعرف فيها أصدقاءنا عن العالم العربي من خلال الفنون والآداب، أي كل ما يجعل من حياتنا غنية وجميلة وعالمية. حتى المتدينين كانوا يقدمون الخمر لضيوفهم وأصدقائهم. كنا حين نتحدث عن القضية الفلسطينية، نطالب بدولة ديمقراطية علمانية في فلسطين. نعم علمانية!
ثم جاءت فترة الفورة الدينية الإسلامية وثورة الخميني ونظام الملالي. ثم اغتنت السعودية وأصبح لديها فائض من الدخل تكرسه لنشر الوهابية في العالم بينما كانت مصدر تندر لدى المسلمين. واكتشفت أميركا الإسلام وأن بالإمكان استخدامه كسلاح ضد الشيوعية والاتحاد السوفياتي. في الغرب بدا انتشار الحجاب واللحى واللباس “الإسلامي” وكذلك المساجد وحتى إقامة صلاة الجمعة في الشوارع.
لم تعد المرأة من بلدان عربية تعرف كونها مغربية جزائرية أو سورية وإنما أصبحت بحجابها مسلمة, ومع الوقت انقرضت الجمعيات ذات الأسماء التي تدل على بلد المنشأ لتحل مكانها الجمعيات الإسلامية, حتى القديمة التي حافظت على اسمها سيطر عليها الإسلاميون, مثلا تحتفل إحداها كل سنة بعيد ميلادها وذلك بإفطار في شهر رمضان.
أصبح الإسلاميون هم الذين يمثلون جاليات الدول الإسلامية وهم الذين يدعون من وسائل الإعلام لمناقشة القضايا العربية والإسلامية, وأصبحوا المتحدثون باسم المسلمين والمسلمات الذين يتعرضون للتمييز والاضطهاد, وأصبح ظهور المحجبات طاغيا في كل مكان.
بعد فتوى الخميني بقتل رشدي وعمليات التفجيرات والقتل في أوروبا وأمريكا والحرب الأهلية في الجزائر ووصول الإسلاميين إلى السلطة في غزة ثم ظهور داعش وغيرها, وتزامن ذلك مع مظاهر التدين الإسلامي في الغرب واستخدام النساء لإبراز الوجود الإسلامي فيه، أصبح مهاجرو البلدان العربية يحملون دمغة المسلم بما فيها من سلبيات تتفاقم مع كل عملية إرهابية ومع كل ما نسمع من أخبار عن التطرف الديني الذي تغذية الديكتاتوريات العسكرية المدعوة “بالعلمانية”.
مع ذلك ما زال الناس في الغرب يتعاملون مع مواطنيهم المسلمين تعامل المواطن مع المواطن ونادرا ما يتعرض المسلم أو المسلمة لاعتداءات أو للتمييز العنصري.
هل علينا أن نقبل هيمنة الإسلاميين على الجاليات المسلمة وتمثيلها لهم وجعل الغربيين يعتقدون أن الإسلام بطبيعته معادٍ للديمقراطية والعلمانية؟
——————————————————–
*حسان الجمالي – كاتب سوري مقيم في كندا ( من صفحته على فيسبوك)

