عمر أبو نبوت – الناس نيوز :
في القرن السادس عشر كانت فرنسا دولة ملكية مستبدة، وذاق الفرنسيون منها الفقر والجهل والاعتقالات والقتل. وفي نفس القرن، انجبت فرنسا، إيتيان دو لا بويسي، الكاتب والقاضي الشهير بكتابه “مقالة في العبودية الطوعية”، والذي دعا به الشعب الفرنسي على التمرد والعصيان وعدم إطاعة القرارات الملكية للحصول على الحرية، والدفاع عنها حتى يموت استبداد المملكة. فبحسب دولا بويسي “لا يكفي أن نولد وحريتنا معنا، بل يجب علينا أيضاً أن نحميها”.
وهذا هو حال سكان حوران اليوم، وكأنهم يعرفون نصائح دو لا بويسي، في معركتهم للحفاظ على حريتهم والنيل من استبداد النظام السوري. حيث تشهد حوران معركة جديدة من معاركها الكثيرة ضد استبداد بشار الأسد، وذلك لرفضها إطاعته خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي أعلنتها باطلة وغير شرعية ونظمت المظاهرات الرافضة لها وأعلنت العصيان العام في حوران لمنع الناخبين من التصويت له.
ولم يحتمل المستبد التمرد والعصيان وعاد إلى حوران، مهد الثورة السورية، بجيشه وميليشياته ليحكم سيطرته عليها. حيث طلب النظام من فصائل المعارضة قائمة مطالب، على رأسها تسليم عدد من الأسلحة، ورفضوا إطاعته.
وعلى ذلك، بدأ النظام عملية عسكرية في يوم 24 يونيو/حزيران 2021 حاصر فيها منطقة درعا البلد وحي طريق السد ومخيم درعا. وذلك بالرغم من توقيع فصائل المعارضة اتفاقية تسوية مع النظام في عام 2018، برعاية وضمانة روسية، تقضي بعدم دخول النظام إلى مناطقهم وتسمح بتواجد مقاتلي المعارضة فيها.
وكعادته، ضرب النظام باتفاقية التسوية عرض الحائط وشدد الحصار، وبدء القصف والتصعيد العسكري في أواخر يوليو/تموز الماضي. حيث شنت قوات النظام مدعومة بقوات تابعة لإيران هجوماً لاجتياح أحياء درعا البلد وحي طريق السد ومخيم درعا.
كما بدأت جولات مفاوضات جديدة بين المعارضة والنظام للبحث عن اتفاق جديد، ولكن تعثرت المفاوضات مجدداً بسبب استمرار النظام في استخدام أساليب التهديد والعنف لكي يسلب الحرية من أهالي حوران. ونقل تجمع أحرار حوران، عبر صفحته في “فيسبوك”، أن المفاوضات تعثرت مجدداً بين المعارضة والنظام، لاسيما بعد تهديد وزير دفاع النظام باقتحام المنطقة، والإصرار على شروط تسليم كامل السلاح، مع إجراء عمليات تفتيش ونشر قوات عسكرية داخل الأحياء المحاصرة بمدينة درعا.
إلى الآن وبالرغم من محاولاته الكثيرة والمريرة، لم ينجح استبداد النظام من اجتياح أحياء درعا، كما لم ينجح من تحطيم إرادة شعبها بالحرية والكرامة. فرأي أهل حوران كان منذ أن بدؤوا ثورتهم عام 2011 إلى اليوم هو: “الحرية وعدم العبودية”.