بغداد – الناس نيوز :
من شارلوت برونو وأحمد رشيد – حلبجة – رويترز – قال نبيل موسى وهو يشير إلى مجرى نهر جفت مياهه “كان يوجد نهر حيث نقف الآن”.
والسبب في رأي موسى، الناشط في مجال حماية البيئة، في انحسار مياه نهر سيروان، الذي كان هادرا ذات يوم متحولا إلى مجرى صغير هادئ، يكمن وراء الحدود مع إيران التي يقول إنها تتحكم في مياه النهر كلها.
ومع نقص الأمطار هذا العام، يعاني العراق من انخفاض شديد في إمدادات المياه ويقول مسؤولون يحاولون إنعاش أنهار مثل سيروان إن ضعف التدفقات من بلدي المنبع إيران وتركيا يفاقم مشكلات محلية مثل التسريبات وقدم خطوط الأنابيب والسحب غير القانوني من التدفقات.
وتبني إيران وتركيا سدودا كبيرة لحل مشكلات نقص المياه لديهما كما أن التعاون الإقليمي بشأن هذا الأمر متفاوت.
وقال المسؤولون العراقيون إن سد داريان عبر الحدود في إيران يحول مسار أجزاء من نهر سيروان إلى داخل الأراضي الإيرانية مرة أخرى عن طريق نفق طوله 48 كيلومترا.
ورفض مسؤولون إيرانيون اتصلت بهم رويترز التعليق على ذلك. وقالت إيران إن السد ما زال في طور الإنشاء.
ويقول سكان قرى عراقية إنهم يشعرون بتأثير نقص تدفقات المياه من إيران منذ عامين ويشكون من أن هذا النقص كان له أثر قاس على المجتمعات المقيمة عند المصب خاصة في سنوات الجفاف التي يتزايد تواترها.
وقال صياد السمك أحمد محمود لرويترز من قرية إمام زامني حيث يجف النهر وحيث غادر أغلب سكان القرية وهم 70 أسرة وأُغلقت المدرسة الابتدائية “توقفت عن الصيد منذ عامين … إذا استمر الحال هكذا سنضطر للمغادرة نحن أيضا”.
وينبع نهر سيروان من إيران ويمر على امتداد حدودها مع العراق قبل أن يتدفق داخل منطقة كردستان العراقية المتمتعة بحكم شبه ذاتي ثم ينحرف جنوبا ليلتقي بنهر دجلة. وأصبح النهر الذي كان ممتلئا ذات يوم مرقطا بأعمدة قياس تظهر المناسيب التي كانت تصل إليها مياهه من قبل.
وعندما اجتاحت موجة حارة المنطقة التي تعاني الجفاف في يوليو تموز، قال العراق إن الوضع في محافظة ديالى حيث مصب النهر سيزداد سوءا إذا لم يتم التوصل لاتفاق مع إيران، التي تنبع منها كذلك نحو 18 بالمئة من مياه نهر دجلة، حول سبل اقتسام “الضرر” من نقص تدفقات المياه.
وفي محاولة للتكيف، قلصت بغداد مساحات الزراعة الصيفية في ديالى في مناطق الري ومناطق الزراعة المعتمدة على الأمطار على حد سواء إلى 30 بالمئة من مساحتها العام الماضي وحفرت الآبار لدعم المزارعين المتضررين.
وأشار مسؤول بارز بوزارة الخارجية الإيرانية، لدى سؤاله عن المزاعم العراقية بأن إيران تحجم عن بحث أزمة المياه، إلى أن الجفاف في إيران “تسبب في انقطاعات للكهرباء واحتجاجات”. وأضاف لرويترز أنه في ظل تشكيل حكومة جديدة في إيران في الآونة الأخيرة، فإن تحديد مواعيد لعقد اجتماعات لبحث الأمر سيستغرق وقتا.
وتابع “لكن يتعين علي التأكيد على أنه بسبب أزمة المياه ستكون تلبية احتياجاتنا المحلية على رأس أولوياتنا تليها احتياجات جيراننا”.
وتتشكل أزمة المياه في العراق منذ نحو 20 عاما. فقد جعلت البنية الأساسية المتقادمة والسياسات قصيرة الأجل بغداد عرضة لتداعيات التغير المناخي ونقص الدفقات من إيران وتركيا، مصدر نحو 70 بالمئة من مياه نهري دجلة والفرات.
وقال عون ذياب المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية لرويترز إنه اعتبارا من يونيو حزيران انخفضت التدفقات من إيران وتركيا إلى النصف.
ولم ترد وزارة الخارجية التركية على الفور على طلب التعليق.
ويقول مسؤولون عراقيون إن المفاوضات مع تركيا بشأن كم المياه الذي ستسمح بوصوله للعراق صعبة، لكنها على الأقل جارية. في المقابل، لا يجري العراق أي محادثات بشأن المياه مع إيران التي تعاقدت في الثلاثين عاما الماضية على بناء 600 سد على الأقل في البلاد.
وقال موسى الناشط في مجال حماية البيئة إن إيران أحيانا تتيح تدفق المياه للعراق “لكننا لا نعرف مسبقا متى يأتي التدفق أو حجمه”.
وسعى مسؤولو المياه في العراق في يونيو حزيران دون طائل لعقد اجتماع مع طهران لبحث نقص المياه وطلب معلومات عن إستراتيجية إدارة الموارد المائية في إيران.
وقال ذياب لرويترز “نحصل على المعلومات من صور الأقمار الصناعية عن أوضاع السدود وأحجام المخزونات سواء في تركيا أو في إيران، لكننا نفضل الحصول عليها عبر القنوات الدبلوماسية”.
وفي قمة في بغداد يوم 28 أغسطس آب، بحثت دول من الشرق الأوسط منها إيران التعاون الإقليمي لكن لم تصل مسألة سياسات المياه إلى جدول أعمال القمة.
وقال دبلوماسي عراقي طلب عدم الكشف عن هويته إذ ليس مسموحا له بالحديث للإعلام “تجنبنا القضايا الخلافية … مثل قضية المياه”.