وائل السوّاح – الناس نيوز
تقوم الديمقراطية المثبّتة على حزمتين من الحقوق: سياسية ومدنية:
الحقوق السياسية
يكون رأس الدولة وكافة السلطات القومية والمحلية الأخرى والهيئات التشريعية منتخبة من خلال انتخابات حرّة ونزيهة. فلا يجوز أن يتمتع أي مسؤول بمسؤوليته وسلطته ما لم يكن مفوضا من قبل ناخبيه. وفي ذلك يتساوى رئيس الدولة مع حكام المحافظات والمقاطعات ورؤساء بلديات المدن والبلدات الصغيرة.
يمتلك الناس الحق في تنظيم أنفسهم في أحزاب سياسية ومنظمات مدنية، ويسمح النظام السياسي بنشوء أحزاب جديدة وسقوط أحزاب قديمة. وينبغي على القانون الناظم لعمل الأحزاب أن يكون مرنا وأن يفسح في المجال أمام جميع الفئات المجتمعية إمكانية تشكيل أحزاب سياسية تعبّر عن رؤاهم وتطلّعاتهم السياسية. ولا يجوز فرض شروط تعجيزية على المواطنين الراغبين في تشكيل أحزاب سياسية. وينطبق الشيء نفسه على حقّ المواطنين في تشكيل منظمات مدنية ومجموعات ضغط. ومن واجب الدولة أن تقدّم مساعدات مادية لكافة الأحزاب والجمعيات تتناسب مع حجمها وتأثيرها ومدى تمثيلها في البرلمانات والمجالس التشريعية الأخرى.
ومن الحقوق السياسية أن يكون هنالك معارضة حقيقية وليست شكلية، ويكون ثمة إمكانية دائما للمعارضة أن تتحول إلى السلطة في انتخابات قادمة. بعض الحكومات تخترع معارضة شكلية لا تشكّل خطرا عليها ولا تنافسها منافسة حقيقية في الوصول إلى الحكم، كما كان الحال في مصر أيام الرئيس أنور السادات أو حسني مبارك، حيث تكتفي المعارضة بتوجيه النقد للسلطة، ما يضفي على السلطة طابعا ديمقراطيا دون أن يكون لهذا الشكل محتوى ديمقراطي حقيقي.
ويكون المواطنون أحرارا في التصويت من دون أي ضغط عسكري أو أمني، فلا تتدخل الأجهزة الأمنية في الانتخابات وعملية التصويت، كما يتمّ في سوريا تحت حكم الرئيس الأسد، حيث تتدخل أجهزة الأمن في تهديد الناخبين وإجبارهم على التصويت لصالح مرشح بعينه أو قائمة مرشحين محدّدة. وكذلك لا يجوز إجبار المواطنين على التصويت بالتهديد بلقمة عيشهم أو بممارسة تأثير رؤسائهم في الوظيفة أو ارباب العمل عليهم ليصوتوا لصالح مرشحين بعينهم.
ويتمتع جميع المواطنين بالتساوي في الحقوق السياسية مهما كانت انتماءاتهم الدينية والقومية أو الثقافية، وسواء أكانوا رجالا أم نساء، فلا يمكن التفريق في مجتم ديمقراطي بين أعضاء في المجتمع لسبب انتمائهم إلى دين الأغلبية والأقلية، أو بسبب انتمائهم القومي، أو عرقهم أو نوعهم. ولا يجوز حصر دين رئيس الدولة بين أتباع ديانة بعينها، حتى ولو كانت تشكل أغلبية سكان البلد الديمقراطي.
تكون الحكومة شفّافة ومنفتحة وخالية من الفساد ومسؤولة أمام الهيئة التشريعية، فلا تتولّى الحكومة السلطة قبل منحها الثقة من مجلس النوّاب، على عكس الحال في سوريا مثلا، حيث لا تحتاج الحكومة التي يشكلها رئيس الجمهورية إلى موافقة مجلس الشعب (البرلمان) عليها. ويحقّ للبرلمان سحب الثقة من الحكومة في أي وقت، وفقا للدستور.
الحريّات المدنية
حريّة التعبير والإعلام والانتقاد والكتابة والفنون كلها مصونة ولا رقابة عليها. ولا يجوز فرض أي شكل من اشكال الرقابة على هذه الحريّة، ولا يمنع مواطن من المواطنين من حقه في القول والكتابة والفنون بكافة أشكالها. إن حرّية التعبير والديمقراطية صنوان، ولا يمكن الفكاك بينهما، وافتقار أحدهما يعني إلى حد كبير معاناة مريرة وإحساسا قويا بالفقر، والفقر هنا لا يعني نقص الموارد والمال بل هو متعلق بافتقاد الديمقراطية وبالتالي افتقار الأمن أيضا.
وترتبط حريّة التعبير ارتباطا وثيقا بحرية الحصول على المعلومة. في السويد على سبيل المثال، يحقَ لأي شخص يعيش في السويد سواء كان مواطنا سويديا أو أجنبيا أن يطلع علي أي وثيقة رسمية، وهو المبدأ الذي يحظى بأهمية خاصة لدي الإعلاميين والصحفيين علي وجه الخصوص. فعلي أساسه يقوم العمل الصحفي، فبناء علي المعلومات الصحيحة والمؤكدة التي يحصل عليها الصحفيون من الوثائق الرسمية يجري الصحفيون تقاريرهم وتحقيقاتهم الصحفية وغالبا ما يتيح لهم هذا القانون مساءلة الحكومة ورموزها علي صفحات الجرائد والبحث وراء ممارساتها وممارسات المؤسسات العامة ومدي شرعية استغلالها لصلاحياتها ونفوذها وهذا ما جعل صناعة الإعلام في السويد من بين أقوي الصناعات الاعلامية في العالم وعلي الأخص سوق الصحافة الذي يعد أيضا من أقوي الأسواق العالمية. فنسبة مقروئية الصحف في السويد مرتفعة للغاية حيث تبلغ 80% بين البالغين بينما يصل عدد الصحف هناك 160 صحيفة منها 93 صحيفة يومية، فبمقتضي قانوني حرية الصحافة وحرية التعبير في الدستور السويدي فإن كل مواطن سويدي له الحق في إصدار صحيفة وعليه تحمل مسئولية ما ينشر علي صفحاتها، فيما يبلغ عدد محطات التليفزيون 169 محطة كما تبلغ محطات الإذاعة 267 محطة إذاعية.
كافة الحريات المعتقدية والدينية والعبادات مصونة ومكفولة بما في ذلك اللااعتقاد. ولا يكون ثمّة دين أو معتقد أسمي من آخر، بغض النظر عن حجم معتنقيه. ولا يمكن لأيديولوجيا أن تطغى بقوّة الدستور أو القانون على غيرها. ويحقّ لأي فرد اعتناق أي مذهب ديني والارتداد عنه والانتقال إلى مذهب آخر دون خوف أو مساءلة.
تكون المناهج التعليمية والأكاديمية حرّة من أية أيديولوجيا دينية أو سياسية أو معتقدية. ولا تفرض أي أيديولوجية نفسها على الكتب المدرسية.
تكون حريّة الاجتماع والتظاهر والتجمّع الاحتجاج مكفولة ومصانة.
من حق المواطنين الانتظام في منظمّات غير حكومية، تكون مدنية أو جماعات ضغط أو مؤسسات فكرية، إلخ. وينظّم القانون عمل هذه المؤسسات بمرونة ومن دون أن يفرض عليها شروطا صعبة التحقيق. وتقدّم الدولة مساعدات مادية لهذه المنظمات.
يكون حقّ العمال والفلاحين غير منقوص في تشكيل نقاباتهم واتحاداتهم الحرّة. ولا تمارس السلطة التنفيذية أي سلطة أو تأثير سياسي على هذه النقابات، ولا يجوز ألحاقها بأي حزب سياسي كحال النقابات العمالية في دول الاتحاد السوفياتي السابق أو في سوريا تحت حكم الرئيس الأسد.
لا تقيّد الحكومة حركة الأفراد وحقّهم في التنقل والسفر والعمل والإقامة والملكيّة الخاصّة.
تكون المساواة بين الجنسين مطلقة ولا تنتقصها أية شروط أو ظروف خاصة، ويكون الأفراد أحرارا في اختيار أزواجهم وفي تحديد أو عدم تحديد نسلهم.
يمنع الاحتكار بكلّ أشكاله منعا تامّا ويعتبر معاديا للمواطنين وحريّاتهم الشخصيّة. على عكس ما قد يتبادر إلى الذهن، فإن الديمقراطية الحقّة تحرّم الاحتكار الاقتصادي وتؤكّد على أولوية المنافسة كقانون اقتصادي أساسي في السوق.